أفراد قليلة ممن بقوا من المعتصمين، وبعض المتطوعين، من أهالي منطقة رابعة العدوية أيديهم وملابسهم مسودة من الدماء، يتخبطون في الظلام، في محاولات نقل المصابين والجثث المتفحمة جراء النيران التي التهمت القاعات الملحقة بمسجد رابعة العدوية، وعلى رأسها المستشفى الميداني، بعد سيطرة قوات الأمن الكلية على محيط الاعتصام. "بتضحك! ربنا ينتقم منكم، ويحرق قلبك على عيالك.. حسبنا الله ونعم الوكيل"، هكذا صرخت إحدى السيدات بحرقة، وهي تنظر ليل الأربعاء الخميس لضابط قوات خاصة (داخلية) يقف بجوار مدرعته، ونظر إليها باسما، ردا على مناجاتها لله بالانتقام من القاتلين. وبحسب مراسل وكالة الأناضول للأنباء، استمرت عملية نقل المصابين والجثث من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، لأكثر من ثلاث ساعات كاملة من مساء ليلة أمس (الأربعاء - الخميس)، وعاونت خلالها بعض السيدات، الرجال القليلون المتواجدون، في محاولة إنقاذ الجثث المتفحمة من اندلاع النيران فيها، وإخراجها من خلال الممر الضيق ما بين المستشفى الميداني، ومدخل الاعتصام من ناحية شارع الطيران، وسط تأكيد شهود عيان من المعتصمين لحرق عشرات المصابين أحياء. وقام عدد من ضباط وأفراد الجيش بتفقد المكان، وسط دعاء المعتصمين عليهم، فيما اشبك احدهم مع مجند لتصويره الجثث المتفحمة بكاميرا فيديو، ووجه أحد المعتصمين حديثه للمجند قائلا: "بتصوروا جريمتكم، ربنا ينتقم منكم"، وما كان رد المجند إلا: "إحنا مالنا دخل، دي (هذه) تعليمات!". وتطوع عدد من أهالي المعتصمين والمنطقة، في نقل المئات من المصابين والجثث، والتي امتلئ بهم مدخل شارع أحمد حسني بمدينة نصر، قرب ميدان رابعة، في انتظار من ينقلهم إلى أقرب مستشفى أو مشرحة، وسط غياب تام لسيارات الإسعاف. وزاحم المصابين الجثث المتفحمة الشارع في حلاك الظلام – بعد قطع النور عن المربع السكني المحيط للاعتصام بالكامل طوال اليوم - وخرج بعضهم "شبه عاري"، ومنهم من كانت إصابته خطيرة، ومعلق له المحاليل، في انتظار دورهم بعد تسخير بعض الأهالي والمتطوعين لسياراتهم الخاصة لنقلهم. ونقلت دفعات كبيرة من الجثث والمصابين إلى مسجد الإيمان بمكرم عبيد – والذي اكتظ بالمئات منهم – بعد تردد أنباء عن اعتقال الشرطة للمصابين بعد علاجهم بمستشفى التأمين الصحي بالحي السابع القريبة من محيط الاعتصام. وفي مسجد الإيمان، امتلئت الساحة بمئات الجثث، منها المتفحمة كلية، والمهترئة تماما، جراء الانفجار الذي حدث بالمستشفى الميداني، والذي أكد شهود عيان من المعتصمين أنه حدث بسبب إطلاق وابل من رصاص الرشاشات الآلية من قبل قوات الأمن المقتحمة للاعتصام "بهدف إحراقها بمن فيها". نقلاً عن وكالة الأناضول