يمر الصراع بين الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي، والرئيس السابق علي عبدالله صالح، في مرحلة تكاد تكون فاصلة، ينظر إليها الأخير باعتبارها مصيرية. الصراع المستمر يدور حول منصب رئيس المؤتمر الشعبي العام الذي يمسك به صالح من تأسس الحزب عام 82م. في كل مرة تشتد صراعات علي صالح، وخصومه يعود للعبته المفضلة في تفعيل أوراقه المدخرة غير مبال بنفادها. ومقابل الضغوط التي مارسها هادي على صالح في طريق سعيه لتنحية الأخير من رئاسة الحزب، تبدلت موازين المعركة، توجه الصراع نحو منصب هادي في حزب المؤتمر، لوح صالح بإبعاد هادي من منصبه كنائب أول لرئيس الحزب وأمينه العام. لجأ صالح إلى التلويح باستبدال هادي بالدكتور علي مجور، عضو اللجنة العامة للمؤتمر، استدعاه من محل إقامته في الخارج لحضور اجتماعات عامة المؤتمر (المكتب السياسي) برئاسة صالح، كورقة ضغط على هادي. في آخر اجتماع لها أقرت اللجنة الدائمة للمؤتمر (7 ديسمبر 2011م) ترشيح هادي لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 فبراير 2012م، وخرج الاجتماع باتفاق على ترشيح علي محمد مجور، لمنصب الأمين العام للحزب، واستكمال إجراءات انتخابه في دورة موسعة كان يفترض أن تضم اللجنة الدائمة واللجان الدائمة الفرعية في فبراير 2012 إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم. ورث هادي منصب الأمين العام عن سلفه الدكتور عبدالقادر باجمال، وانتخبته اللجنة الدائمة (12نوفمبر 2008) نائبا لرئيس الحزب. حاول هادي إزاحة مجور من طريقه باعتباره أقوى المرشحين، وأصدر (الأربعاء 29 أغسطس 2012) قراراً بتعيين علي مجور، سفيراً ومندوباً دائماً لليمن لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف. لكن صالح نجح في إعادة الرجل واستخدامه كواحدة من أوراق الحزب التي لا تزال في قبضته. جاء رد هادي سريعا عبر صحيفة "الثورة"، أشهر الصحف الحكومية، بهجوم مبطن حملته صفحتها الأخيرة على مجور. من بين ما قالته: "قالت: لوحظ في الفترة الماضية مشاركة بعض أعضاء السلك الدبلوماسي بالخارج في اجتماعات حزبية مع أن قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية في مادته العاشرة يحظر على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي أثناء فترة عملهم في البعثات اليمنية في الخارج". مجور، المولود بمحافظة شبوة (جنوب) عام 1953م، هو آخر رئيس حكومة في عهد صالح، تولى رئاسة الوزراء خلال (31 مارس 2007 – 28 نوفمبر 2011م)، تقلد قبل ذلك عدد من المناصب الحكومية والعلمية. يعد مجور أحد القيادات الجنوبية في حزب المؤتمر، وواحد من رموز ما يعرف بتيار "دحابشة الجنوب" الموالية لعلي صالح –حتى اليوم على الأقل-، لقد كان انتمائه الجغرافي أهم أسباب لجوء صالح إليه، مع الاعتبار لمنصبه داخل الحزب والمناصب الرفيعة التي تقلدها. تلويح صالح بتنصيب مجور، وهو شخصية جنوبية، مكان رئيس "جنوبي"، داخل الحزب، أعقبه ذهاب صالح إلى أبعد من ذلك، عبر التلويح بإدراج اسم مجور على رأس قائمة خمسة أسماء من الجنوب مرشحة لأن تكون مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة، تعدى الصراع البيت المؤتمري إلى منصب رئيس الجمهورية. في الزاوية الأخرى، تضم اللجنة العامة للمؤتمر عدد من القيادات الجنوبية، التي تظهر إلى جوار صالح في الاجتماعات المكثفة. من بين تلك القيادات: وزير الإتصالات الأمين العام المساعد للمؤتمر، أحمد عبيد بن دغر، وهو أحد أبناء محافظة حضرموت. نادرا ما يغيب بن دغر عن تلك الاجتماعات، ومع كونه أحد وزراء حكومة الوفاق إلا أنه لا يزال مواليا لصالح، لكنه بالمقابل يبقي شعرة معاوية مع الرئيس هادي قائمة. في آخر تصريحاته، قال بن دغر إن المؤتمر "ظل عصياً على محاولات العودة به إلى الوراء، رغم ما تعرض له إلا أن ذلك لم يؤثر فيه، والذين راهنوا على أن المؤتمر الشعبي العام تراجع دوره خلال السنتين الماضيتين، أعتقد أنهم قد أدركوا الآن أنه عصي على أي محاولة لإعادته إلى الوراء". وفي إشارة إلى خوض المؤتمر للإنتخابات القادمة قال الوزير بن دغر "المؤتمر سيثبت خلال الانتخابات القادمة انه الحزب الأول وسيخوض كل التجارب السياسية والتجربة السياسية القادمة في انتخابات 2014م". وشهدت الاجتماعات الأخيرة للجنة العامة حضور عضو اللجنة وزير التعليم العالي المستقيل الدكتور يحيى الشعيبي، وهو أحد أبناء محافظة الضالع، إنه أول وزير يستقيل من الحكومة في عهد هادي. مجور وبن دغر والشعيبي، حضروا اجتماع اللجنة العامة التي أعلن فيها حزب المؤتمر رفضه التمديد للمرحلة الانتقالية وبالتالي التمديد للرئيس هادي. يتعمد صالح الظهور وبجواره القيادات الجنوبية التي يفترض أن تكون إلى جوار هادي. من بين القيادات الجنوبية في عامة المؤتمر المستشار السياسي لرئيس الجمهورية رئيس الدائرة السياسية للمؤتمر عبدالله أحمد غانم، وهو أحد أبناء محافظة عدن، لكنه لم يسجل أي حضور خلال الفترة الماضية، على المستوى الإعلامي أو المشاركة في تلك الاجتماعات. في الصور حسب الترتيب: مجور.. بن دغر.. غانم.. يحيى الشعيبي *المادة خاصة بموقع الأهالي نت وصحيفة الأهالي