التفاؤل صفة جميلة تجعلنا نتشبث بالأمل حتى لو كان أملاً ضعيفاً واهياً يقف على قدميه بصعوبة بالغة، فدعونا نتفاءل ولا تحرمونا من الخيط الرفيع والوحيد الذي يفرقنا من حرب أهلية طاحنة تؤتي على ما تبقى من وطن يريدون أن يقسموه إلى قطعتين أو ثلاثة أو خمسة قطع لا لشيء إلا ليرضوا غرورهم وأطماعهم الشخصية البحتة ففي الوطن الموحد القوي لليمن الجديد ليس هناك أمل أو فرصة في منصب مرموق لأصحاب المؤهلات المتواضعة أو المنعدمة فلا بد من التقسيم لتزيد فرص أصحاب النفوس الضعيفة والمصالح الضيقة في النهب أو الاستئثار بالأموال أو المناصب في الإقليمين الضعيفين أو الخمسة الأضعف، فالدولة الموحدة حالياً تعاني من مشاكل جمة تتمثل في ضعف شديد لجيش الدولة وأمنها وتعاني من أخطار وتهديدات حقيقية في محافظات الشمال والجنوب والشرق والوسط بل في كل شبر من مناطق اليمن. دعونا نتفاءل بمخرجات الحوار حتى يكتب له النجاح الذي تهدد أطرافا فاعلة فيه بالانسحاب منه كل يوم ابتداء من ممثلي حزب المؤتمر الذي كانت فترة حكمه لليمن والتي امتدت إلى ثلث قرن كارثية بكل ما تعني الكلمة من معنى رغم ذلك لا يريد الحزب أن يصحح مساره وينقى صفوفه بل على العكس تماماً فما زال الحزب يتمسك بقياداته الفاسدة صاحبة الكوارث للدولة ليس لسبب إلا لأن الحزب يضم بين جنباته جهابذة الفساد على مستوى الجمهورية اليمنية وأي مساس بقيادة الفساد سينالهم بدون أدنى شك نصيباً منه. وهناك ممثلي الجنوب في الحوار الذين يعانون من عدم اتفاق فيما بينهم وتشرذم لا تجده في أي مكون آخر وأكثرهم اعتدالاً ووطنية ممثلي الحزب الاشتراكي. وجماعة الحوثي منذ دخولهم إلى مؤتمر الحوار فهم يختلقون المشاكل داخل المؤتمر وخارجه وبتنسيق كامل مع (فلول) النظام السابق مع العلم أن العديد من المراقبين السياسيين غير مقتنعين بكلمة فلول كون النظام القديم لم يتغير منه شيء بل البعض يقول بأنه ما زال يحكم وما زال بيده الملك والثروة والسلاح الأكثر تطوراً من سلاح الدولة نفسها. دعونا نتفاءل على الرغم من الوضع الأمني المنهار الذي وصل لأسوأ مراحله في كافة المحافظات وعلى وجه الخصوص العاصمة صنعاء التي لا يوجد فيها شخص آمن وأصبح المواطن يخشى على نفسه في أي مكان يذهب إليه ناهيك عن التنقل من محافظة إلى أخرى بل أن هناك بعض المحافظات لا يمكن أن تدخلها من كثرة التقطعات القبلية والحروب بين جماعة الحوثي وبقايا النظام السابق والقاعدة من جهة والقبائل من الجهة الأخرى والجيش في الغالب يتفرج ويتدخل أحياناً لفض اشتباك أو ليبعدهم من باب معسكره ليتقاتلوا بعيداً عنه.. وهذا ما يحدث فعلاً في محافظات صعدة والبيضاء وتعز وإب وصنعاء وأبين وحضرموت وشبوة وحجة والجوف ومأرب وعمران، يعني أكثر من نصف المحافظات تعاني من حروب وتقطعات وعدم استقرار. دعونا نتفاءل من داخل المدن التي يلف الظلام طرقاتها وحواريها ومنازلها نتيجة عجز الدولة في الإيقاع بالمخربين أو الضرب بيد من حديد والقبض عليهم وإيصالهم ليد العدالة لينالوا جزائهم وأقصى ما تقوم به الدولة هو رفع أسماء مفجري أبراج الكهرباء وأنابيب النفط للشعب ولا ندري لماذا يتم ذلك فهل تتوقع الدولة من المواطنين أن يقوموا بالقبض على المخربين ومحاكمتهم؟ لقد أصبح معلوماً للجميع أن هناك أطرافاً في الدولة نفسها من بقايا النظام السابق ما زال لديها نفوذ في الجيش والأمن يساندوا المخربين للقيام بهذه العمليات الإجرامية وتقف القيادة السياسية متفرجة أو في أحسن الأحوال تقوم بإطلاق تصريحات نارية تزيد الأمر سوءاً. دعونا نتفاءل ونحن نرى نصف الشعب عاطل عن العمل يدفعون إلى الهجرة إلى معظم دول العالم حتى أن معظم الكفاءات في مؤسسات الدولة المختلفة قد وجدت فرص عمل أو هجرة إلى أمريكا وكندا واستراليا ودول الخليج وبقية الكفاءات ما زالت تبحث عن مصدر رزق أو عن وطن بديل آمن خالي من القاعدة والحوثي وبقايا المخلوع ولا تنقطع فيه الكهرباء والمياه أو ينعدم فيه البترول أو الخدمات الأساسية الأخرى من مجاري وشوارع وطرقات آمنة والأهم من هذا كله أن هذه الكفاءات خرجت للبحث عن وطن يحقق لهم الأمن العدل والكرامة. دعونا نتفاءل ونحن نرى الأممالمتحدة ومجلس الأمن يساندا خارطة الطريق التي وضعتها دول مجلس التعاون الخليجي باسم المبادرة الخليجية على الرغم من تحفظنا على دور مجلس الأمن الذي تحركه أمريكا وإسرائيل ودعونا نتعظ من تجارب الأممالمتحدة في المشاكل التي تدخلت لحلها وغالبا ما ينتهي هذا الدور بتقسيم الدول بحسب مبدأ حل الدولتين ورأينا ذلك جلياً في البوسنا والهرسك التي تم سلخها من يوغسلافيا السابقة وكوسوفا التي تم سلخها من صربيا وجنوب السودان تم سلخه من السودان الأم وجاري العمل لانفصال إقليم دارفور واريتريا تم سلخها من أثيوبيا والصومال تم تقسيمه إلى شمال وجنوب. وهناك دول وضعت لها مخططات التقسيم وجاري العمل لتنفيذها كما أعلن أحد سفراء أمريكا ويشمل المخطط مصر والسعودية واليمن والمغرب. السؤال الآخر هو متى نتفاءل؟ وهذا موضوع آخر سأفرد له مقالة أخرى.