تشكلت ما يشبه «وحدة تسريبات» داخل القصر الجمهوري، ممن هم حول الرئيس اليمني. لا يمكن الجزم بوجودها على أرض الواقع. إنما بحسن نية أو بغيرها راحت تنقل أخبار الرئيس. في الآونة الأخيرة «تنفرد» صحف محلية بنشر بعض مكالمات الرئيس هادي مع بعض القوى، قد يصل بها الأمر إلى وصف كيف وضع الرئيس هادي سماعة الهاتف "بتشنج" عقب المكالمة!. لا علاقة بصيغ الانفراد هذه، بسياسة مايسمى "زراعة المصادر". إجادة الأدوار حتمت الانتقال إلى صنع البطولة. مؤخرًا؛ بدت الشائعات تسري، والمعلومات تتداول، كلها تنصب في اتجاه الخلاف بين السعودية والرئيس اليمني. اقتصرت التأويلات الموضوعة على هامش المعلومات المسربة، على أن المشكلة تكمن في الاتجاه الذي انتهجه الرئيس مؤخرًا: «التنقيب عن النفط»، استخلاص ما في جوف الأرض لإخراج اليمنيين من مشاق التعب وبؤس الحياة اليومية. هل بالفعل يمك أن يكون ذلك؟ السعودية لايهمها إلا السعودية، ولايمكن إغاظتها بمثل هكذا مشاريع "ظاهريًا على الأقل". الحدود مرسمة ومن حق أي دولة أن تنقب عن ثرواتها داخل أراضيها. من منطلق كهذا؛ فالمملكة ليست حانقةً من هادي لهذا السبب. أو قد لايمكن أن يكون هذا هو السبب الرئيس. محاولة ربط الخلافات الدبلوماسية بين قصر صنعاء وديوان الرياض بالتنقيب عن النفط، ليس سوى صنفًا من صنوف ادعاءات البطولة لكسب ود الرأي العام كما يبدو. هنالك أسباب شبه خفية لعدم رضا المملكة عن هادي، عل أبرزها: شعور السعودية بأن الرئيس الانتقالي شب عن طوقها، واستطاع أن يفتح القنوات الدبلوماسية مع أمريكا دون الحاجة إلى السعودية كقناة وسيطة كما كانت إبان الرئيس السابق علي صالح. يمكن الاستعانة بشاهد واحد لإثبات ذلك، كالاتفاق مع أمريكا على فتح الأجواء اليمنية للطيران لضرب أهداف محددة وإن لم تصب أهدافها، أو حتى إن أمطرت رسل السماء الآلية صواريخها على المدنيين. أما السبب الأبرز؛ استشعار خطر المملكة من تمدد الحوثي جغرافياً، ففي عهده استطاعت جماعة الحوثي بالتوسع في مناطق شتى، ولم يقم الرئيس هادي بكبح جماع شهوة التوسع لدى الجماعة المسلحة المتمركزة في شمال الشمال. وأغلب مناطق التوسع محاددة للسعودية، ماولد الامتعاض لدى سلطات السعودية تحديدًا؛ التمدد في محافظة الجوف خصوصًا المناطق المتاخمة لإسماعلية نجران. في الواقع تخشى المملكة من التقارب الجغرافي للحوثي مع نجران. فمن المعروف أن الطائفة الاسماعلية تسيطر "جوهريًا" على هذه المنطقة، وإن استطاع الحوثي أن يبرم تحالفًا بصبغة دينية ستتشكل دولة مذهبية من شمال الشمال في اليمن وجنوب المملكة، بالرغم من استطاعته من خلق تعاطف هناك. وهو مايعني أن القوة ستتعاظم في مواجهة الديوان المتصدع. ثمة مؤثرات خارجية ضربت جذور الدبلوماسية السعودية، لايمكن إغفالها في هذا الصدد، الضربة القاصمة تجلت في الإعلان الرسمي عن توافق المصالح بين أمريكاوإيران. عودة مياه المصالح إلى مجاريها أضاعت بوصلة دبلوماسيو الديوان الملكي، جعلت مستقبله قاتمًا، لأنها تنظر إلى إيران على أنها المنازع لزعامة المنطقة وإن توحدتا إلى حدٍ كبير في الموقف المصري. بالعودة إلى أصل الموضوع، قبل أسابيع التقى صالح هبرة بالسفير السعودي في صنعاء، الأسبوع الفائت تحدثت الجارديان البريطانية عن التقاء جمع رئيس المكتب السياسي لعبدالملك الحوثي برئيس المخابرات السعودية، الناطق باسم الحوثيين قال هو الآخر: "موقف السعودية من حرب دماج جيد". التناقضات الأخيرة في موقف المملكة ليست بحاجة إلى تفصيل؛ لاذت السعودية إلى الحنق من هادي تحت ضغوطات "السيكولوجيا السياسية" واتجاهها للحوثي هو محاولة لإغاظة قصر صنعاء. تفعل ذلك من باب: "داويني بالتي كانت هي الداءُ". ووسط كل الشواهد، ينبعث استفسارًا وجيهًا: ماهي الاستفادة من ادعاءات البطولة بشأن خلاف السعودية وهادي، ولماذا تحرف الأسباب!؟