تدهور الأوضاع بعد الثورة، والضريبة التي يدفعها الثوار قبل غيرهم، لا تخدم فقط علي عبدالله صالح ونزواته السلطوية، فهي ربما تخدم هادي أكثر من غيره. علي صالح ومعركته مع الثورة مهما طالت أو عظمت، فهي مرتبطة بماضٍ يتمسك فيه بتصفية حسابات وانتقام. يبحث عن رد اعتبار من خلال تخريب يبرهن فيه أن عهده كان الأفضل. يحلم ربما بالعودة، أو يوهم الآخرين بها، خوفاً من سقوط قناع الزعامة عنه. بالنسبة لهادي؛ الأمر يتعلق بالمستقبل، أحداث ما بعد الثورة بكل تعقيداتها وصعوبتها، أسفرت عن خلق خطر حقيقي يفوق مجريات الأحداث والتحديات المتعلقة بوضع البلد سواء كانت اقتصادية أو أمنية. الخطر هذا يهدف الى ترويع الفكر الإنساني من فكرة التغيير، وتكبيله بالخوف والقلق من المجهول. فيه تخليد لصورة المعاناة في ذهن الفرد، وبث اليأس من إمكانية وجود الأفضل. يهدف إلى ترسيخ انعدام الثقة في الجميع، فلا يبقى شيء يمكن أن يعول عليه. كل هذا يزيح خيار حتى التفكير في الثورة، ويتحول التغيير إلى لعنة يتحاشاها الناس، إلى أن تمحى من ذاكرة الأجيال التي عاشت الأحداث، والأجيال التي ستتحمل تبعياتها. وهذا يمنح هادي حكماً طويل العمر قد يصل الى توريث. بين ماضي صالح ومستقبل هادي، يركض الشعب ذهاباً وإياباً، بحثاً عن حياة. يقدمون لهم دنياهم قرابين ليحصلوا منهم على سبل الهلاك.