منذ عشرات السنين ورغم التطورات التكنولوجية ووسائل التوقيت الحديثة لا يزال "مدفع رمضان" واحد من تقاليد شهر رمضان في اليمن. على قمة جبل "نقم" شرق العاصمة يقبع المدفع القديم «برق لاح» منذ وجود العثمانيين في اليمن، هذه التسمية التركية لمدفع رمضان الذي اقترن منذ عام 1897 بشهر رمضان واعتمد عليه أبناء صنعاء ومحافظات أخرى في معرفة أوقات الفطور والسحور. جاءت فكرة المدفع مع الأتراك عندما تواجدهم في اليمن ومعهم مدافعهم العملاقة، كانت هناك حاجة لمعرفة الوقت مع غياب أجهزة تكبير الصوت والساعات ووسائل الاتصال الحديثة. يستخدم المدفع لإعلام الصائمين بموعد الإفطار والسحور وأذان الفجر وقدوم شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى. يُطلق المدفع العثماني طلقات مدوية في تلك الأوقات. في اليمن حوالي 200 مدفع عثماني في العديد من المحافظات، منها: مدافع المتراليوز، والمدافع المحتوية على البطاريات، ومن أسمائها "المانتل" و"الجنبر"، و"الهاون"، و"عادي جبل"، الذي كانوا يلقبونه ب"البسباس" و"الأبوس" و"السريع العثماني" و"السريع المتوكلي"، بحسب مصادر تاريخية. مدافع تحولت إلى تراث وارتبطت بالعادات والتقاليد، تم صيانة تلك المدافع وتوزيعها على المدن، بينها مدفع عدن الذي كان قد توقف لفترة طويلة. بداية التقليد كانت في صنعاء التي احتفظت بثلاثة مدافع لم يبق منها سوى مدفع جبل نقم؛ ثم انتشرت في تعز والحديدة وبيت الفقيه وعمران. قبل سنوات صدرت توجيهات بدخول مدفع رمضان الخدمة الفعلية في كل مناطق البلاد، وجهزّت وزارة الدفاع ما لا يقل عن 105 مدافع يعود عمرها إلى بداية عام 1900م، وإعادة تأهيلها للاستخدام في رمضان بواقع خمسة مدافع لكل محافظة. أخرجت المدافع العثمانية من ساحات المتاحف وأعيدت إلى أماكنها الطبيعية بعد 466 عاما من تاريخ اليمن وتحديدا منذ بداية عهد اليمن العسكري بالمدافع. تشغيل المدفع يتم عن طريق وضع بارود في خمسة أكياس قماش بعبوة حجمها يتراوح بين 200و500جرام، يضغط عليها من فوهة المدفع بعمود خشبي طوله متر ونصف وبعدها توضع قطع من القماش الخشن وأخرى مملوءة بالطين الطري ثم يشعل الفتيل من الأعلى. يشير التاريخ إلى أن المسلمين – في شهر رمضان - كانوا أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم، وعندما بدأ استخدام الأذان اشتهر بلال وابن أم مكتوم بأدائه. وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ – ومع زيادة الرقعة المكانية وانتشار الإسلام – أن يبتكروا الوسائل المختلفة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود.