الحكومة الجديدة قدمت يوم الأحد في مجلس النواب خطط عملها، فهل كان برنامج مدروس بمقياس المشاريع و الخطط المتعارف عليها عالميا، تستطيع الحكومة به ان تنتشل اليمن مما هي فيه، ام غلب عليه العبثية ايضاً؟ و هذه ملاحظاتي بعد ان طلب مني الاخوة ذلك. اولاً: المقدمة كانت عبارة عن حائط مبكى نندب وضعنا و ما وصلنا اليه و الذي نعرفه جيدا فلم يكن هناك داعي للتذكير به في 4 صفحات لاسيما و الجميع يريد حلول عبر اهداف بسيطة و واضحة التحقيق، و التي لم تحدد في البرنامج المطروح . ثانياً: تقسيم البرنامج لاهداف وفق المستوى التنظيمي كان يجب تقسيمه الى اهداف استراتجية اى اهداف مستقبلية عريضة مرتبطة بالدولة ككل، توضع من قبل القيادة العليا فيها و اهداف تكتيكية مشتقة من الاهداف الاستراتيجية و تترجم بعبارات قابلة للقياس بالكيفية و الكمية و الزمن، توضح مثلاً مايجب القيام به لإنجاز الاهداف الاستراتجية، و التي كان يجب ان توضع من قبل الحكومة و ليس من طرف اخر، و اهداف تشغيلية مشتقة من الاهداف التكتيكية تتعلق بفترات قصيرة الاجل تعبر عن نتائج محدودة و قابلة للقياس توضع من قبل الوزارات و الادارات العامة فيها. كل هذا لم يكون واضح بمفهوم اداري في اكثر من 29 صفحة، و ذلك متعارف عليه من قواعد التخطيط العلمي الصحيح. ثالثاً: كان يجب ان يتم تصنيف الاهداف وفق مدى زمني تسمى قصيرة الاجل و هي سنة او اقل، و متوسطة الاجل سنة الى ثلاث، و طويلة الاجل و هى اكثر من خمس سنوات، و التي يغلب عليها العمومية من حكومة تسمي حكومة كفاءات لاسيما و هم كان يجب ان يدركون انه عندما يتم تقسيم الخطة الحكومية حسب ذلك نستطيع ان نحسن مستوى الاداء، نستطيع توضيح النتائج المتوقعة، و نستطيع نساعد في الرقابة و بالاضافة زيادة الدافعية نتيجة انجاز الاهداف. و هذا ايضا لم يذكر و انما اعتمد العرض على ان الفترة الزمنية لها "كحكومة" غير منتهية. رابعاً: اما عن كيفية وضع خطط الحكومة مع اهدافها كنت انتظر ان نعرف انها تبدأ من القمة الى القاعدة و تحمل في طيتها تسلسل عبر وسائل و نهايات كما هو متعارف في الادارة. فمثلا اهداف المستوى الاشرافي و الاداري يمكن ان يكون هنا بمثابة وسائل لانجاز اهداف الحكومة، و التي تعتبر نهايات. اما عن خصائص الاهداف الفاعلة فهي يجب ان تكون مثيرة لتحدي و قابلة للتحقيق و قابلة للقياس . و هذا البرنامج يحتوي على صيغ غير واقعية و لا يمكن ان تتحقق لاسيما و كان اجدر اختصار الامر على محورين و هما الامن و الاقتصاد في الفترة القادمة، و لا داعي للحشو الباقي. خامساً: كان يجب تقسيم الخطط وفق اربعة ابعاد و هي الزمن و المستوى الادارت العليا و الوسطى و الدنيا، و المدى او النطاق "استرتجية، تكتيكية، تشغيلية"، و الاستخدام "خطط لمرة واحدة، خطط مستمرة"، و التي كانت في البرنامج سطحية و تبدو للكثير مثل المعكرونة لا تستطيع ان تفصلها. و كنت انتظر ان تدرك الحكومة ان خطوات عملية التخطيط يجب ان تحتوى على تحديد الاهداف، و تحديد الموقف الحالي و الاخطار ، و وضع الافتراضيات بشأن الضروف المستقبلية، و تحديد البدائل و اختيار بينها ،و التنفيذ و تقييم النتائج. و هذا الباب ظل عائم لدرجة لن تستطيع السلطة التشريعية و لا حتى الأممالمتحدة ان تحاسبها بذلك، حتى وان ظلت عشر سنوات. سادساَ: النقاط المفصلة تحت المحور الأول "الأولويات الهامة و عاجلة التنفيذ" مثل تصحيح الأوضاع الأمنية و استعادة هيبة الدولة و الإعداد لمعالجة القضية الجنوبية و قضية صعدة و تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لم تقول لنا، كيف؟ و متى؟ و بماذا؟، و انما ورد الامر تحت "سيتم تنفيذها خلال الأشهر الأولى من بداية عملها" ، و الذي يعكس الامر مجرد كلام انشائي و غير واقعي و مخجل ان تقول حكومة كفاءات انها في اشهر سوف تحل ذلك، لاسيما و هم قد انفقوا اكثر من 6 اسابيع في اعداد هذا البرنامج الإنشائي، الذي نسمعه منذ عقود، فمابلكم في محاور عدة كما ورد. سابعاً: ورد في المحور الثاني العدالة و الأمن 9 نقط ايضاً ببرنامج زمني طويل الامد لا يمكن لحكومة طوارئ ان تنفيذه في سنة او سنتين و هذا المحور يتعامل مع الشعب على اساس ان الحكومة الحالية سوف تظل الى الابد، مثلما يتعامل الرئيس هادي مع الفترة الانتقالية و كذلك بقية المحاور. و مختصر الامر استطيع ان اقول ان الحكومة قدمت خطط عملها، و التي كان يمكن تسميتها براءه ذمة او ورقة رغبة و ليس برنامج حكومة، و التى صيغت باسلوب يفتقر الى التخطيط و الادارة من حكومة كفاءات، و حتى الاهداف فيها فضفاضة تعتمد الكلام الانشائي و لا تعتمد الاسس العلمية و كثير منها يدخل في باب "سوف نعمل" و" نامل" و"نتمنى" و"ننتظر" و"بتكاتف" و كل مصطلاحات الاستجداء. حتى عملها مربوط في الخارج و ما سوف يجدون به و الاسترزاق باسم مكافحة الارهاب. و الغريب هو التجهيز النفسي ايضا للفشل في العرض امام المجلس مثل من باب نجاح الحكومة معتمد على "تكاتف الجميع" و "العمل معها" و "الدعم من الخارج" و "التنفيذ الممكن"، و النتيجة حتما تميع القدرة على الانجاز و المحاسبة. و البرنامج لا يختلف كثير عن نصوص مخرجات الحوار الوطني و اتفاق السلم و الشراكة و برنامج الحكومة السابقة، التي لم يتحقق منهما بند واحد باسلوب صحيح، و لم نستطيع ان نحاسبها. و في النهاية لن يصلح حال اليمن لاسيما و نحن نخطط بإسلوب عائم كالأماني و الرغبات و التنفيذ الممكن، و لن يصلح حال اليمن بصريح العبارة إلا بإغلاق المرحلة الانتقالية العبثية باستحقاقات انتخابية سريعة و تغيير فكري في منظومة الدولة. فادارة الدولة من الداخل و الخارج و الغرف الجانبية بإسلوب عائم غير واضح الهدف هم السبب في كل ما وصلت البلد اليه من انهيار اضاعت الحاضر، و الخوف بستمرارها تحت نفس النسق مع وجود اطراف جديدة في الساحة ان نخسر المستقبل ارضاً و انساناً ايضاً، و باسرع مما نتصور. لذلك يجب ان يفهم الجميع ان الفترة الانتقالية لن تكون الى ما لانهاية ورحم الله قوما عرفوا قدرهم. و حتى لا نكون مجحفين بالكلام حول انجاز الحكومات السابقة يظل هناك باب واحد للانجاز نفتخر به ، و هو تغيير الاجازات من الخميس الى السبت في الحكومة السابقة و اعادته مرة ثانية الى الخميس في هذه الحكومة و لو شدت الحكومة في تخطيطها مع اطراف الصراع في الساحة كمان شوى، ممكن ننجز بقية ايام الاسبوع اجازة ايضاً للشعب اليمني.!!!!!