تتفاوت الآثار المترتبة على تراجع أسعار النفط عالمياً من بلد إلى آخر. وبحسب خبراء فالهبوط الحاد لأسعار النفط، يبدو نعمة للبلدان الرئيسة المستهلكة للنفط، في وقت تجددت فيه المخاوف بشأن النمو الاقتصادي، لكنه قد يكون نقمة للبلدان المنتجة التي لا تملك أكبر كمية من الاحتياطي. بلادنا تبدو من الدول التي سينعكس الانخفاض عليها سلبياً بشكل كبير، خصوصاً مع الانخفاض المستمر من كمية الإنتاج كون بلادنا لا تتجاوز صادراتها النفطية مليوني برميل بالشهر، إلى جانب اعتماد الموازنة بشكل كبير على صادرات النفط. فقدت بلادنا 45% من عائداتها المالية خلال الأشهر الأخيرة مقابل عائداتها مطلع العام الجاري، وفيما كان سعر البرميل بسعر برنت يصل 110 دولار للبرميل الواحد مطلع العام الجاري انخفض إلى ما دون ال 70 دولار في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي كانت اليمن حددت سعر البرميل النفط الواحد ب(75$)، تراجع فيه سعر النفط على المستوى العالمي ووصل إلى (46$) للبرميل الواحد، وإذا كان إنتاج اليمن من النفط في اليوم الواحد يصل إلى مئة ألف برميل في المتوسط، وهذا يعني أن اليمن يخسر ما قيمته (29$) في البرميل الواحد، ما يعني أن خسارة اليمن تصل إلى (290000$). وتجاوباً مع الانخفاضات العالمية لأسعار النفط الخام لم تتجاوز عائدات اليمن من النفط مبيعات 1.33 مليون برميل نفط خام في أكتوبر ال 115 مليون برميل مقابل ارتفاع فاتورة مشترياتها من النفط الخام من الأسواق الخارجية في ذات الشهر لسد الاحتياج المحلي إلى 140.6 مليون دولار بزيادة 25.6 مليون دولار لترتفع فاتورة مشتريات الحكومة اليمنية من النفط الخام من الأسواق الخارجية إلى مليار و771 مليون دولار خلال العشرة الأشهر الماضية من العام الجاري. عجز الموازنة الخبير في مجال النفط الدكتور سعيد عبد المؤمن، يجمل في تصريح ل"الأهالي" هذه التأثيرات بقوله أن النفط والغاز في اليمن يمثل موردا اقتصاديا هاما وخاصة بعد الوحدة حيث تدفقت الكميات بشكل تجاري من أكثر من محافظة ومع عودة المغتربين وانقطاع المساعدات بعد عام 1994م، الأمر الذي يجعل الاقتصاد الوطني رهينا لمورد واحد، وقد وصل الأمر إلى أن بلغ ما يقارب ثلث الناتج القومي و70% من موارد الحكومة. ويضيف: وما يضاعف حالة القلق في الوضع حاليا هو انخفاض أسعار البترول إلى ما يقارب النصف وعزوف المانحين عن تقديم المساعدات في ظل الظروف الحالية وعدم الاستقرار واستمرار ضرب أنابيب النفط وتوقيف الانتاج والاعتداء على منشآتالنفط واختطاف الأجانب وهو ما قد يجعل الدولة عاجزة عن سداد التزاماتها من رواتب ومصاريف تشغيلية وسداد ديون وفوائد قروض كما أن الأزمة قد تمتد إلى ضعف القدرة على توفير المشتقات النفطية والمواد الغذائية، وهو ما قد يهدد الأمن والاستقرار في اليمن ويزيد وضع الدولة سوءاً. حد قوله. إلى ذلك قال خبراء أن التراجع العالمي لأسعار النفط سيكون بمثابة القشة التي ستقسم ظهر الاقتصاد الوطني الذي يعاني من مشاكل كبيرة ومركبة، ويأتي تراجع إنتاج النفط الخام على رأس هذه الصعوبات، فالإيرادات النفطية المصدر الرئيس لرفد الخزينة العامة. كشف تقرير التطورات المصرفية الصادر عن البنك المركزي اليمني الأحد تراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 4.9 مليار دولار في أكتوبر تشرين الأول مسجلة أدنى مستوياتها منذ يونيو حزيران مع تراجع صادرات النفط وهو ما يهدد الأوضاع المالية الهشة للبلاد. وهبطت احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي في أكتوبر إلى ما يغطي واردات نحو 4.7 شهر من 4.8 شهر في سبتمبر أيلول. وتتضمن الاحتياطيات قرضا بقيمة مليار دولار من السعودية قدمته لصنعاء في 2012. نضوب وانخفاض إلى جانب تراجع أسعار النفط عالميا وتأثيره على إيرادات بلادنا من النفط يعاني الاقتصاد من انخفاض في الإنتاج ويتجه النفط الخام نحو النضوب. فهناك انخفاض مستمر وحاد في حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام التي تراجعت من 102 مليون برميل عام 2000م إلى حوالي 85.7 مليون برميل عام 2006م ثم إلى حوالي 60 مليون برميل عام 2010م و50 مليون برميل في 2013م. وفي ضوء الاحتياطي المثبت، يتوقع أن يستمر مسار الانخفاض مستقبلاً مما يمثل تهديد قاتل لاستدامة الموارد العامة كما سيكون له انعكاس سلبي على الاستقرار المالي، ومثالاً على ذلك، خسارة الموازنة لحوالي نصف الإيرادات النفطية عام 2009م بسبب أثر الأزمة المالية العالمية على أسعار النفط الخام، مما أجبر الحكومة على خفض بعض بنود الإنفاق العام في الموازنة، وأدى لتصاعد عجز الموازنة العامة لرقم قياسي بلغ 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي. انخفاض مستمر نقل عن الرئيس التنفيذي لشركة "لوك أويل" النفطية الروسية وحيد ألكبيروف توقعه بتراجع أسعار النفط إلى مستوى 25 دولارا للبرميل. وقال إنه لا يستبعد، بناء على التصريحات الأخيرة للمملكة العربية السعودية، انخفاض سعر النفط إلى مستوى 25 دولارا للبرميل. مؤكداً أن الأسعار ستشهد في الفترة المقبلة تقلبات كبيرة، لافتا إلى أنه بالأمس فقط تقلبت الأسعار بين مستويات بفارق 10%، وهذه التقلبات لم يشهدها سوق النفط من قبل أبدا. وشهدت أسعار النفط في تعاملات الخميس تقلبات تجاوز خلالها سعر الخام الأمريكي لفترة وجيزة خام "برنت" في آخر يوم لتداول عقود برنت لأقرب استحقاق وأغلق سعر "برنت" للعقود تسليم فبراير منخفضا 1.02 دولار أو ما يوازي 2.09% ليسجل عند التسوية 47.67 دولار للبرميل. وفي تقرير لوكالة الطاقة الدولية قالت إنه في البلدان التي لا تكون عملتها مربوطة بالدولار الأمريكي ساعدت التقلبات في أسعار الصرف الأجنبي على إبطال جانب من أثر التراجعات الأخيرة لأسعار النفط، وهكذا فإن الإيرادات الإسمية لصادرات روسيا بالروبل زادت في الآونة الأخيرة على الرغم من هبوط قيمتها بالدولار. وعلى النقيض من ذلك فالبلدان الأعضاء في "أوبك" من دول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين ترتبط عملتيهما بالدولار فإنها شهدت أكبر هبوط في الإيرادات بالعملات المحلية جراء هبوط أسعار النفط. وبالحديث عن مستقبل النفط بالعالم بشكل عام أشار العديد من الخبراء الاقتصاديين الى انه في الأعوام العشرة المقبلة ستتعرض الدول النفطية لمزيد من المشاكل الاقتصادية إذا لم توسع استثماراتها، معتمدين بهذا التوقع على بيانات الاكتشافات الجديدة الموجودة لدى الغرب خاصة الغاز الصخري، الذي سيؤدي إلى تراجع أسعار الطاقة، وبالأخص الغاز والنفط. وبالتالي التأثير على ميزانيات الدول على المدى القصير والبعيد، ولهذا رجح خبراء أن تحقق الدول الكبرى المصدرة للغاز المسال مزية استراتيجية في تسويق إنتاجها، على رأسها قطر، وسط بوادر عجز قطاع الغاز المسال في الولاياتالمتحدة عن التكيف تماما مع أسعار منخفضة للطاقة، ويظهر من خلال التقلبات التي حدثت في مجال النفط عالمياً أن اليمن ليست بمعزل عن ذلك فهي تتأثر سلباً وإيجاباً حسب المتغيرات العالمية إن لم تكن من أكثر الدول تضرراً. وبدأت اليمن في استكشاف النفط عام 1986م ثم تم انتاج وتصدير النفط في مرحلة التسعينات وتم بعد ذلك الفترة توالي الاستكشافات ونمت واردات اليمنية النفطية تدريجياً وظلت طوال الفترة الماضية تواجه العديد من المعوقات التي تحد من نمو واردات النفط بشكل أكثر غير أنه في الوقت الحالي تضاعفت التحديات والمخاطر التي تقف أمام إنتاج النفط حيث تناقلت وسائل إعلام عربية ومحلية عن محافظ شبوة إيقاف إنتاج النفط في المحافظة التي تعد من أغني المحافظات في النفط إلى جوار محافظة مأرب كما أعلنت قبائل المحافظة الأخيرة وقوفها وتأييدها للخطوة التي أعلنها محافظ وقبائل شبوة بإيقاف إنتاج النفط وتأتي هذه الخطوة رداً علي قيام جماعة الحوثي باختطاف مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد عوض بن مبارك. ومن شأن وقف إنتاج النفط في شبوةومأرب إصابة الحياة العامة بالشلل وإفلاس ميزانية الدولة التي تعتمد بنسبة 70% على موارد هاتين المحافظتين كما ستبقي البلاد مهددة بالعودة إلى زمن ما قبل النفط التي تعتمد عليه كل وسائل الصناعة والتكنولوجيا ووسائل الحياة الحديثة. وكانت في الايام الماضية قد توقفت العديد من الشركات الأجنبية والقطاعات النفطية عن العمل في حضرموتوشبوة نتيجة تزايد مخاوفها من الأوضاع المتدهورة في اليمن. وأعلنت شركة "دى أن أو" النرويجية، وقفها عمليات الاستكشاف والإنتاج في حضرموت شرقي البلاد إضافة إلى شركة "كنديان نكسن" النفطية العاملة في قطاع المسيلة الذي كان لها موقف مماثل للشركة النرويجية. *عن أسبوعية الاهالي