بغض النظر عمن سيفوز، مرشح الثورة أم مرشح الفلول، فقد وقع الثوار المصريون وجميعهم بلا استثناء في اخطاء (اخلاقية) تتعلق بالروح الثورية وقيمها الجمعية الشديدة التلاحم الممهورة بالدم والأحلام ..إن الثورة عمل جماعي وفيها تماسك وقوة التيار .. لقد تصرف الثوار باعتبار أن الثورة انتهت وذهبوا يتسابقون على الحكم وهو عمل مشروع لكنه هنا قبل أوانه.. فالثورة في أخطر مراحلها والنظام لم يسقط بعد والذي سقط هو رأسه أو ذنبه لا فرق.. لقد تنافسوا في الوقت الذي يفترض أن يتقدموا بمرشح توافقي واحد كان سيحصد خمسة وسبعين في المائة على الاقل، فوصول مرشح الفلول إلى الدورة الثانية مسئولية الغفلة الثورية أو انانية القوى الوطنية المحسوبة على الثورة، أما وقد حصل.. فالأصل أن يستفز هذا الثوار ويصلحوا خطيئتهم بحس وطني عالٍ.. لقد كان محمد البرادعي كبيراً وهو ينسحب من السباق ولم يقل أنه كان أول من هز شجرة مبارك وحرك المياه الراكدة ... وهو فعل نفس الفعل المسئول بإعلانه الوقوف ضد مرشح النظام وتأييد (مرسي) دون تردد، فالوقت لا يتحمل الحساب والمناورة ... كما كان موقف المرشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كبيراً وهو يقف بقوة وراء (مرسي) انقاذاً للثورة.. لا يقل لي أحد بأن هذا من نفس الفصيل فهذا أدعى أن يستمر في عناده إذا كانت القضية مزاجاً، لأن الخارجين من أحزابهم بالعادة يجرون وراءهم آلاماً وإحساساً بالظلم والجروح الشخصية تكون مفتوحة.. لكنها هنا المسؤولية والقدرة على الانتصار على النفس وهواجس الصغار.. ولا أدري لماذا وقف المرشح الرائع حمدين صباحي موقفاً سلبياً وكان عليه أن يلتقط الفرصة ويقف مع الثورة وليس مع مرسي أو الاخوان ... وكان مكسباً شخصياً له أيضاً.. ولو كنت قريباً لحمدين لعاتبته كثيراً وأنا من ضمن المعجبين به رغم أن حركة 6 أكتوبر الشبابية التي دعمته اعلنت وقوفها الى جانب مرسي على الرغم من اختلافها معه في الكثير من وجهات النظر، وهذه الروح التي قدمها شباب 6 أبريل هي رسالة الأمل الأبيض للمستقبل ... وسواء نجح مرسي ام شفيق فإن عجلة التاريخ لن تعود للوراء .. لكن الثورة في كل الحالات لم تكتمل وامامها تحديات تكبر كل يوم .. وعليهم ان يصبروا ولا يستعجلوا التنافس الطبيعي.. فمن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .... فإكمال عملية التغيير ليس عملاً عادياً أو احترافياً إنها عملية تغيير حضاري ونزع جذور شجرة النظام العميقة.. ومع العلم فإن النظام بعد زلزال الثورة في اضعف حالاته وهو يستمد قوته من غفلة الثوار وربما أنانيتهم، فهل يصلح الثوار وقواه الفاعلة ما افسدوه ويدركون أنهم في حالة ثورة، وأن الانتخابات الانتقالية هي ثورة وليست حكماً.. وتأسيس دولة جديدة يحتاج الى روح جماعية تتحرك بروح الشعب وليس بروح الحزب... هل نستطيع هنا أن نوجه تحية إلى اللقاء المشترك في بلادنا ونحن نرى كبار المفكرين العرب يدعون ثوار مصر أن يحذوا حذو المعارضة اليمنية.