فترة محافظي المحافظات قد انتهت في مايو المنصرم وينص قانون السلطة المحلية على أن تكون فترة ولاية المحافظ أربع سنوات تبدأ من تاريخ أدائه اليمين الدستورية.. ما الذي يقف حائلا أمام تغيير المحافظين المنتهية ولايتهم في مايو الماضي وكذا مدراء الأمن والقيادات المسيطرة على مؤسسات الدولة منذ سنوات؟ وهل يجب الصمت إزاء توقف قرارات التعيين عند تدوير وظيفة بعض القيادات العسكرية وليس تغييرها؟ وما الذي يجب أن تقوم به القوى الثورية قبل تلاشي الوقت وانتهاء الفترة الانتقالية والدخول في الانتخابات الرئاسية بقايا النظام يسيطرون على المناصب القيادية؟ منذ الانتخابات الرئاسة التي جرت في فبراير الماضي وحتى اللحظة أصدر الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي قرارات جمهورية بتعيين خمسة محافظين لمحافظات عدن وتعز وحجة ومأرب وأبين فيما كانت التوقعات بتغيير يشمل جميع المحافظات كون خمسة أشهر فترة كافية لإحداث تغيير بهذا الحجم خاصة وأن عددا من المحافظات ومنها أبينوعدن ولحج وشبوة وذمار وصنعاء وعمران وحجة وريمة وصعدة والبيضاء والجوف قد شهدت انفلاتا أمنيا وقطع الطريق العام خلال الشهور الماضية بالإضافة إلى أعمال أخرى وهو الأمر الذي أثار شكوك غالبية أبناء تلك المحافظات بتقاعس السلطات المحلية والأمنية عن أداء واجبها بالشكل المطلوب ونتج عن ذلك خروج مسيرات وفعاليات احتجاجية تطالب بتغيير محافظي المحافظات ومحاكمتهم. وتشير الدلائل إلى أن عملية التغيير التي حصلت خلال الأيام الماضية لا تلبي مطالب الثورة الشعبية السلمية ولم يتغير سوى رأس النظام ولا يزال عدد من رموز العائلة في مناصبهم العسكرية حيث ظهرت تحذيرات من اختزال التغيير في إزاحة رأس النظام من منصبة ومن المشهد السياسي برمته وضرورة أن تتجه الأنظار صوب استكمال عملية تغيير جسد النظام قضائيا وأمنيا وإداريا لما له من تأثير على أي عملية ديمقراطية قادمة وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية القادمة للحيلولة دون استغلال مناصبهم القيادية للسيطرة والضغط على المواطنين والموظفين واستعادة النظام السابق وإنتاجه بنفس الأسلوب والأدوات. ويرى البعض أن بقاء المحافظين ووكلائهم ومدراء الأمن ومدراء المديرات ومدراء المؤسسات الرسمية المعينين من رأس النظام السابق والذي ربما قد عاش البعض منهم سنوات في نفس المنصب حتى صار ديكتاتورا في منصبه يمهد الطريق أمام إعادة إنتاج النظام السابق وذلك من خلال تعمدهم تغذية التسيب والإهمال والتقصير وتواطؤهم مع مرتكبي أعمال العنف وإقلاق الأمن وتدهور الخدمات وغياب الحلول للمشاكل، وذلك لإظهار حكومة الوفاق ضعيفة وهزيلة وخلق رأي عام سيئ عنها والتحريض ضد الثورة بأنها جلبت معها المشاكل لما لذلك من انعكاسات وفي مقدمتها تحسين صورة النظام السابق لمحاولة إعادة الثقة به وكسب بعض شرائح المجتمع ولاسيما الأشد فقرا والتي هي متأثرة من الأزمة الحالية أكثر من الشرائح الأخرى من خلال مقارنة وضعها الحالي بما كان عليه قبل 2011م. وبحسب مراقبين يجب على رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الإسراع بقرارات جريئة لتحقيق أهداف الثورة والمطالب الشعبية ولقطع الطريق أمام فلول النظام السابق الذين يحالون استغلال الانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي الذي يحصل بفعل تواطؤهم لتحقيق مكاسب سياسية والعودة بالأوضاع السياسية وبالبلد إلى المربع السابق. وفيما بعض القوى السياسية منشغلة بالترتيب للحوار الوطني واستكمال عملية نقل السلطة وفقا للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فإن ثمة مخاوف تلوح في الأفق من عواقب ما يحدث حاليا من تعبئة خاطئة ضد الحكومة وثورة الشباب السلمية من قبل القوى الأخرى وبعض رموزها في السلطة المحلية التي من المفترض أن تعمل بكل جهد لإنجاح التغيير واستقرار الأوضاع بدلا من اختصار الوطن والوطنية في شخص أو حزب بعينه حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية وإيقاف عجلة التغيير. وخلال الأيام الماضية حدث سجال إعلامي بين القوى الموقعة على المبادرة الخليجية حيث أكد وزير الإدارة المحلية في تصريح صحفي قبل الانتخابات الرئاسية أن إعادة تعيين المحافظين سيكون بشكل توافقي للمحافظات عقب انتهاء فترتهم كمحافظين في مايو 2012م فيما خرجت قيادات محسوبة على المؤتمر الشعبي العام تنفي تعيين المحافظين بالتوافق واعتبرته أمرا محكوما بقانون السلطة المحلية. وتشير المعلومات إلى أن فترة محافظي المحافظات قد انتهت في مايو المنصرم وينص قانون السلطة المحلية على أن تكون فترة ولاية المحافظ أربع سنوات تبدأ من تاريخ أدائه اليمين الدستورية. ونقلت مصادر إعلامية الأسبوع الماضي أن خلافات «حادة» بين الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة أعاقت صدور عدد من القرارات الجمهورية بتعيين سفراء ومحافظي محافظات وأن القرارات الجمهورية التي كان متوقعا صدورها خلال الأيام القليلة الماضية كانت تقضي بتعيين ما يقرب من ثلاثين سفيرا واستبدال محافظي صنعاء وإب وصعدة وريمة وذمار والبيضاء وأمين العاصمة ومحافظات غيرها.. إضافة إلى قرارات في قطاعات أخرى وعزت تعثر إصدار تلك القرارات الجمهورية إلى «تباين وجهات النظر بين رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق إزاء عدد من المرشحين ليكونوا سفراء ومحافظي محافظات. ففيما تحفظ الرئيس هادي على عدد ممن رشحتهم الحكومة رافضا إصدار قرارات جمهورية بهم، قالت المصادر إن هادي اختار لبعض السفارات والمحافظات أشخاصا دون الرجوع إلى الحكومة التي رفضتهم بدورها. محافظون خارج إطار الشرعية أحمد الرحابي، محام وناشط بمنظمة هود قال في تصريح خاص ل»الأهالي» إن قانون السلطة المحلية الحالي الذي أجريت له عدة تعديلات حتى يوافق هوى الحاكم وكان آخر تعديل فيما يتعلق بانتخاب المحافظين وقد كانت القوى السياسية المشاركة في مجلس النواب رافضة لهذا التعديل آنذاك وانسحبت من المجلس على خلفية إصرار نواب المؤتمر على التصويت على تلك التعديلات إلا أن التعديل مرر كالعادة ووفقاً لنصوص هذا القانون فإن على وزارة السلطة المحلية الترتيب لإتنخابات المحافظين قبل انتهاء الفترة الانتخابية المحددة بأربع سنوات أو عند شغور منصب المحافظ في أي محافظة، إلا أن القانون أجاز لرئيس الجمهورية تعيين المحافظ في المحافظات التي يتعذر أجراء الانتخابات فيها لأي سبب وبناء على ترشيح وزير السلطة المحلية وعلى الوزارة الترتيب للانتخابات في حالة زوال أسباب التعذر، الغريب في هذا القانون هو أنه يجيز لرئيس الجمهورية إقالة المحافظ المنتخب. وأضاف: فالمحافظون المنتهية ولايتهم الآن يمارسون سلطاتهم خارج إطار الشرعية التي تم منحهم إياها لفترة أربع سنوات فقط بناء على هذا القانون الذي شابته كثير من العيوب. المجتمع ينتظر قرارات جديدة يرى أمين عام التنظيم الوحدوي الناصري وعضو المجلس الأعلى للمشترك سلطان العتواني أن التغييرات التي حدثت ليس كما هو مطلوب ولم تستكمل إجراءات نقل السلطة كاملة وان الأوضاع التي نعيشها وأوصلتنا إليها السلطات السابقة تتطلب ضرورة التغيير في المواقع التي تعكس أهمية التغيير وهي الآن تعيق عملية التغيير خاصة في المواقع التي يتم الإعاقة ممن هم على رئسها لخطوات التنفيذ التي تهدف إليها حكومة الوفاق. وقال في تصريح ل»الأهالي»: إن المجتمع ينتظر قرارات جديدة ويجب أن لا تزهق وهناك قادة في مواقع المسئولية على مستوى المحافظات يتطلب الوضع تغييرهم بمن هم أكثر نزاهة وكفاءة والتغييرات التي جرت على مستوى المديرات والمحافظات كانت تتم خارج قوانين وهياكل الجهات المختصة وكانت التعيينات تستحدث خارج القوانين وفصلت مناصب ومواقع لأشخاص ليست موجودة في هياكل المؤسسات والإدارات ولذلك يجب إعادة النظر فيها وإحداث التغيير الحقيقي بما يتناسب مع طبيعة عمل هذه المرافق. تغيير المحافظين مطلب ملح النائب البرلماني والقيادي في حزب الإصلاح زيد الشامي قال في تصريح ل»الأهالي» إن التغيير مطلوب ونحن نمر الآن بمرحلة نقل السلطة وتهيئة لما بعد هذه الفترة. وأضاف: بالنسبة للمحافظين لاشك أن التغيير مطلب ملح في ظل الظروف الحالية وما تشهده من انفلات أمني وتداعيات امتدادا للأوضاع السابقة, والمجالس المحلية في عموم المحافظات يسيطر عليها طرف واحد ونتيجة عدم قيامة بواجبه يدل على عجز ونخشى أن يكون رغبة في الإساءة لهذه المهمة وإشعار المواطن بمزيد من الإحباط ولاشك أن عجلة التغيير قد دارت ولا يمكن أن تتوقف وعلى الجميع أن يتعامل مع التغيير. التقاسم والمحاصصة وليد العماري ناشط في الثورة الشبابية السلمية قال ل»الأهالي» بدوره إنه منذ اليوم الأول لتوقيع المبادرة الخليجية نحن نؤمن أن الذين وقعوا المبادرة الخليجية يؤمنون بقضية التقاسم والمحاصصة ويبدو أن القوى التي أصبحت اليوم شريكة في الحكم لم تعد تفكر بأكثر مما حصلت عليه أو إنها لا تمتلك الجراءة للحصول على حصة أكبر خوفا من الفشل في إدارة المحافظات أو في إدارة السلطة المحلية بشكل عام. وأضاف: استمرار التفكير بنفس العقلية سيؤدي إلى تقاسم الجنوب بين الزمرة والطغمة والشمال بين الأماميين والجمهوريين وبين القوى الجديدة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك وسيمهد ذلك إلى تشظي الوطن. وتابع: يجب حاليا على الرئيس الانتقالي وحكومة الوفاق الانتقالية الإيمان بأن التغيير شيء حتمي والتغيير لا يمكن أن يكون بدون ضرائب ويجب أن تتحملها القوى التي رضيت أن تكون شريكة في التغيير وبدلا من تفعيل الكوادر الحزبية في الكسب السياسي وشراء الولاءات يجب أن تفعل هذه العناصر لحماية المحافظات ونشر الأمن والاستقرار في البلاد ويمكن الاستفادة من تجربة تجنيد الكوادر الحزبية كلجان شعبية القاعدة في أبين يمكن للأحزاب أن تجند عناصرها لحماية أبراج الكهرباء والمرافق العامة.