قبل أيام تلقى العلامة الدكتور عبدالوهاب الديلمي أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة صنعاء تهديداً بالتصفية الجسدية على خلفية كتابه الذي أصدره مؤخرا بعنوان "جناية أدعياء الزيدية على الزيدية" وقد لقي هذا التهديد للعلامة الديلمي استنكارا واسعا ووجهت دعوات عديدة للسلطة لحماية الدكتور عبدالوهاب الديلمي من أي مكروه قد يصيبه بسبب أرائه التي تضمنها هذا الكتاب. ولاشك أن الجهة المتضررة من صدور هذا الكتاب هي من يقف وراء هذا التهديد الآثم والإرهاب الفكري المرفوض فكشف أدعياء الزيدية وجنايتهم على الزيدية يأتي في مرحلة هامة تحاول فيها جماعة الحوثي لبس قميص الزيدية والتحدث باسمها واستمالة أبنائها والمحسوبين عليها إلى صفها.. الدكتور عبدالوهاب الديلمي صاحب العطاء الفكري الكبير وصاحب المؤلفات القيمة والإصدارات الثرية سيظل علما من أعلام اليمن مهما حاول بعض المأزومين تشويهه أو تهديده أو إرهابه بل إن هذا التهديد أعطى نتيجة عكسية حيث ازداد انتشار الكتاب والتفت الناس إليه وإلى ما فيه من أفكار ورؤى ومنهم كاتب هذه السطور فقد بحثت عن الكتاب وقرأته وفي هذه السطور خلاصة مختصرة لما قرأت. * الديلمي وظلم ذوي القربى عبدالوهاب الديلمي معروف عنه أنه من أسرة تنتمي للهاشميين وأنه من الذين تجاوزوا التعصب المذهبي والأسري وخلفوا ربقة التقليد بالاجتهاد ووضحوا وبينوا جناية أدعياء الزيدية على الزيدية الصحيحة وردوا على اتهاماتهم للصحابة وللمسلمين ممن يخالفونهم في المذهب والرأي وقد لقي بسبب موقفه هذا كثير من الاتهامات فقد قاطعه بعض أهله ومنهم أخوه أحمد بن لطف الديلمي الذي أمطره بوابل من الاتهامات الباطلة بثها في كتابه "الزيدية بين محب غال ومبغض قال "وهذا الكتاب "جناية أدعياء الزيدية على الزيدية" هو رد على كتاب أخيه أحمد الذي أرسل إليه رسالة استهلها بإعلان القطيعة معه ورفض مجرد رد السلام عليه في يوم العيد، يقول الدكتور عبدالوهاب الديلمي (كنت في منزل أخي إبراهيم في عيد الفطر فجاء أخي أحمد ودخل علينا الباب فبادرته بالقيام إليه للسلام عليه حرصا على تجاوز الماضي والتسامح وطي ما قد حدث غير أنه طوى كشحه عني واعرض مغضبا ولم يلتفت إلي أو يرد علي السلام). ويتحدث الدكتور عبدالوهاب الديلمي في موضع آخر عن بعض ممارسات أخيه التجسسية نحوه (اشتد حرص أخي وهو في مكةالمكرمة في موسم الحج الذي كنت أنا فيه في مكة أيضا أن يتتبع بكل شغف أين أنا وأخذ يسأل ويبحث عني كما اعترف بنفسه في رسالته إلي وبعد جهد كبير بذله عرف أني أحج مع رابطة العالم الإسلامي فاعتبر حجي مع الرابطة من نواقض الإيمان)!! * يرد على اتهامات أخيه وعن سبب تأليف الكتاب يقول الدكتور عبدالوهاب الديلمي في مقدمته: لأن الله عز وجل قد أعطى الحق للمظلوم أن يدافع عن نفسه وعن دينه فإني قد رأيت أني ظلمت ظلما فادحا كما أن جناية كبيرة قد لحقت بالصحابة رضوان الله عليهم وبالمؤمنين من بعدهم ممن عرفوا بأهل السنة كل ذلك حملني على تحرير هذا الكتاب من باب الدفاع عن النفس والدين والبراءة مما نسب إلي وإلى المؤمنين ظلما وزورا في كتاب "الزيدية بين محب غال ومبغض قال" الذي ألفه أخي وشقيقي أحمد بن لطف الديلمي. وكتب الدكتور الديلمي كتابه وهو يشعر بمرارة ظلم ذوي القربى بغير حق ومع هذا فقد جعل منهجه في الرد على أخيه السير بطريق علمي تحاشى فيه التحامل والتجني بدون وجه حق كما بدأ في المقدمة بتفنيد التهم الموجهة لشخصه والتي وصلت إلى حد تكفيره من قبل أخيه الذي أرسل إليه رسالة فيها ألوان من الاتهامات والتكفير والتشهير المبني على سوء الظن والأوهام والوشايات المغرضة ثم نشرها في كتابه المذكور سابقا وقد رد عليه ردا مطولا فند كل اتهاماته ورد عليه ردا شافيا وكشف أوراقه والبادي أظلم. يرى العلامة عبدالوهاب الديلمي أن أعظم الجنايات التي ارتكبها أخوه أحمد في كتابه المذكور سابقا هي الطعن في كل من ليس له صلة بما يعتقده حتى في بعض أئمة أهل البيت أحيانا وكذلك السلف والصحابة وأهل السنة وقد تجنى عليهم ونسب إليهم أمورا لا يعتقدونها حتى وصل به الحال إلى أن قال "إن أستاذهم إبليس" بل وصل به الحال إلى تكفير من يختلف معه في بعض قضايا العقيدة بل وقال في كتابه" كشف النقاب عن مذهب قرناء أهل الكتاب "أنه لو استطاع اليوم أن يقاتل النواصب ويقصد بهم الوهابية والمراد أهل السنة لفعل. * حلال على الهادوية فقط!! في صفحة (22) يقول أحمد الديلمي في كتابه "الزيدية بين محب غال ومبغض قال" عن الذين نشروا السنة في صفوف الزيدية: (وحمل الناس على مذهب لا يعرفونه ودعوا إليه في كل مسجد) ويقول الدكتور عبدالوهاب: إذا كنت تعتبر الدعوة للمذاهب الإسلامية في أي بلد لا يعرفه أهله منكرا فلماذا لم يترك اليمانيون وشأنهم على ما كانوا عليه قبل دخول الهادي رحمه الله إلى اليمن، وهل كان اليمانيون على هدى أم ضلال وهل دخلوا الإسلام قبل دخول الهادي أم بعده والمعروف ان الهادي رحمه الله لم ينزل صعدة قادما من جبل الرس إلا في عام 283ه أي بعد مرور ما يقارب ثلاثة قرون على دخول الإسلام لليمن والأصل في الأحكام أنها مطردة فما حكمت به على اللاحق انسحب على المتقدم واليمانيون قد بعث إليهم رسول الله صلى عليه وآله وسلم بعض الصحابة ليعلموهم الإسلام فقد بعث معاذ ابن جبل وأبا موسى الأشعري ثم عليا ابن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا. * أدعياء الزيدية يطعنون فيها!! يورد الكتاب جنايات أدعياء الزيدية على الزيدية الصحيحة ويصف مؤلفه فترة حكم الأئمة الهادوية لليمن بأنها فترة لم تعرف الاستقرار للصراع المحتدم بين الأئمة المتنازعين على الحكم والذين كانوا يستخدمون القبائل التي دانت لهم بالولاء كأدوات للحرب على القبائل التي لا تتمذهب بالمذهب الزيدي كما أن الدكتور عبد الوهاب الديلمي يورد ما ذكره أخوه في كتابه "الزيدية بين محب غال ومبغض قال" ص (22) عن الذين يحاضرون في المساجد ويتبعهم الزيدية واتبعهم كثير من الأغبياء ليس لشعار حب أهل البيت وإنما لحب الدنيا.. ويرد عليه الدكتور عبدالوهاب (من يتتبع كلام المحاضرين في المساجد يجد أنهم لا يخرجون في استدلالهم على ما يقولون عن الكتاب والسنة وإذا أغنت النصوص الشرعية عن كلام الناس فهذا هو الأصل ولا تجدهم يتعصبون لمذهب معين ولا يلمزون في آخر فلماذا يمتلئ قلب المؤلف غيضا على اتجاه الناس إلى الدليل)؟! وأما كيل التهم للناس على أنهم لا يتبعون هؤلاء المحاضرين إلا بدافع حب الدنيا فهذه التهمة قد أكل الدهر عليها وشرب ولا برهان عليها سوى الشائعات المغرضة التي لا يراد منها إلا تنفير الناس عن إتباع الدليل وعودتهم إلى الكتاب والسنة اللذين لم يتعبد الله أحدا من خلقه بإتباع غيرهما ولو فرض صحة هذه الدعوى فهي طعنة في الزيدية الذين استجابوا للدليل وهذا معناه أن صاحب الكتاب يتهم أتباع المذهب الزيدي بأنهم يتاجرون بدينهم مع أنه ألف هذا الكتاب كما يزعم للدفاع عن الزيدية كما أن إتباع الدليل ليس وصمة عار يعير بها من سلكها ولا هو غباء ولا إتباع لنجد فالسنة دونت وحفظت قبل ان تعرف نجد مذهبا معينا بقرون. * لماذا التغابي عن الدعم الإيراني؟! من ضمن الردود الكثيرة في الكتاب والتي تجاوزت قضايا العقيدة والفكر للشئون السياسية الرد الذي يستغرب فيه الدكتور الديلمي على أخيه التغابي عن الدعم الإيراني لنشر الرفض ولمز أهل السنة حين عقب على اتهام الشيخ محمد المهدي لإيران بتصدير ثورتها واستغلال شباب الزيدية بقوله: لا يخفاك أن أصحاب أي فكرة أو مذهب أو مبدأ سواء كان حقا أم باطلا يحفر بكل مخالبه ويسعى بكل جهده ويبذل كل وسيلة من مال أو إرسال دعاة ونشر كتب منها ما تدعو غلية وأخرى تنفر مما يدعو عليه المدعو أو الطرف المنافس ثم قال أما الإمامية فأمة بخيلة شحيحة لا تسخى على بذل معاشات مستمرة واعتمادات وافرة كما يفعل الطرف الآخر. ويقول الدكتور عبدالوهاب الديلمي: هذا الكلام متناقض حيث عمم حكمه على جميع أصحاب المذاهب قائلا إنهم يبذلون كل ما في وسعهم في الدعوة لمذهبهم ثم استثنى الرافضة الإمامية.. ويضيف الديلمي لا أظن أن صاحب الكتاب ينسى انه أخبرني قبل القطيعة وفي حال صفاء النفس أن الوالد العلامة محمد بن محمد المنصور يأخذ أموالا من السفارة الإيرانية بصنعاء وكان يخبرني وهو متألم الوجه أما إدعاءه ان الرافضة لا يبذلون المال فهو إدعاء يكذبه الواقع وقد ارتفعت الأصوات عالية تندد بما يسعى إليه الرافضة من المد الرافضي لنشر معتقدهم حتى وصل بهم الأمر لبناء الحسينيات في بعض الدول وهذا كله لا يتم إلا من خلال البذل الغير محدود للأموال. الكتاب كبير وتلخيص (476) صفحة من الحجم الكبير لتنشر على مساحة صفحة في هذه الصحيفة هي مهمة شاقة وعسيرة فقد تطرق المؤلف لواقع الزيدية اليوم وأجاب على التساؤلات من قبيل: هل العداء بين الزيدية والرافضة عداء كلامي؟! وماذا يعني الدفاع عن الرافضة ومعتقداتهم ومدحهم والتبرير لانحرافاتهم مثل زواج المتعة وسب الصحابة مثل معاوية والشيخين (أبو بكر وعمر) وإلصاق وصف المجوسية بأهل السنة؟! وتطرق الكتاب لقضايا كثيرة وفض الاشتباك بين الزيدية وأدعياء الزيدية ورد على كل اتهاماتهم واتهامات الرافضة لأهل السنة كما تطرق لأكذوبة إقصاء الزيدية كما تطرق لقضايا سياسية متصلة بهذه القضية مثل الدعم الإيراني لنشر الرفض بين أبناء الزيدية وكذلك ناقش باستفاضة العلاقات الأمريكية الإيرانية والعلاقات الإيرانية الإسرائيلية وغيرها من القضايا. * نقلا عن صحيفة الناس