علي عبدالله صالح يجمع بين السياسة وهواية التمثيل، ولطالما وصف بالممثل البارع، وحادثة 3/6 (انفجار النهدين) لم تؤثر على أدائه البهلواني بعد أن قامت الأطراف الإقليمية والدولية بإعادة تركيبه، كما إن قدراته النفسية لا تبدو تأثرت كثيرا بحادثة 21 فبراير (انتخابات الرئاسة). طيارة عمياء بلا طيار تقتحم أجواء اليمن (17 ديسمبر 2009) وتقصف المعجلة في أبين وتخلف عشرات الأبرياء بينهم (14) طفلا، وتعود بعدها بأيام فتقصف المحفد في شبوة، وفي المرتين -كما في كل مرة- تغادر تاركة أجساد العشرات فحما وأشلاء، وأجساد عشرات آخرين تتلوى على الأرض تنازع الموت وتحاول عبثا التشبث بالحياة، ويخرج علي صالح مثل مصاص الدماء «دراكولا» يردد في حلقه قهقهة هستيرية. ولم يفتأ يومها يفاخر ويتحدث عن دقة الضربة ويصف نجاحها المبهر ويهنئ شعبه الذي فقد عشرات من أبنائه ويقول لهم وقد جمع في فمه لساني فرعون والنمرود: (أنا أحيي وأميت.. ما لكم من إله غيري.. وما أريكم إلا ما أرى). ويرسل إلى أبنائه الذين كانوا عيونا لتلك الطيارة أجمل التهاني على نجاحهم ويقول لهم: اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإرهاب دينا. اعتاد اليمنيون على تلك الطيارة اللعينة، وها هي تعود مجددا في 2012 وتقصف حضرموت والبيضاء وغيرهما، وما إن تغادر حتى يطل «دراكولا» بذات الوجه ويخرج من بيان أشلاء الأبرياء الطافية على بحيرة من الدم الأحمر الذي سفكه في المعجلة والمحفد وفي كل شوارع وساحات اليمن، ويرفع يده في الهواء معترضاً على الرئيس عبدربه منصور، لكن يده ترتفع حمراء بكل سوء تقطر دما زكياً. يطلب من الصحف الموالية له تأليب الرأي العام على الرئيس هادي، وتركيز العدسات على الدور الأمريكي المتصاعد في اليمن بغية إخراج الشعب على رئيسه الجديد الذي سيبدو أمام الأمريكان غير جدير بموقع الرئيس، ويقول -ساعتها- للأمريكان: أنا -فقط- من يجيد هذا الدور.. أنا -فقط- من يستطيع أن يسفح دم الأب ويمسح دمع أولاده!! على خلفية مجزرة المعجلة صدرت بيانات إدانة متنوعة المصادر كان من بينها إدانات جاءت على لسان علي سالم البيض ولسان محمد علي أحمد، فثارت ثائرة «دراكولا» وخرج وهو يكاد يتميز من الغيظ واصفا البيض ومحمد علي أحمد ب»الخائنين»، وهاجت نفسه للدم، وللمزيد من الدم، ثم المزيد من الدم، فأرسل يطالب الدول المستضيفة لهما بتسليمهما إليه ليقتلهما جزاء «خيانتهما» للوطن. وراح يقول بلسان «مصدر في اللجنة الأمنية العليا» لوكالة الأنباء اليمنية سبأ (18 ديسمبر 2009) مفصحا عن خبيئة نفسه الأمارة بالقتل: «ليس بغريب أن يبادر كل من المدعو الخائن علي سالم البيض أحد رموز الانفصال والمتردد حاليا بين النمسا وجنيف وبيروت، وصنوه في الخيانة والتآمر المدعو محمد علي أحمد المتردد بين لندن ودمشق.. إلى إعلان تأييدهم لتنظيم القاعدة واستنكار العملية الأمنية الموجهة ضد عناصر التنظيم..»!! وهكذا يرتكب مجازر بشعة بحق مئات اليمنيين الأبرياء بالتعاون مع الإدارة الأمريكية التي سخر لها الجو والبر والبحر، ثم يرى أن مجرد استنكار فعلته «خيانة» توجب القتل. وما إن يخرج من السلطة حتى يحول خطابه إلى الطرف النقيض. وفيما جرت العادة أن يلبس القاتل القفازات قبل ارتكاب الجريمة حتى يخفي آثاره، فإن القاتل الغبي هو ذلك الذي يمعن في القتل 33 سنة ثم يلعق الدم من على أصابعه ويلبس القفازات!!