لا يخفى على أي عارف بأبجديات الترجمة من الإنجليزية إلى العربية أن ما ذكره موقع مأرب برس عن وقوع المترجم (الجنيد) في أخطاء فادحة لدى ترجمته للحوار الذي أجراه الصحفي البريطاني توم فين مع السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستان لا يمكن أن يكون منطقياً إلا إذا كان ترجمة لعبارات أخرى بعينها غير تلك التي وردت في النص المنشور بعد الاعتذار بالنظر إلى طبيعة الألفاظ الواردة فيها من قبيل (أكد السفير الأميركي بصنعاء جيرالد فايرستاين بأن الولاياتالمتحدة ستحتفظ بقيادات الجيش من أسرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح لسنوات عديدة وقال إنه لا ينوي التخلص منهم في الوقت الراهن) ومن قبيل سنعمل على تغيير العقيدة العسكرية للجيش اليمني وسنعمل علي تعيين مهام جديدة له. طبعاً هذا فيما يخص الترجمة الحرفية، ولكن ماذا لو تفحصنا النص المنشور بعد الاعتذار (باعتباره ترجمة للمقابلة الحقيقية فعلاً).. لو فعلنا ذلك واستقرأنا ما خلف سطور هذه المقابلة واستكشفنا دلالات ألفاظها وأغوار مضامينها لما وجدنا فرقاً يذكر بينها وبين ما توصل إليه المبدع الجنيد عند ترجمته الأولى ولحق علينا أن نمنحه لقب «محلل سياسي» إضافة إلى كونه مترجماً مشهوداً له بالكفاءة. الإخوة الأعزاء في موقع مأرب برس المحترم، وأنا أحد المعجبين بموقعكم والمتابعين له، لم تكونوا في حاجة للاعتذار مطلقاً لهذا السفير، ولا للصحفي ولا لقرائكم، بل نحن مدينون لكم وللمترجم الجنيد بالشكر حيث وضع يده على كبد الحقيقة المتخفية خلف عبارات السفير الأمريكي التي تكشف عن أوهام السطوة ولا أخلاقية الموقف وإسفاف العبارة وسوء التقدير للذات والآخر. بدوري أقول للسفير الأميركي: ظننا أنكم استوعبتم ميزان القوة الجديد في هذا البلد الناهض وأنكم تحاولون التناغم معه وعدم الظهور بمظهر المعادي له، وهذا كان أمراً جيداً، ولكن يبدو أن هناك خللاً رئيسياً في منظومة التفكير لديكم أو يبدو أن هناك من يظللكم ويوهمكم بخلاف الواقع.. الواقع الذي يؤكد أن ثورة الشعوب لا تقهر، ومن لا يفهم ذلك فإنما يسبح عكس التيار الأعظم جرفاً، ومن يحاول الترويج أن إزاحة أسرة صالح وبقايا نظامه تحتاج سنوات يضع نفسه معهم في نظر الشعب. رسالتي أولاً لكل الشباب والأحزاب -لاسيما المشترك- وكافة القوى والفعاليات الوطنية والثورية أن يكونوا في كامل اليقظة والاستعداد، وأن يدشنوا المرحلة الثانية من تصعيدهم الثوري حتى إسقاط بقايا أسرة صالح ونظامه وفي أقرب وقت، وصولاً لتحقيق كامل أهداف الثورة وبناء اليمن الديمقراطي الموحد والمزدهر على أساس الدولة المدنية الحديثة التي لا مكان فيها للتبعية أو للحكم العائلي. رسالتي للسفير الأمريكي والإدارة الأمريكية برمتها: هناك موقف أفضل وأكثر حكمة وألفاظ على مستوى أرقى من تلك التي عبر بها سفيركم لدينا. يجب أن يكون واضحا تماما لكم أن لدينا هنا ثورة وشعب متحفز لن يقبل الذلة بعد أن ثار ضد أشد صنوف الظلم والحرمان والتمزيق والأزمات والحروب والفساد والتبعية، شعب يريد أن يبني أفضل العلاقات الإيجابية مع العالم على أسس من الشراكة الحقيقية والتعاون البناء القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المتكافئة التي لا تمس سيادة الأوطان ولا كرامة الشعوب. لدينا هنا ثورة تستند لإرادة شبابية شعبية مشبوبة الأنفاس، عارمة الحماس، متوهجة الرؤية والعنفوان النضالي السلمي، ولا يصلح ولا يجدي التعامل معها من خلال السلوك والمواقف والتصريحات الامبراطورية. لدينا شعب منبعث بات يمثل وجوداً واقعياً على الأرض ويملأ الفضاء السياسي والقيمي حاملاً حلم الحرية.. هو ذات الحلم الذي قدمت به أمريكا نفسها للعالم لحظة ولادتها. إذن يفترض بدولة في حجم الولاياتالمتحدة أن يكون لديها من الحكمة ما يكفي لتقدير مصالحها الحقيقية ولاستكناه البدائل المثلى وتقدير المواقف الفضلى مع شعب عريق ثائر متحفز كالشعب اليمني استعصى بوعيه الصافي على كافة أنواع التآمر والاندساس والإرهاب الصالحي. وأخيرا أقول: النصر لثورتنا كاملاً غير منقوص.. عاجلاً غير مؤجل.. المجد والخلود لشهدائنا.. العزة والكرامة والحرية لنا ولأبنائنا وأحفادنا.. السلام والمحبة والود لأصدقائنا.