هزّ انفجار قوي وسط العاصمة اللبنانية بيروت، وتحديداً قلب المربع الأمني والاجتماعي للمعارضة المسيحية (وفيها أنصار التيار العوني العضو في الحكومة أيضاً).. وكانت حصيلة التفجير الدامي مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بينهم رئيس فرع المعلومات لقوى الأمن الداخلي في لبنان العميد وسام الحسن، وأصيب 86 آخرون بجروح في انفجار ضخم هز منطقة ساحة ساسين في الأشرفية شرقي العاصمة اللبنانية بيروت على بعد 200 متر من بيت الكتائب، وهو حزب مسيحي لبناني، في انفجار يعد الأضخم منذ الانفجار الذي استهدف رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ما أدخل الساحة اللبنانية في مأزق الانجراف إلى الاقتتال، وسط كيل الاتهامات إلى النظام السوري الذي سارع إلى النأي بنفسه عن الانفجار، وذلك بعد سويعات من دعوة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، إلى تجنيب بلاده انعكاسات صراعات «الآخرين» عليه. وفيما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن سقوط عدد من القتلى، بلغ على الأقل 8، بحسب الدفاع المدني اللبناني، وما يقارب 78 جريحاً، لفت وزير الصحة إلى أن عدد الجرحى بلغ 86. ويرشح أن يرتفع العدد. واعتبر أن هذا الحادث أصاب «كافة اللبنانيين في أمنهم واستقراهم»، وجدد إصرار التزام الحكومة اللبنانية عن الأزمة السورية. وأشارت الوكالة إلى أن الانفجار هز المنطقة ذات الأغلبية المسيحية، أمام أحد المباني السكنية مقابل مكتبة الفرح «على بعد 200 متر من بيت الكتائب»، وهو حزب مسيحي لبناني. وقال مصدر أمني إن من بين القتلى في انفجار الأشرفية ببيروت رئيس فرع المعلومات لقوى الأمن الداخلي في لبنان (المخابرات العامة) العميد وسام الحسن، الذي يعتبر من أهم الشخصيات على الساحة السياسية والأمنية اللبنانية. وهو المسؤول عن متابعة ملفات اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري، وتفكيك خلية ميشال سماحة التي اتهمت بترتيب تفجيرات واغتيالات في لبنان كانت مرتبطة بالنظام السوري. وبينما أكدت مصادر أن حجم الدمار جراء الانفجار كبير، وأنها لم تستطع إحصاء عدد الضحايا بشكل سريع»... أوضحت الوكالة أن منطقة الانفجار قريبة من وسط البلد، والتي تضم العديد من المصارف، بالإضافة إلى عدد من المدارس والمطاعم والمجمعات التجارية والمحال، فضلاً عن مكتب للبريد والاتصالات. كما تعتبر منطقة سكنية، وحيوية تضج بالسيارات والمشاة. ووصل وزير الداخلية اللبناني مروان شربل إلى مكان الانفجار في الأشرفية للاطلاع على الأضرار، كما حضر المعاون فادي عقيقي بتكليف من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، لمباشرة التحقيقات الأولية. كما حضر وزير الاتصالات نقولا صحناوي، وناشد وسائل الإعلام وكل اللبنانيين الحذر وعدم استثمار الفاجعة سياسياً. كما لفت إلى ضرورة معالجة الجرحى، نافياً أن تكون لديه أي معلومات عن الفاعل أو السبب والمستهدف. وأشار مصور في فرانس برس إلى أن الانفجار أدى إلى تضرر كبير في مبنيين سكنيين بالقرب من الساحة، واندلاع حريق في أحد المباني، عمل متطوعون في الصليب الأحمر على إخراج مصابين منه. كما قام عناصر في الدفاع المدني بالصعود إلى المباني للبحث عن الجرحى. اتهام لدمشق وفي أول تعليق سياسي من جانب الرابع عشر من آذار، أكد النائب اللبناني في كتلة المستقبل التابعة للرئيس السابق سعد الحريري، النائب مصطفى علوش، أن النظام السوري وأدواته في لبنان هم المستفيدون من تفجير بيروت. ونقلت عنه قناة العربية قوله «إن الهدف برمته هو ترويع اللبنانيين، مذكراً بما رشح من معلومات أثناء القبض على ميشال سماحة، لا سيما لجهة محاولته إثارة البلبلة ونشر الفوضى الأمنية، بالتعاون مع مسؤولين سوريين». في الأثناء، وتعليقاً على هذا الحادث، قال عضو كتلة «الكتائب»، النائب إيلي ماروني، حسب ما نقلت عنه قناة «سكاي نيوز عربية»، إن الانفجار الذي وقع في منطقة تقطنها أغلبية مسيحية، «يهدف إلى ترويع الشارع المسيحي، وفك الارتباط بين المسيحيين وشركائهم المسلمين، ولزرع فتنة طائفية في البلاد». وعمن يقف وراء الانفجار، اتهم ماروني جهات تريد نقل أجواء «الإرهاب إلى الشارع اللبناني»، مشيراً إلى أن التحقيقات مع وزير الإعلام الأسبق ميشال سماحة، كشفت أن «النظام السوري طلب منه تفجير الوضع في لبنان». في المقابل، دعا النائب في كتلة التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان، كما نقلت عنه «العربية»، إلى التضامن بين الدولة والمجتمع الأهلي مع المستشفيات والجرحى، فشل أي مؤامرة، واصفاً العمل بالإرهابي، مع رفضه اتهام النظام السوري أو فتح الإسلام أو غيرهما، لأن التفاصيل الأمنية لم تتضح بعد. كما شدد سامي الجميل النائب عن حزب الكتائب، على ضرورة أن تنتشر كافة القوى الأمنية والجيش في كافة المناطق والشوارع اللبنانية. إدانة سورية من جهتها، سارعت دمشق، على لسان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، إلى إدانة الانفجار الذي وصفه ب «العمل الإرهابي الجبان»، مشيراً إلى أن «هذه التفجيرات الإرهابية أينما حدثت، فهي مدانة، وليس هناك ما يبررها». يشار إلى أن سماحة اعتقل في أغسطس الماضي بتهمة التآمر على أمن الدولة اللبنانية، بعد أن ضبطت قوى الأمن بمنزله عبوات وصواعق، اعترف بتسلمها من رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، لاستخدامها في قتل شخصيات لبنانية، وتدبير عمليات تفجير تستهدف مناطق عدة. تحذير سليمان وجاء كل ذلك بعد ساعات قليلة من دعوة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أمس، إلى تجنيب بلاده انعكاسات صراعات «الآخرين» عليه. وقال سليمان في بيان، إن «التزام لبنان تحييد نفسه عن صراعات الآخرين الداخلية، وتجنيب الداخل اللبناني انعكاسات هذه الصراعات، يقتضي أن يواكبه التزام موازٍ من الأفرقاء اللبنانيين جميعاً على التهدئة السياسية والإعلامية». وكان سليمان يشير ضمناً إلى الصراع الدائر في سوريا وانعكاساته على لبنان. ودعا إلى أن «يبقى التخاطب السياسي ضمن دائرة العمل الديمقراطي، وتحت سقف الثوابت الوطنية التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار أو مصلحة شخصية أو سياسية، التي تبقى على أهميتها ثانوية، قياساً إلى أمن البلد واستقراره، وحفظ سلمه الأهلي». وحذّر الرئيس اللبناني من أن «الخطاب المتشنّج ينعكس توتراً واضطراباً على مستوى القواعد الشعبية، ويترجم أحياناً في الشارع». على الهامش - اعتبر وزير الصحة أن هذا الحادث أصاب «كافة اللبنانيين في أمنهم واستقراهم»، وجدد إصرار التزام الحكومة اللبنانية عن الأزمة السورية. - وصف مدعي عام التمييز القاضي حاتم ماضي، حجم الدمار جراء الانفجار بأنه كبير، ولفت إلى أن أشلاء الضحايا غطت الساحة. وقال: «لم نستطع حتى الآن «إحصاء عدد الضحايا».. متمنياً ألا يكون كبيراً. - أكد مسيحيون من سكان المنطقة أن الانفجار يهدف إلى زرع فتنة طائفية في البلاد، إضافة إلى ترويع الشارع المسيحي، وفك الارتباط بين المسيحيين وشركائهم المسلمين. - قال أحد سكان الحي، ويدعى رولان (19 عاماً) «سمعنا صوت انفجار كبير. شعرنا بالأرض تهتز من تحتنا». وحاول بعض الأهالي البحث عن أولادهم في محيط مكان الانفجار. وصرخ رجل «أين بيار؟»، في حين قامت امرأة بالبحث عن ابنتها ندى. - اعتبرت الممرضة رحمة، التي أتت لإسعاف الجرحى، أن الانفجار يذكر بالحرب الأهلية، وقالت «هذا يذكرني بالتفجيرات خلال الحرب الأهلية (1975-1990)، وخلال فترة ما بعد الحرب». - الانفجار يأتي بعد أيام على تحذير المبعوث الدولي الخاص بسوريا، الأخضر الإبراهيمي، من خطر امتداد الحرب الأهلية في سوريا خارج حدودها، ليشمل منطقة الشرق الأوسط. رسالة سياسية أكد النائب كتلة المستقبل نهاد المشنوق، أن الانفجار رسالة سياسية بامتياز من النظام السوري المنهار، من أجل إرعاب اللبنانيين، مؤكداً أن استهداف الأشرفية بالذات له مدلولات كبيرة، لا سيما أن هذه المنطقة معروفة بعصيانها على النظام السوري. كما لفت إلى أن الفاعل وتفاصيل العمل المجرم، لا بد أن تظهر، لا سيما أن المنطقة مليئة بالكاميرات.