عند كل منعطف في عملية الترتيب للحوار الوطني تخرج صحيفة (26 سبتمبر) الرسمية لتهاجم قيادات الحراك الجنوبي في الداخل والخارج. ومن الهجوم القديم الذي شنته الصحيفة الصادرة عن دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع على كل من علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس الخميس 21 يونيو من العام الجاري قبيل اجتماع القاهرة بيومين (الأحد 24 يونيو)، إلى الهجوم الجديد الذي شنت فيه الصحيفة الجمعة الماضية وعبر موقعها على الإنترنت وعددها المطبوع بشكل استثنائي بمناسبة ذكرى الاستقلال هجوما على كل من علي سالم البيض وحسن باعوم. وفي عددها الاستثنائي وتحت عنوان "ألا يفهم ذلك البيض أو يعقل"، قالت الصحيفة: "اعتبر مراقبون سياسيون أن النزعة الانفصالية لعلي سالم البيض وقرينه حسن باعوم قد خلقت حالة من التذمر والتندر في أوساط المواطنين في المحافظات الجنوبية وخاصة المغرر بهم الذين صاروا ينصرفون عن متابعة خطابات البيض المتكررة والمملة ومنها خطابه الأخير الذي ألقاه أمس بمناسبة العيد ال45 للاستقلال وطالب فيه بقوات دولية لفرض الانفصال بالقوة وعبر عن رفضه للحوار الوطني مطالبا بحوار بين دولتين حسب زعمه". وتابعت: ".. بأن هذا الرجل لم يقرأ التاريخ جيدا ولم يتعلم من دروس الماضي ولم تعد له علاقة بالشارع اليمني سوى مخاطبة من غرر بهم عبر الهاتف ولا يدري ماذا يدور من أحداث وما يعتمل داخليا وخارجيا..". ووصفت البيض بأنه "يغرد خارج السرب.. وعندما أراد أن يصيب الحكمة أصاب الجهل والغباء..". وورد الموضوع بدون اسم الكاتب، ما يشير إلى أنه موقف الصحيفة التابعة لوزارة الدفاع والمحسوبة على راعي الحوار الوطني الرئيس عبدربه منصور هادي. وتساءلت الصحيفة: "فهل سيعي هذا الرجل أو يصحو من غفلته ويتأكد من حقيقة ما يدور حوله ومثله مثل شخص وضع نفسه بين أربعة جدران وأخذ يكلم نفسه ثم تطورت عنده الحالة إلى جنون العظمة فتخيل الجماهير من حوله فأخذته الحماسة للخطابة فأخذ يخطب ويهدد ويتوعد ويعد بما ليس ملكا له حتى تقطعت أنفاسه وسقط مغشيا عليه من كثرة الصراخ والهذيان ليكتشف أنه كان وحده لا غير في ذلك الخلاء..". وجاء هذا الهجوم الكاسح بعد ثلاثة أيام على المؤتمر الصحفي الذي عقده جمال بن عمر وأفصح فيه عن نسب التمثيل للأطراف المقرر مشاركتها في الحوار، وبالتزامن مع سفر حسن باعوم إلى المملكة العربية السعودية الذي يترقب البعض أن يثمر حلحلة في موقف باعوم من الوحدة، أو من الحوار على الأقل. وفي رد عاجل على هجوم الصحيفة أصدر الفصيل التابع لعلي سالم البيض في الحراك الجنوبي بيانا مساء ذات اليوم الجمعة اعتبر فيه ما نشر في الصحيفة "بيانا سياسيا صادرا عن وزارة الدفاع"، وأكد أن "مهاجمة وزارة الدفاع اليمنية للقيادات الجنوبية سببه حالة الذعر التي أصابت صنعاء جراء الأعداد المهولة للمشاركين في التظاهرات الجنوبية". وأضاف البيان: "لا تزال صنعاء تصر على ارتكاب الحماقات تلو الحماقات بداية من حربها ضد الجنوب في العام 1994 وحتى اليوم وهي تقف أمام جموع ملايين الجنوبيين ويصر ساساتها وتجار حروبها على ارتداء نظارات عازلة تعزلهم عن الواقع الحقيقي الذي يعيشه الجنوب اليوم". وتابع البيان المنشور في "عدن الغد": "إننا نقول لوزارة الدفاع اليمنية التي أطلقت سهامها صوب قيادات جنوبية إن من خرج اليوم إلى الساحات ليسوا علي سالم البيض ولا حسن باعوم وحدهما وإنما من خرج اليوم ليقول لكم غادروا حياتنا وابتعدوا عنا هو ذات الشعب الذي سحقته مجنزرات قواتكم في 1994، 2007، 2010، وفي كل عام". وقال البيان: "على صنعاء أن تكف عن السير في طريق حماقاتها فال 30 من نوفمبر 2012 ليس ال 7 من يوليو 1994 وعليها أن تدرك أن من مدوا أيدهم لإخوانهم في اليمن بنقاء وصفاء وصدق في 1990 ليسوا هم من يقفون اليوم في ساحات النضال الجنوبية لأجل استعادة الدولة الجنوبية وتحريرها واستقلالها". وتترك صحيفة وزارة الدفاع التي يرأسها الوزير الأبيني محمد ناصر أحمد علامة استفهام كبرى حول هدفها من استفزاز الحراك الجنوبي وبهذه اللغة الفجة في هذا التوقيت بالذات!؟ وبالعودة لقاء القاهرة (24 يونيو) الذي ذهب من أجله وفد من صنعاء للاجتماع بعدد من القيادات الجنوبية وعلى رأسهم علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، فقد كان ملفتا أن الصحيفة استبقته بحوار مع أحمد بن دغر، وهو وزير الاتصالات المؤتمري الجنوبي المحسوب -أيضا- على الرئيس هادي، وقد ضمن حواره هجوما حادا على كل من علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس. ويتحدث محللون عن عدم جاهزية حزب المؤتمر الشعبي للدخول في الحوار، إذ لا يزال مقسما يتنازعه كل من رئيس الجمهورية (عبدربه منصور هادي) ورئيس المؤتمر (علي صالح). وأن الطرفين يسعيان للعرقلة غير المباشرة لخطوات الحوار وبما يرونه يتيح لهم من الوقت ما يسمح لهما بتنفيذ أجنداتهما الخاصة. ويقرأ متابعون قرارات الرئيس هادي التي قضت بتعيين العشرات في مناصب عسكرية وأمنية ومدنية منذ توليه الرئاسة في 21 فبراير 2011م على أنها إشارة صريحة لعدم قدرة الرئيس هادي على التخلص من الماضي الذي شهد جولات من الصراع بين ما كان يسمى "الطغمة" و"الزمرة"، وهي الصراعات التي بلغت أوجها في المرة الأولى في أحداث يناير 86م وانتهت لصالح الطغمة، ثم في الجولة الثانية التي توارت خلف حرب الوحدة والانفصال في صيف 94م وانتهت لصالح "الزمرة"، ولا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم.