قف، إنك في الدينامو المحرك الضابط لإيقاع اليمن، ورُمَّانة التوازن بين الشمال والجنوب. قف، إن الرائحة العَبِقة التي تشتمها بدرجات متفاوتة تبعث من بين أسماء الشهداء والشهيدات اللواتي ذهبن نتيجة جرم النظام السابق، لقد فُتحت شهية صالح في هذه المحافظة تحديداً لحصد أرواح أكبر عدد من النساء: تفاحة، عزيزة، زينب، ياسمين، جميلة، أسماء، نجوى... وحين الوقوف تأكد أنك على أنقاض محرقة، أو مجزرة لا فرق، وأطلال من الفوضى، ومن ثم إنك دالفٌ إلى قلب الجمود والخمول الرابضين في المكاتب الحكومية في محافظة تعز، وأكوام من الورق المتكدسة المليئة بالخطط التنموية التي يضعها المحافظ القادم من أعتى بيتٍ تجاري واقتصادي، لكن تبدو المكاتب كما لو أنها تَعمَه في سَكراتها! في تعز لم يحدث شيء على مستوى المكاتب التنفيذية الحكومية، ومازالت الآلية السابقة أو جذورها مهيمنة على الإدارة هناك، وكأن شيئا لم يتغير. الناس في المحافظة ليسوا متحاملين على محافظها الأنيق، حتى من يختلفون معه سياسياً لا يتشفون من طريقة إدارته للمحافظة، مع أنه في الغالب يبدو على استعداد بألا يسمع كلام أحد عدا رأسه المملوء بالخطط، فقط الخطط التي كانت تمر على ذهنه عندما كان رئيساً للجنة الخدمات في المجلس المحلي في المحافظة. الصحة المريضة! في أنموذج الصحة، مثلاً، لم يحدث شيء، أحياناً تهجم حمى الضنك وتتسبب في حالات وفاة، وتبقى حركة السكون ثابتة في السلطة المحلية، وقد قام أبناء المحافظة - أكثر من مرة- بتنظيم مسيرات ضد مدير مكتب الصحة دون جدوى، وكان منتمون للقطاع الطبي يقومون بالمسيرات الأسبوعية للمطالبة بتغيير مدير مكتب الصحة، إثر ذلك قام شوقي هائل بالاتصال مع المنضمين لتلك الاحتجاجات، وطلب منهم إيقافها، على أن يمهلوه شهرين للتغيير، وحين تمت الشهرين لم يحدث أي تغيير. في زيارة خاطفة لمكتب الصحة، كان عدد من الموظفين يشكون من تصرفات المدير، ويؤكدون أنه على صلة بالسلك العسكري الذي يعمل مع صالح، تصرفاته تشي بأنه رجل عسكري جَلِف، لا علاقة له بمهنة ملائكة الرحمة إذ إن أفعاله تفصح بغير ذلك، لقد قطع أغصان الشجر الموجودات في حوش المكتب؛ لكي لا يتفيأ الموظفون ظلها، وزرع زجاجات في أماكن محددة كي لا يجلس الزائرون عليها. أمن متمركز في الوسط واحتجاجات عسكرية ومن الملاحظ أن إدارة تعز تتمركز أمنيا في مناطق جغرافية محددة، حيث أن المظاهر المسلحة بدأت تعود إلى الأطراف، كعصيفرة والحوبان وبير باشا وهو ما يبشر بالعودة إلى عهد المحافظ السابق. في السياق يبدو الوضع العسكري مضطرباً، خصوصاً في اللواء 22 الذي كان تابعا للحرس الجمهوري، حيث طرد جنود وأفراد اللواء 22، قائد اللواء العميد محمد البخيتي مطالبين بصرف مرتبات ومستحقات واعتمادات التغذية والفرش. الحبكة معقدة جداً في الجانب الأمني العسكري، ذلك التعقيد ناجم عن الغموض المسيطر حتى الآن في محافظة تمشي الإدارة على كف القدر الذي قد يكفل في يوم ما إظهار دوافع ما يحدث؟ ومن هي الجهات المستفيدة التي تقف وراء ما يجري في تعز؟ صرف النظر عن ثلاثين ألف طالب في الشارع الصرح الأكاديمي الأكبر في اليمن في حالة توقف عن التعليم، وطلاب جامعة تعز يواصلون اعتصاماتهم بحثاً عن حلول. بحت أصواتهم، ولم يبحث الجانب الحكومي أية حلول باستثناء قرار تكليف. في شارع جمال الحاضن الأول لثوار تعز يقف الطلاب في منتصفه لمدة ساعات في اليوم، كي يُوصِلون رسالتهم إلى المختصين بأنهم مقطوعين عن الدراسة، ويطالبون بعودتها. وكان الطلاب قد ملَوا أسلوبهم المتكرر الذي استمر لأسابيع، مما حدا بالغاضبين منهم على قطع شارع جمال وإحراق الإطارات، فجاء الرد من قوات الأمن ومسلحين بإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريقهم. وبدأت المشاكل في جامعة تعز التي تأسست في إبريل 93، عقب مطالبة الدكاترة بتغيير جذري في القيادة، وهو ما جعل رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة يصدر قرارا في مطلع الشهر الجاري بتكليف الدكتور محمد الشعيبي للقيام بأعمال رئيس جامعة تعز. وبالرغم من قرار باسندوة إلا أن نقابة التدريس بالجامعة أعلنت استمرار إضراب الهيئة والإداريين حتى إقرار لائحة تنظيم التعليم من قبل مجلس الوزراء. الطالب في كلية الحقوق عبدالعزيز الصبري قال ل"الأهالي" أن أعضاء هيئة التدريس يرفضون الدراسة، "ونحن نقطع شارع جمال كخطوة تصعيدية، مطالبين بعودة الدراسة بعد انقطاع يربو عن شهرين، وبعد تكليف الدكتور محمد الشعيبي قبل أسبوعين"، وأضاف الصبري:«وعَدنا رئيس الجامعة الجديد الأسبوع الماضي بعودة الدراسة، لكننا فوجئنا هذا الأسبوع بمبررات رئاسة الجامعة من أنهم لا يزالون في حوار مع هيئة التدريس». وتابع الصبري مخاطباً رئيس الجمهورية: «يا رئيس الجمهورية بحق الحوار الوطني انظر إلى جامعة تعز فهي مغلقة منذ شهرين»، مؤكداَ بأنهم سيصعدون الموقف إذا لم يتم النظر لمطلبنا ونحن لا نطلب أكثر من حقنا في الحصول على التعليم -حسب تعبيره. نزاع المياه.. غصة الحكومة القادمة! على جبل صبر تعيش الأُسَر على صفيح ساخن، ونذر حربٍ تلوح بالأفق، فالمتارس تُشي�'د كل لحظة، وشراء أنواع الأسلحة يرتفع كل يوم لأسباب تافهة. ضمن سياق الخلاف حدثت مناوشات ليلية وسقط قتيل قبل أسبوعين في قضية قراضة والمرزح. وتملك إحدى الجهات أوراق تثبت ملكيتها للأرض وللغيول محل النزاع معمدة من الإمام أحمد حميد الدين ومن القاضي عبد الرحمن الإرياني الرئيس السابق، في منتصف التسعينيات أصدر أحد القضاة الذين لديهم نفوذ قبلي في اليمن حكماً جاء مع الطرف الذي لا يملك الأوراق، اعترضت منطقة قراضة على الحكم فتم قصف المنطقة بالسلاح الثقيل،فتواصلوا مع المحافظ ومدير الأمن "رشاد العليمي" لكنهم لم يعترضوا على قرارات القاضي، فر الناس من بيوتهم نتيجة القصف والحملة العسكرية الظالمة، يقول أحد أبناء المنطقي وهو يروي القصة ل"الأهالي". والمضحك المبكي حسب الرواية أن القضية في عهد صالح بعد 95 تحولت من قضية ماء إلى قضية سياسية أن أبناء قراضة «انفصاليين وبقايا أنصار الاشتراكي»، وبعد ما يقارب الشهر من احتلال قوات القاضي (تحتفظ الصحيفة باسمه) للمنطقة والتهجير والاعتقالات ووجود رأي عام ساخط من زج الجيش بأغراض شخصية، تداعى مشائخ صبر ومشائخ تعز وتم الاتفاق على إحلال قوات شعبية لمشائخ صبر بدل قوات القاضي، حتى يتمكن الناس من العودة إلى بيوتهم وتسليم 70 رهينة من أبناء قراضة إلى السجن المركزي. نزل علي صالح إلى تعز بعد سخط المحافظ ومشائخ تعز من بلطجة القاضي، وشكل لجنة قضائية برئاسة عقبات الذي انحاز للقاضي، حكماً غير قابل للنقض. الآن عادت المشاكل إلى المنطقة بخصوص توزيع الماء بحجة أن الماء المتبقي لا يكفي، وسقط قتيل الأسبوع الفائت، ليتواصل أعيان المنطقة مع السلطة المحلية لحل المشكلة سلميا وعبر القضاء، وبحسب مصدر ل"الأهالي" فإن المحافظ شوقي هائل اجتمع السبت الماضي مع أعيان القريتين وقال بأنه سوف ينفذ الحكم السابق ولن يسمح بالفوضى، وهو النهج الذي اتخذه صالح وأجج المشكلة. المشكلة تتفرع إلى مناطق جغرافية متعددة في تعز، مشكلة المياه التي قد تتنامى مستقبلاً لتكون غصة كبيرة في صدر الحكومة، ويمكن الاستدلال بما حدث في مايو 2010 في مخلاف شرعب، حوصرت المديرية عسكرياً وبالآليات الثقيلة من كل اتجاه بقيادة جبران الحاشدي، بعد أن قام أحد أعيان المنطقة باحتجاز حفار حكومي أراد أن يحفر بئراً ارتوازياً في منطقة الجبال خوفاً من استنزاف مياه المنطقة. تعي قيادة المحافظة هذه المعضلة تماماً وتدرك الحكومات المتعاقبة ذلك، ففي 8 أغسطس من العام المنصرم، عُقِد اجتماع في تعز ترأسه وزير المياه والبيئة المهندس عبد السلام رزاز ومحافظ تعز شوقي أحمد هائل سعيد بمبنى المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي حول تسيير مشروع تحلية مياه البحر لمدينتي تعزوإب. تحدث المحافظ عن مشروع التحلية إسعافي.. مطالبا بإيقاف أي عراقيل أو أي جهات تحاول عرقلة هذا المشروع والمضي قدما في تنفيذه، موضحاً أن مشروع التحلية تم تقسيمه إلى ثلاثة مكونات أساسية تشمل مشروع التحلية ومحطة الكهرباء المطلوبة لتغذية محطة التحلية، والخط الناقل للمياه تعز/ إب، وكذا إعادة تأهيل مؤسستي المياه والشبكات الداخلية بتعزوإب، كان يتحدث من ورق. [email protected]