سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا يستميت الحوثيين في الدفاع عن وزير واحد فقط رغم فسادة النتن .. أعداء الربيع العربي ودعوات إقالة الحكومة الفاشلة – الربيع يفضح من يختبئ في الظل تبرئة الذات من نقمة الشعب
قراءة سياسية للباحث والمفكر السياسي ناصر يحي حول حديث الساعة .. تغيير حكومة الوفاق والأثار التي تندرج وراء ذلك : من المهم التذكير أولاً أن فكرة المطالبة بإقالة الحكومة الفاشلة (!) وتشكيل أخرى من كفاءات وتعكس الشراكة الوطنية؛ ليست إنتاجاً يمنياً خالصاً، ولكنها إحدى بنود خطة الثورة المضادة في بلاد الربيع العربي.. فمن مصر إلى تونس إلى ليبيا.. كانت الثورة المضادة تبدأ؛ في ظل هياج إعلامي شرس؛ مؤامرتها بالمطالبة بعزل الحكومة الفاشلة والإخوانية ؛ ولو كان عمرها شهوراً قليلة كما كان الأمر في الحالة المصرية! والسؤال هنا: هل يحلف هؤلاء يمين طلاق أن الحكومات الجديدة في مصر وتونس وليبيا قد أثبتت نجاحها في العمل أم إنها أغرقت البلاد في الفشل من كل نوع؟ مبرر تشكيل حكومة شراكة وطنية لا تقصي أحداً كان سبباً مطروحاً إلى جانب مبرر "الفاشلة" لتغيير الحكومات.. وشاء الله أن يفضح حقيقة هذا المطلب عندما جاءت الحكومة الجديدة في تونس خالية من الإسلاميين الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان التونسي الأول من نوعه في النزاهة.. أما في مصر فقد تمخضت الشراكة عن إعادة إحياء النظام العسكري القمعي الذي حكم مصر منذ أكثر من ستين سنة، وإقصاء حتى الأنذال الذين دعموا الانقلاب لصالح عودة نظام كبارك، وهم يعلنون من الآن أن البرلمان القادم سيكون برلمان رجال مبارك! وها هو نظام السيسي يكاد يحصل على المرتبة الأولى عالمياً في القمع والإقصاء حتى للقوى الانتهازية التي ساندته في الانقلاب على المسار الديمقراطي! ويكاد الاقتصاد المصري ينهار تحت وطأة الفشل الحقيقي الذي وصلت البلاد إليه رغم عشرات مليارات دول الخليج العربي، وعدم وجود مؤامرات داخلية بقيادة الجيش والأجهزة الأمنية ضد الرئاسة كما كان الحال أيام الرئيس محمد مرسي! في اليمن كان مطلب إقالة الحكومة مطروحاً من زمن ليس قصيراً.. وكان أغرب ما فيه أن المتصدرين لإقالة الحكومة هم جماعة المخلوع علي صالح الذي لديه ممثلون فيها قدرهم نصف أعضاء الحكومة (الفاشلة!) وحاصلون على شهادة إيزو دائم في الفشل الكامل في إدارة الدولة.. أما الآخرون مثل الحوثة وبعض وسائل إعلام أحزاب في المشترك فأمرهم غريب أيضاً؛ فالحوثة رفضوا المبادرة الخليجية التي تأسست عليها السلطة القائمة: رئاسة الجمهورية وحكومة الوفاق.. ومن ثم فليس لهم حق المطالبة بتغيير الحكومة إلا إذا كان التحالف مع المخلوع يفرض عليهم ذلك.. أو أنهم ندموا على عدم مشاركتهم فأرادوا استدراك غلطتهم من خلال فكرة حكومة الكفاءات الشراكة الوطنية.. لكن في كل الأحوال فقصارى ما يحق لهم أن يعدوا أنفسهم للانتخابات القادمة ليحصلوا على الأغلبية ويشكلوا حكومة.. ناجحة! ومثل الحوثة كانت بعض أحزاب المشترك المشاركة في الحكومة تدندن على لحن الحكومة الفاشلة.. دون أن تجرؤ على سحب ممثليها الفاشلين أو الناجحين (الله أعلم!).. لأن الغرض كان تبرئة الذات أمام أي نقمة شعبية مفهومة تجاه الحكومة في ضوء حقيقة أن كثيرين لا يفهمون أن مهمتها تسيير الأمور حتى الانتخابات القادمة، وليس تحقيق إنجازات مثل إنجازات المحطة النووية أو بناء خطوط السكة الحديدية أو القضاء على الفقر في سنتين لا ثالث لهما! في كل الأحوال صار تغيير الحكومة أو تعديلها محل اتفاق الجميع (بصرف النظر على دوافع كل طرف!) ولو كان قرار رفع الدعم ليس قراراها ولكنه قرار رئيس الجمهورية شخصياً، وهي تحملت مسؤوليته سياسياً وإعلامياً كموقف انتهازي من الرافضين خوفاً من البند السابع الذي فرض عليهم التزام الأدب والحياء مع هادي! المهم الآن، وقبل تشكيل حكومة وطنية فهناك عدد من المسائل ينبغي الانتباه لها قبل أن تصير الحكومة الجديدة مشكلة يعود بعدها الرافضون لحكومة باسندوة ليرفعوا شعار "سلام الله على باسندوة وحكومته!".. وعلى سبيل المثال فإن تحديد اسم رئيس الوزراء الجديد سيكون مشكلة بحد ذاته.. فأولاً يجب أن يتفق عليه الجميع.. وثانياً فلا بد أن يكون مرشحاً عن اللقاء المشترك وإلا سقطت المبادرة الخليجية وسقط معها كل ما تأسس عليها من أوضاع سياسية! وبالتأكيد فإن هذا لن يتفق عليه الجميع ولن يرضى به الحوثة والمخلوع وربما الرئيس هادي نفسه! هناك أيضاً مشكلة استيراد جهاز إلكتروني لاكتشاف جينات المستقلين المزعومين والكفاءات المناسبة المرشحين للمشاركة في الحكومة الجديدة.. فمنذ لحظة الإعلان عن البدء في تشكيل حكومة مستقلة وكفاءات فكل الطامعين في منصب وزير سوف ينقلبون مستقلين (استقلالاً ناجزاً).. وكلهم سوف يقدم "سي في" يؤكد فيه أنه عدو تاريخي للحزبية والأحزاب من بطن أمه! وأما حكاية اشتراط الكفاءات فصدقوني فلن تكون مشكلة إطلاقاً.. فكم عدد الوزراء الآن الذين لا يمكن وصفهم بأنهم كفاءات في تخصصهم؟ وما هو مقياس الكفاءة في هذه الحالة؟ أيضاً من المشاكل التي قد تواجه الحكومة الجديدة هي تحديد نصيب كل حزب فيها.. فهل نصدق مثلاً أن المؤتمر سوف يرضى بتخفيض عدد ممثليه ليتساوى مع حزب الخضر.. أو حزب الحق.. أو الأحزاب المتحالفة معه؟ وهل نصدق أن أحزاباً أخرى مشاركة سوف ترضى بوزارة هامشية بدلاً من الوزارة المهمة التي تتولاها الآن؟ فضلاً عن أن ترضى بوزارة مستحدثة خصيصاً لها مثل وزارة الطاقة النووية وغزو الفضاء.. أو بوزير دولة مهلنيش.. أو تخرج من المولد بلا حمص؟ الحوثة أنفسهم وفقاً لتصريح الثعبان الأقرع أو الحية الرقطاء لا يريدون المشاركة في الحكومة، وسيتصدقون بحصتهم على الأحزاب التقدمية بوصفهم (ربما) من المؤلفة قلوبهم والرقاب! ولكنهم يريدون المشاركة في صنع القرار من وراء الستار (على طريقة اليهود في أمريكا والدول الغربية!).. بمعنى أنهم يريدون عسل السلطة لا مرّها! وكعادة الدساسين لم يقل هل يجوز ذلك أم لا؟ ومرر الكلام بوصفه مشروعاً لا غبار ولا تتن عليه.. وربما دليل نزاهة وقناعة الحوثة التي هي كنز لا يفنى.. وكفاية موارد صعدة وعمران! وأخيراً.. فإذا كانت هذه الحكومة فاشلة إلى درجة الخروج عليها بثورة شعبية.. فهل سيكون رئيس الوزراء القادم من بين أعضائها (ما هو رائج) رغم أنه فاشل بعد مشاركته في الفشل هو أيضاً؟ وهل سيبقى أحد من الوزراء الحاليين ولا سيما قادة الأحزاب والرؤوس الكبيرة أم سيكون القرار: اخرجوا منها مذمومين مدحورين؟ إذاً؛ أمر الحكومة الجديدة ليس هيناً كما يراد تسويقه للناس.. ولاحظوا أن الحوثة الذين يبررون رفضهم للحكومة بأنها حكومة فاسدة هم أنفسهم الذين يؤيدون وزيراً واحداً فقط، وينافحون عنه في صحفهم جهاراً رغم أنه الوزير الوحيد المتهم بنهب مليارات ويرفض إخلاء طرفه منها.. وهو أيضاً الذي عرقل حتى الآن تنفيذ برنامج البصمة في وزارته التي تضم أكبر عدد من الموظفين الوهميين في العالم وليس في اليمن فقط! والذي ما يعرفش الطب يصدق أن الحوثة يحاربون الفساد! Tweet