آخر مكالمة له مع ولديه قبل وفاتهما بأسبوعين يحضهما على حفظ القرآن والصلاة في المسجد، ويتساءل: هل أمي راضية عني؟ ويقول: الصعاليك يتحدثون عن تحسن وضعنا والحقيقة أنهم نقلونا إلى أسوأ مكان
نبيل: كيف الأوضاع عندكم؟ عبد السلام: ليس هناك أي شيء الكلام فقط تغير اللهجة تغيرت وضحكة على الناس أما الواقع من وساخة إلى وساخة.
نبيل: يقولون أنهم بايغلقوا السجن؟ وهذا قرار من عند أوباما؟ عبد السلام: كله كلام كذب، وهذا كلام انسوه، وأن الفرج من عند الله متى ما جاء. أما هذا الكلام والقرارات سمعنا وقالوا لنا هذا كله كلام هدرة، نفخ في قربة مقطوعة.
نبيل: الله سبحانه إذا أذن يسّر. عبد السلام: كلامهم لا يرفع معنوياتي ولا ينزل معنوياتي ولا أنا في وادي أحد، متى جاء الفرج من الله عز وجل جاء. ولو يقول لي علي عبدالله صالح ستخرج غداً والله ما أركن دقيقة واحدة ولو يكلمني أوباما.
نبيل: أهم شيء أن الإنسان مرتبط بالله عز وجل. عبد السلام: من فين تتصل ذلحين؟ نبيل: اتصل من مقر الصليب الأحمر؟ عبد السلام: مش قالوا الاتصال بايكون من المستشفى.. قالوا علي فعل حادث.. ما ادري أيش.. نبيل: أوه علي تعب قوي.. لكن هذا قدر الله كما نزل ما عاد إلا نرضى ونسأل الله يعظم أجرنا وأجرك.. والحمد لله على قضاء الله وقدره. وقد كان فعلنا له عملية وتعافى وتحسن ولكن وفي أجله. بعد دقائق ظل فيها عبد السلام يحمد الله ويحاول تجاوز الصدمة واصل أسئلته: كم له من حين توفى؟ نبيل: توفى قبل حوالي أسبوعين.
عبد الرحمن: السلام عليكم.. حبينا نواسيك وأنت قوي الإيمان وما عاد إلا تصبر وتحتسب. عبد السلام: الحمد لله على قضاء الله وقدره.. علي قد كان تزوج أو لا؟ عبد الرحمن: قد كان خطب وعقدنا له ولكنه دخل بالمرض ومنعوه من الزواج. وقد كان خطبنا له بنت خالتي، والمرض له أكثر من حوالي سنة واضطرينا إلى أننا نبقيه إلى أن تتحسن حالته، ولكن الله أراد خير، ونسأل الله أن يثبت قلبك بالصبر والسلوان، ويا أخي ويا عزيزي الغالي اصبر واحتسب، ونحن اضطرينا أن نبلغك الخبر، وقبل أسبوعين من الوفاة عندما أصريت على أنك تكلمه، وقبل أسبوعين حصلت الوفاة، فأردنا اليوم أن نبلغك ونواسيك.
نبيل: عبد السلام. عبد السلام: وأين أمي. نبيل: أمي تاعبة فيها مرض القلب والسكر وهي زعلانة عليك ومريضة وقد دخلناها المستشفى السعودي الألماني، حالتها حالة ونرجوا أن تدعو لها. عبد السلام: يعني تعبت بعد وفاة علي. والآن أين هي؟ وليش ما تعالجوها، وترقدوها في المستشفى. نبيل: بندخلها كل فترة وعندها مرابطين وحالتها تاعبة بس هي عاد نفسها تبصرك. عبد السلام: هي تمشي ما فيها شلل وإلا شيء. نبيل: ما فيها شلل أبداً، إلا القلب والسكر. عبد السلام: الاتصال الأخير كانت نفسها طيبة وتكلمني ما فيها شيء. نبيل: كانت حالتها طيبة، وعندما كنت تقلها يا أماه في نفسي وهي تقول لك أيوه هو هذا الذي بنفسي وهي قد كانت تاعبة وكانت خرجت من المستشفى وعندما كنت تقل لها نلتقي في الجنة وهي بتذكر الله وصابرة. عبد السلام: إنا لله وإنا إليه راجعون. نبيل: وهذا المكتوب لا يستطيع أحد أن يرده، وهذا مكتوب من قبل ما يخلق الله السموات والأرض. وأنت قدك ما شاء الله أثبت مننا وأن من ظلم ما يظلم إلا نفسه وعند الله عز وجل ما يضيع شيء. عبد السلام: أمي عارفة أنكم جايين تتصلوا بي.. نبيل: نعم والأولاد كلهم موجودين هنا.. أولادك الثلاثة.. عبد السلام: خليك من الأولاد أنا أقول لك أمي قال العيال، وليش ما تعملوا ربط اتصال. نبيل: ما نستطيع الاتصال إلا داخل الصليب. عبد السلام: وليش ما انتقل حاتم – موظف الصليب الأحمر- إلى البيت. وأيش الفارق أن الموبايل ينتقل للبيت وأيش المشكلة. نبيل: لأن اليوم جمعة وهي عطلة والوقت متأخر. عبد السلام: كلم حاتم موظف الصليب بأن ينقل التلفون إلى البيت وأنا عاد انتظر ربع ساعة نصف ساعة لما ينتقل التلفون.
عبد الرحمن: أنت عارف أن الوقت متأخر وخالتي مريضة قليل والأطباء منعوها من الكلام وهي الآن في البيت تاعبة وأن أي كلام يؤثر عليها وخاصة عندما تسمع صوتك وأنت عارف المرة الأولى كم بكت، وبعد تأثرت قوي ونحن استشرنا الأطباء، فقالوا جنبوها أي انفعال أو حزن. عبد السلام: يا أخي بالله هي ما زالت حية؟ عبدالرحمن: نعم حية، والحمد لله رب العالمين على كل حال، وبسبب الأوجاع التي فيها نحن أردنا أن نجنبها أي شيء يؤثر عليها وهم بلغونا أمس من شان الاتصال، وحضرنا الأولاد عمر ويوسف وملاك، ولهذا يا أخي اصبر واحتسب، أما علي الله يرحمه، وإن شاء الله في القريب العاجل تلتقي بخالتي ونلتقي جميعاً ويلم الله الشمل ويكتب الله الأجر. عبد الرحمن: حدثنا عن أحوالك أهم شيء.. أعطيك الأولاد يكلموك.
بعد أن يئس عبد السلام من إمكانية الحديث إلى أمه استسلم للأمر الواقع وانتقل للحديث إلى أولاده الثلاثة وكان كل همه وتركيزه على تربيتهم على التدين والصلاح وحضهم على الاجتهاد في دراستهم..بينما كان البكاء يغالبه بين الحين والآخر كل ما جاء إلى الحديث عن وفاة أخيه أو مرض أمه التي لم يكن حتى ذلك الوقت يعلم بخبر وفاتها. عمر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. كيفك يابه؟ عبد السلام: الحمد لله كيف أنت يا ابني. عمر: الحمد لله نحن بخيرين لا تقلق علينا، وأرجو من الله أن نجتمع ونلقاك يا أبي لا تحزن هذا قدر الله ونحن نقرأ ومنتظرون أي حين باتعود، وكلهم بيسلموا عليك. عبد السلام: وهو يبكي إن شاء الله قريب.. كيف أمورك يا عمر. عمر: الحمد لله. عبد السلام: أنت تحفظ القرآن. عمر: نحفظ كل مساء. عبد السلام: كم حفظت إلى الآن. عمر: حفظت أربعة أجزاء. عبد السلام: في أي صف أنت. عمر: الصف السادس. عبد السلام: ما شاء الله كيف تقرأ وتكتب جيد. عمر: نعم، وندرس كمبيوتر وقرآن وكل شيء. عبد السلام: كيف.. هل تحافظ على الصلاة؟ عمر: نعم.. أداوم عليها في المسجد.
يوسف: كيف أنت يابه.. السلام عليكم. عبد السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يوسف: يا أبي نحن مشتاقين نشوفك، وأنا حافظ ثلاثة أجزاء، وإن شاء الله نلتقي قريباً.. أمي تسلم عليك والبيت كله.. خاصة جدتي كانت تسلم عليك قوي. عبد السلام: نعم حبيبي الحمد لله أنت طيب والمدرسة التي أنت تدرس فيها جيدة. يوسف: نعم مدرسة أهلية. عبد السلام: أنت تقرأ وتكتب. يوسف: أكيد وأنا الذي أكتب لك الرسائل. عبد السلام: لم تصلني أي رسالة يا حبيبي. يوسف: والرسائل حق عمر وحق ملاك وحق أمي وحق عمي علي وكلهم.. عبد السلام: عمك علي قرأ الرسالة التي كتبتها له. يوسف: نعم قرأها قبل ما يتوفى. عبد السلام: الله معك يا ولدي الله يحفظكم من كل سوء الله يحفظكم وينتقم من الظالمين، ونسأل الله أن يري الأمريكان عجائب قدرته وأن يهلك أعوانهم المنافقين اللهم أنتقم من الظالمين.. فرقوا شملنا اللهم انتقم منهم، شردونا عن أهلنا.
ملاك: ألوه.. السلام عليكم. عبد السلام: وعليكم السلام أيوه ملاكي. ملاك: كيف أنت يابه؟ عبد السلام: الحمدلله كيف أنتي حبيبتي. ملاك: الحمد لله قداحنا مشتاقين لك كلنا بالبيت. عبد السلام: الحمد الله سلمي عليهم كلهم حبيبتي. ملاك: وأنا بين أحفظ القرآن، وأحفظ الأدعية على شانك. عبد السلام: جزاك الله خير حبيبتي وقولي لجدتك تدعي لي كثير. ملاك: من عيني، وكيف الأحوال معك يا أبي؟ عبد السلام: الحمد لله كم تحفظي الآن من القرآن. ملاك: أحفظ أربعة أجزاء. عبد السلام: قليل يا ملاك قليل أربعة أجزاء. ملاك: أصلاً يابه مع الدراسة ما بنقدرش نحفظ كثير. عبد السلام: القرآن يا حبيبتي أهم من المدرسة. ملاك: إن شاء الله ما تجي إلا وقدني حافظة كثير. عبد السلام: إن شاء الله.
نبيل: كيف حالك. عبد السلام: الحمد لله، ليش ما تهتم بالحفظ حق الأولاد والمراجعة. نبيل: هم يحفظوا، الآن في اختبارات، وآخر العام قريب. عبد السلام: علمهم أشياء تنفعهم بالدنيا والآخرة، وبعدين قدهم رجال.. عمر بصف سادس ابتدائي، ويوسف بأي صف – بصف رابع. يوسف: أنا في الصف رابع يا به. عبد السلام: قدك تتعلم إنجليزي وكمبيوتر. يوسف نعم، معنا كمبيوتر بالبيت. عبد السلام: تعلموا الكمبيوتر واللغة الإنجليزية وأهم شيء القرآن والصلاة بالجامع والأذكار. يوسف: أيوه يا باه. عبد السلام: يا يوسف اهتم بجدتك كثير، وسلم على أمك كثير. يوسف: تمام يا باه من عيني.
نبيل: نسأل الله أن يفرج عنكم؟ عبد السلام: ربك كريم ورحمة الله واسعة.. هؤلاء يحتقروا الحكومة اليمنية. المحققين والمترجمين والمحامين يقولوا إن الحكومة حقكم شحاتة، كلما نقول لهم استقبلوا أبناءكم يقولوا جيبوا لنا عشرة مليون دولار.. قالوا بيشحتوا باسمكم.. بالله عليك أذلونا وأذلوا أنفسهم الصعاليك هؤلاء، لو جمعوها تبرعات من المواطنين من القبائل كان بايجمعوا فلوس أكثر من الذي يشتوا يأخذوها من الأمريكان. نبيل: الأصل أن أمر الإفراج قد خرج، في إغلاق للسجن وهؤلاء يريدوا حق التأهيل. عبد السلام: أيش دخلني بالتأهيل وأنا لو كنت أحمل جواز دولة أوروبية كان قد قامت كل الدول الأوروبية وأنا ما عندي لا للأمريكان ولا لغيرهم أي شيء. ولا عندي لأحد مثقال ذرة ومرمي هنا في السجون وينقلونا من زنزانة إلى زنزانة ومن بلى إلى بلى ومن وساخة إلى وساخة. وهم الآن واضعين لنا في أوسخ مكان في جوانتانامو، والفرغ الصعاليك يقولوا كلام في الجرائد حسنّا حسنّا.. بس مجرد كلام على شان يرضوا الناس ويرضوا الإعلام، والناس هنا حالتهم حالة، مشاكل واصل والشغب متواصل، والإضراب عن الطعام متواصل. وأريد تقول للصعاليك الذي عندنا نحن ضد الإرهاب، جابوا للأمريكان كل صغيرة وكبيرة والآن هم حاطين لهم تحت أرجلهم. عبد السلام:ما هو آخر كلام قالوه لكم في هذا الموضوع.. نبيل: آخر كلام الإعلان الذي أعلنه الرئيس في التلفزيون استلام اليمن كل المعتقلين خلال ثلاثة أشهر.. عبد السلام: هذا التصريح الذي قاله قبل شهر.. نبيل: أيوه.. بس هم يشتوا زلط، وحتى منظمة هود الحقوقية سرنا إلى عندهم كلمونا قالوا إن حكومتنا يريدوا زلط. عبد السلام: كلمت أنا عبد الرحمن أنكم تزوجوا علي الله يرحمه لو قد تزوج أن قد معه أولاد.
عبد الرحمن: نريد نطمئنك أن الأولاد بخير في دراستهم وكل شيء.. وسند القادمي بيسلم عليك ونحن بنتابع مشكلتهم وهم ساكنين في عدن. عبد السلام: جيد وشوف إذا حالتهم المادية صعبة وإذا احتاجوا شيء لا تقصروا معهم. عبد الرحمن: أيضاً يا أخي الحمد والشكر على قضاء الله ودعواتك لعلي أخي وخالتي بالشفاء العاجل وأنا أبشرك بالفرج قريباً إن شاء الله.. وأن قطر قد عبرت عن استعدادها لاستيعاب كل المعتقلين في سجون جوانتانامو العرب والمسلمين. عبد السلام: الحكومة السعودية والقطرية لا تريد أن تدخل في صراع مع الحكومة اليمنية. عبد السلام: علي عبد الله صالح فيه شهامة وشجاعة ولكن الوسخين الذي جنبه بطانة السوء وأنا عندي مشكلة يا عبد الرحمن يكفي أنهم حرموني من أخي علي الذي اعتبره مثل عمر ويوسف واعتبره ابني وعلي كان أكثر واحد كان لصيق بي وكان جنبي 24 ساعة، لو تموت أمي وأنا مش جنبها ما أنساها لهم مدى الحياة. والتأهيل أيش يؤهل فيني وقد أمرضوا أمي واحرموني منها ومن أخي علي. عبد الرحمن: المهم بيت الحيلة كلهم يسلموا عليك وبيت الجمرة وبيت شايع وبني حشيش كلها والناس كلهم قد تجهزوا لاستقبالك استقبال الأبطال الفاتحين وإن شاء الله أن يكتب أجرك. عبد السلام: يا نبيل أمانة عليك أمي راضية عني. نبيل: والله أن هي تدعيلك وراضية عنك وما بتنساك لحظة. عبد السلام: عندما تروح تقل لها تصبر وتحتسب وهذا كله في ميزان حسناتها ونسأل الله أن يحفظها ويكتب أجرها من بداية عمرها ما ذاقت طعم الراحة.