بعد ثلاثة أشهر من إعلان الانقلاب على الدستور اليمني والرئيس علي عبد الله صالح، فشلت ثورة الاسلاميين في اليمن- التي أعدها الشيخ عبد المجيد الزنداني ضرب من (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)- في الاطاحة بالرئيس صالح، غير أنها لم تفشل في تغيير الصفة الملازمة للمجتمع اليمني بكونه (مجتمع محافظ)، والتي لطالما ظل العالم يرددها كلما مرّ الذكر على اليمن.. الاسلاميون- من أخوان مسلمين وسلفيين- ممن يسيطرون على ساحات التغيير ويتحملون تمويلها وحمايتها والتحدث باسمها، لم يعد في قاموس أدبياتهم أن المرأة "لا تخرج من بيت أبيها إلاّ لبيت زوجها ثم الى القبر"، ولا أن "صلاة المرأة في غرفتها خير من صلاتها في المسجد"، ولا حتى "تحريم دخولها البرلمان لتفادي اختلاطها".. بل هم اليوم ينتفضون في الشوارع في تظاهرات عارمة استنكاراً لانتقاد الرئيس صالح للاختلاط بين الجنسين في ساحات الاعتصام.. وتأكيداً للحق "الشرعي" للنساء في الاختلاط مع الرجال الغرباء!! الاسلاميون الذين فشلوا في "اسقاط النظام" لحد الآن، صنعوا المعجزات خلال ثلاثة أشهر من اعتصاماتهم.. فالصور التي ترونها أمامكم بات الشيخ الزنداني يسميها (أمر بالمعروف ونهي عن المنكر).. أما الشيخ حميد الأحمر، الذي كان اليمنيون يظنون أن عقليته قبلية "متخلفة"، ها هي وثائق وكيليكس تروي قوله لأحد الدبلوماسيين الأمريكيين وهو يعده بتقديم صورة حضارية إذا تولى الحكم، وبالحرف الواحد: (اجلب صديقتك إلى منزلك وأشرب لكن لا تفعل ذلك في العلن)، ويضيف: (لن نفرض الحجاب الشرعي)!!
ما سميت بثورة الشباب لم تسقط الرئيس صالح لحد الآن، لكنها أسقطت أولاً أعراف المجتمع اليمني.. وهاهم الاسلاميون يتفجرون غضباً في كل الشوارع بمظاهرات صاخبة تنديداً لانتقاد الرئيس لظاهرة الاختلاط بين الجنسين، ودفاعاً عن حق الاختلاط.. فليسقط إذن كل من يردد بعد اليوم أن اليمن (مجتمع محافظ)، فقد أصبحت (مجتمع متحرر)، والصور التي امامكم خير شاهد على أول بركات الثورة..!!