خمسة عشر يوماً من أيام شهر رمضان المبارك مضت حتى الآن، عشناها في أجواء مليئة بالقلق بسبب طبيعة الأوضاع المعيشية التي نحياها، عشناها بخوف وألم جراء المظاهر المسلحة المنتشرة في تعز وغير تعز وأثّرت على قلوبنا وعقولنا، عشناها مكبلين بالمجهول الذي يتربص بنا ويكاد يقودنا إلى الجنون..ما الذي جناه الشعب حتى يعيش في ظل هذه الأوضاع السيئة التي حكمت عليه أن يحيا طيلة الأشهر الماضية أياماً مليئة بالخوف وعدم الاستقرار النفسي والحياتي، بسبب الأزمات المتلاحقة التي تسبب بوجودها وسيطرتها بعض أبنائه؟!. ما الذي جناه الشعب ليعيش في ظل هذه التهديدات المتواصلة التي تستهدف النيل من أمنه وأمانه واستقراره..، وتستهدف إدخاله في نفق مظلم لاسيما في هذا الشهر الفضيل.. شهر رمضان المبارك الذي ألفنا أن نعيش نهاره ولياليه بروحانية نظل نترقبها باشتياق ولهفة وأمل طيلة عام كامل لنتقرب فيه إلى الله أكثر ونعيش في كنف عفوه ورحمته ومغفرته؟!. ما الذي جنيناه وصنعناه ليفرض علينا البعض من إخواننا هذه الحياة المسكونة بالأوجاع والآلام، المحفوفة بالمخاطر، والتي تقودنا وتقود الوطن إلى الضياع لا محالة؟!. ألا يكفي هذا الشعب الذي يعيش نصفه أو أكثر تحت خط الفقر الأوجاع التي قدّر له أن يعيش فيها لنبحث له عن أوجاع وآلام أخرى تقوده إلى الموت والهلاك؟. ألا يكفي هذا الشعب المآسي التي يعيشها جراء المنغصات السائدة وما أكثرها لنبحث له عن مآسٍ أخرى تحكم عليه بالموت والفناء؟!. الشعب لا يريد أن يعيش في ظل سيطرة الأحقاد والكراهية على النفوس والقلوب، ولا يريد أن يعيش في ظل الصراعات المتكررة التي نرى البعض ينجرف نحوها إرضاءً لنزواته ومغامراته الطائشة..، ولثأراته السوداء التي تخيم على عقله وتفكيره. الشعب لا يريد أن يكون ورقة أو كرتاً بيد أحد، كما لا يريد وصاية من أحد عليه. الشعب يريد أن يعيش في ظل دولة تعي مسؤولياتها وتحترم واجباتها.. يريد أن يعيش في ظل أمن واستقرار دون مصادرة لحقه في العيش بأمن وحرية وكرامة. الشعب يريد سيطرة النظام والقانون لا سيطرة الفوضى والعبث والتخريب، يريد أن يرى مدنه ترفل بالأمن والاستقرار.. لا أن يرى مجاميع ومليشيات مسلحة تسطو على أملاكه وتبيح دمه وتجعله يعيش خوفاً دائماً ومستمراً. الشعب يريد أحزاباً سياسية تعمل من أجله لا ضده، تتنافس من أجل إرضائه وترجمة آماله وأحلامه، ولا يريد السطو عليها أو التلاعب بها أو ادعاء الوصاية عليها دون وجه حق. الشعب يريد أحزاباً سياسية تعي ماذا يعني أمن الوطن والمواطن، وتدرك أن الوطن ملك لكل أبناء الشعب لا ملك لها دون غيرها.. يريد أحزاباً تستشعّر مسؤولياتها وواجباتها تجاه الشعب..، ولا يريد من قياداتها أن تتحول إلى تجار ومسعري حروب ومثيري فتنة وشغب ومروجي للحقد والكراهية والكذب والبغضاء والخداع بين الناس. الشعب يريد أن تحل كل الخلافات القائمة التي أثّرت على حياته وتكاد تعصف به عبر الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن..، لا بالذهاب نحو التهديد والوعيد وإثارة الفوضى وإشعال الحرائق وإيقاف عجلة الحياة وتعطيلها!. الشعب يريد أن تسود روح المحبة والإخاء والتسامح والسلام والوسطية والاعتدال في قلوب ونفوس أبنائه، ولا يريد لغة الغلو والتطرف والتشدد والإرهاب والحقد والكراهية أن تطغى وتتسيّد.. الشعب لا يبحث عن سلطة وإنما يختار من يحكمه ويتولى مسؤولياته ومسؤوليات بلده وفقاً لإرادته دون القفز عليها أو مصادرتها!.. الشعب يريد أن يعيش في أجواء آمنة مستقرة.. وعلى كل الساسة أن يفرقوا بين مصالحهم الشخصية والذاتية، وبين مصالح الوطن العليا ومصالح أبناء الشعب. الشعب يريد أن يعيش بحرية وكرامة.. فهل يفهم الساسة ماذا يريد الشعب؟!..