الجزء اليسير من المهمة أنجز وبقي الأصعب.. تنفيذ اتفاق التسوية وفقا للآلية المزمنة يفرض تحديات جمة أمام حكومة التوافق وأحزاب الحكومة التوافقية. وإذا كان الفشل بمثابة انتحار (ممنوع) فإن النجاح يساوي ضده إذا ما بقيت أحزاب اللقاء المشترك تمارس شؤون الحكم وتحافظ على صفتها (الحميمة) الأولى كمعارضة "شرسة". وإذا ما بقي المؤتمر حاكما كاملا حال كونه نصف حاكم أسلم نصفه الآخر لخصوم الأمس وشركاء اللحظة. دون النجاح السياسي مراكز قوى تضع مصالحها المكتسبة على النقيض من قسمة التسوية وخارطة طريق المرحلة الانتقالية بشوطيها, ولن تسلم أو تستسلم بسهولة. من واجب حكومة الوحدة التوافقية أن لا تصطدم مع قوى الضد, ومن واجبها أن لا تسلم أو تستسلم لقوى الإجهاض والضد. بين العكسين يلزم أن يجد الحكام الجدد لأنفسهم طريقة أفضل من الصدام وأشرف من الاستسلام. وهذه مهمة منوطة بعقل سياسي يجدر به أن لا يكون عاديا بالمرة. آن الأوان لكي يجد اليمنيون ضالتهم المنشودة في حكومة (وطنية) حقة, يتماهى داخلها الحزبي والشخصي, وتتماهى بالتالي مع الوطني.. وترتقي الى مستوى اليمن بآلامه وآماله. السياسيون في أحزابهم ومكونات الصراع الطاحن وليس غيرهم أوردوا اليمن أزمة طاحنة وكبدوا اليمنيين من المعاناة والخسائر ما لا يعوض. والآن من واجبهم أن يكفروا ولو قليلا عن خطاياهم وما اقترفت أياديهم بحق البلاد والرعية. وإذا لم يفعلوا شيئا يستحق المواساة وجدير بالانصات والتصبر, فإن الشعب لن يفرط أبدا بعد اليوم بحقه في الانفجار من الغيض والتضامن مع نفسه.. فقط.. ضد الجميع, وليكن ما يكون. لليمن ثواب أو عقاب, مؤجلان حتى الآن, ولصبر اليمنيين على نفر من اليمنيين حدود. وكما يقال: "يصعُبُ الثَّائرُ المُضحِّي ويقوى... حين يدري أن المهمة صعبة". نحن وأنتم أمام حقيقة واحدة لا مرد لها: الجميع يحكم, والشعب بأجمعه سيلعب دور المعارض. فماذا أنتم فاعلون؟! عليكم الاختيار بين اثنتين لا ثالث لهما: إما الانتحار.. فشلا. أو الانتحار بشرف.. نجاحا!