بين يدي معاليكما قضية هامة وعاجلة، أضعها ومعي مستقبل البلد، بارتباطها الوثيق بموضوع الدين العام الداخلي (الذي وصل بحسب الموازنة العامة للدولة للعام 2012م إلى ما يزيد عن (131%) من إيرادات الدولة وبكلفة (11%) من إجمالي الاستخدامات). أضع بين يديكما كمتخصص في ذات الشأن قضية إدارة الصكوك الإسلامية، إحدى أدوات السياسة النقدية بشقيها المالي والنقدي، ولقد تعالت الدعوات لطرحها، للآثار السلبية الكبيرة لأذون الخزانة على المتغيرات الاقتصادية المختلفة، خصوصا ما يتعلق بالتضخم في الدين العام والكلفة المترتبة على ذلك، وضعف الدور التنموي لأذون الخزانة. هذه المؤشرات وغيرها تقتضي الوقوف والتقييم الجاد لمسألة مدى كفاءة تطبيق الصكوك الإسلامية في اليمن خلال الوضع الراهن، بما يؤدي إلى تلافي تلك الآثار السلبية وتحقيق الأهداف الاقتصادية منها. إن طرح الصكوك ليست بالمسألة النظرية، البعيدة عن الواقع، ولا إجراءات نقرأها من الكتب أو نسمعها من خبراء نستوردهم لهذا الغرض فحسب، بل هي فهم متعمق للتنوع في طبيعة وخصوصية تلك الأداة بأنواعها المختلفة، وهي فهم وإدراك للآثار الاقتصادية المتوقعة والإمكانات اللازمة للتطبيق الأمثل لكل نوع، بما يحقق الأهداف الاقتصادية المرجوة، على ضوء خصوصية كل بلد. المتتبع لسير عملية الإصدار بالطريقة التي تدار بها حالياً يلحظ أن الحكومة ومنذ الإصدار الأول المتضمن لصكوك الاستصناع قد فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة من الصكوك الإسلامية وفقاً لما هو مخطط لها، ما أسهم في هز ثقة المستثمرين المرتقبين في هذا المجال، كما أن الاستمرار في عملية إصدار الصكوك دون تطبيق الأسس العلمية في اختيار النوع الأمثل والملائم للصك، وفهم الأثر الاقتصادي المترتب على تطبيقه، وتوفير الإمكانات اللازمة لتنفيذه، لن يحقق الأثر المرجو منها لا للحكومة ولا للمجتمع أو للمستثمرين. إن التوجه نحو إصدار صكوك بصيغة السلم في ظل تزايد معدلات الدين العام وتراجع مستويات التنمية يعد تعميقا للمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها البلد، وبدلاً من أن تصبح السياسة الحكومية في هذا المجال معالجةً لتلك المشكلات، أصبحت سبباً أساسياً في تعميقها. الأخ وزير المالية ، الأخ محافظ البنك المركزي : لما سمعناه عنكما أثق هذه أن الرسالة ستحضى باهتمامكما، من خلال توجيهاتكم للمختصين لديكم بضرورة وسرعة إعادة النظر في سياسات التطبيق القائمة، بما ينطلق من فهم دواعي ومتطلبات التطبيق وخصوصيته، وبما يضمن تحقيق الأهداف، كوسيلة معالجة للمشكلات الاقتصادية خاصة ما يتعلق بتضخم الدين العام وارتفاع مستويات العجز، وتراجع مستويات التنمية الحكومية، وهو ما تستدعيه اللحظة الحرجة التي يمر بها اقتصاد الوطن، والتي إن لم يتم إعادة النظر في تلك السياسات في الاعتبار ستؤدي لتداعيات سلبية كبيرة على المؤشرات الاقتصادية مستقبلاً، لاسيما فيما يتعلق بمؤشرات التضخم والاحتياطيات. ختاماً أؤكد لمعاليكما أن نشر هذه الرسالة لا يُعد أكثر من مساهمة بسيطة في الدفاع عن مصالح أبناء وطني الغالي، باعتبار مسألة الدين العام وما يرتبط بها قضية حيوية واستراتيجية تتعلق بجيلي الحاضر والمستقبل، وهي محاولة لتوثيق القصور في تطبيق فكرة متعلقة بقضية اقتصادية هامة، طالما تعمق المتخصصون في دراستها وبيان متطلبات تطبيقها بنواحيها المختلفة. ولكم وافر التقدير والتحية * باحث متخصص في التمويل الإسلامي