تغض الحكومة المصرية ومنظمات المجتمع المدني البصر عن زيادة نسبة الدعارة في العديد من احياء القاهرة، وتعتبرها نشاطات فردية لا ترتقي الى ظاهرة، في حين تعترف بظاهرة "التحرش الجنسي" لتأكيد قيمة العفة والحياء والفضيلة واهمية الزواج والاسرة، وهو ما يعتبره الكثيرون بداية لاستفحال ظاهرة "بيوت الدعارة" لعدم وجود خطة علاجية في ظل الازمة الاقتصادية والانفلات الامني. وتكشف صفحات الحوادث في الصحف المصرية عن ضبط شبكات تمتهن الدعارة بصورة يومية، وكذلك استغلال القاصرات الفقيرات في الدعارة تحت غطاء الزواج المؤقت (زواج وهمي لمدة شهر أو أقل) من اثرياء عرب لتحقيق اكبر استفادة مالية، خاصة مع اقتراب فصل الصيف. وتشير شرطة الاداب في العاصمة المصرية الى تزايد اعداد النساء التي تمتهن الرذيلة بعد ثورة 25 يناير مقارنة باعدادهن قبل الثورة وذلك بسبب ارتفاع البطالة ومعدلات الفقر بالاضافة الى الانفلات الامني. وتؤكد محاضر الشرطة الى دخول جنسيات اخرى الى سوق الرذيلة، خاصة من النساء المهاجرات واللاجئات من افريقيا ودول "الربيع العربي"، حيث رصدت صحيفة "الدستور" المصرية ضبط أخطر شبكة لممارسة الدعارة، يديرها سائق ومجموعة من النسوة السوريات مقابل 300 جنيه (40 دولار تقريبا) لليلة الواحدة. وقالت الشرطة ان "التحريات السرية والمراقبات الميدانية كشفت عن قيام سائق بإدارة شقتين لأعمال الدعارة واستقبال الرجال الراغبين بالمتعة المحرمة، لممارسة الفحشاء مع من يستحوذ عليهم من النسوة بسكنه مقابل مبالغ مالية". وقالت نسوة في محاضر الشرطة انهن يمارسن الرذيلة بسبب حاجتهن للمال بعد الازمة الاقتصادية والبطالة وعزوف الشباب عن الزواج، في حين قالت اخريات انهن وقعن فريسة لاعلانات وهمية عن فرص عمل بمرتبات مجزية. وكانت المخرجة السينمائية ايناس الدغيدي جددت مؤخرا طلبها بتقنين أوضاع بيوت الدعارة في مصر، الموجودة أساسا لمنع التحرش في الشارع وحوادث الاغتصاب وزنا المحارم والمضايقات الجنسية التي تواجهها المرأة المصرية. وقالت الدغيدي لصحيفة "المصري اليوم" ان الحل العملي للتحرش الجنسي في مصر هو تقليل الكبت لدى الشباب وفي نفس الوقت حمايتهم من بيوت البغاء غير المقننة، والتي يمكن أن تتحول إلى كارثة صحية لا يمكن تداركها. وترى ملكة زرار (استاذة الشريعة والقانون بجامعة الأزهر) ان مصر تستطيع بسهولة تطبيق قوانين الشريعة لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية الاطفال والنساء من الوقوع فريسة للبغاء في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد. وتؤكد ملكة على وجوب أن تأخذ كل امرأة حذرها من أن تقع فريسة للإتجار بالبشر "فيجب ان تنتبه للاعلانات الوهمية عن وظائف بمرتبات عالية خارج البلاد او داخلها، وتحذر من السعي وراء الثراء فالحياة ليست مادة فقط فمن الممكن أن تقع فريسة للبغاء". واعتبرت نهاد أبو قمصان (محامية وخبيرة في حقوق المرأة) أن "قضية تزويج الفتيات القاصرات من خلال شبكات الدعارة هي قضية مركبة تشمل الدعارة والاتجار بالبشر ومخالفة لقانون العقوبات وقوانين الطفل في مصر". وانتقدت نهاد في لقاء مباشر مع برنامج "صباح الخير يا عرب" السماح بزواج الفتيات منذ بلوغهن 12 عاما، وطالبت بتطبيق القوانين بشكل صارم لحماية الفتيات والأسر، ودافعت عن بعض الأسر التي تقع في فخ هذه الشبكات، قائلة إن "الأهل قد يعانون من فقر مدقع فيعتقدون أن زواج ابنتهم من رجل ثري سوف يستر عليهم ليجدوا أنفسهم في بئر شبكة إجرامية". وقالت إنه على الرغم من وجود قوانين تردع هذه الجرائم إلا أن تفعيلها يتم على نطاق ضعيف جدا، لافتة إلى أنه قبل ثورة 25 يناير 2011 الأمن لم يكن يعنى سوى بالأمن السياسي، وبعد الثورة نعاني من عدم استقرار أمني. ويؤكد تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول الاتجار بالبشر (عام 2011) أن مصر باتت محطة انتاج وجذب للنساء والاطفال (أطفال الشوارع وسواهم) الذين يتم استغلالهم في الجنس. ويرصد التقرير ظاهرة الزواج المؤقت للفتيات المصريات الصغيرات من الأثرياء العرب، مؤكداً ان "غياب الرؤية الواضحة من الدولة يساعد على تفاقم الظاهرة".