وجّه رئيس هيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي رسالة إلى أعضاء الإصلاح توارى فيه السياسي خلف الواعظ الديني متهربًا من الحديث حول تشخيص مشاكل البلد إلى الاحتماء بالدين.. مذكرًا بخطاب الرعيل الأول من الإخوان المسلمين التي تضفي اصطفاءً على المنتمين للجماعة مقابل الآخرين الذين هم بعيدون عن الله . مذكرًا، وإن ضمنًا بالمصطلحات الأربعة للمودودي في مسألة حاكمية الله مقابل حاكمية البشر، وألوهية الله مقابل آلهية الإنسان، وربانية الله مقابل العبودية لغيره، ووحدانية الله في مقابل الاعتماد على أي مصدر آخر في تنظيم شؤون المجتمع.. وعلى هذا الأساس خاطب الإصلاحيون والإصلاحيات محدِّدًا لهم المهمة الرئيسية "إن مهمتكم ودَوركم في هذه الحياة يتمثل في المساهمة الفاعلة في تحرير الإنسان من ربقة العبودية لأخيه الإنسان، والتي لن تتم إلا بعبوديته لربه وخالقه ومالكه، والتي بها يبلغ قمة الحرية التي يبحث عنها، والتي عندها فقط يتحرر من ضغط الانتظار للفتات المتساقط من أفواه اللصوص الذين يعبثون بثرواته وخيراته، ويكسر بها ويحطِّم حواجز الوهم بقوة الطغاة وجبروتهم، ويزيل رهبة الخوف من السجون والمعتقلات العامة والخاصة، وتذهب الى الأبد لسعات سياط الجبارين والمستكبرين الراغبين في حياة يتلهون فيها بمصائر الشعوب, ويرقصون على جراحات وأنَّات اليتامى والثكالى والمقهورين..!" وفي إطار من هذا الاصطفاء حمّل اليدومي الإصلاح وحدهم مهمة إنقاذ الشعب من واقعه البئيس، وتصور مثل هذا هو الذي جعل مسؤولو الإصلاح في الحكومة يجرفون كل الموظفين في نطاق مسؤولياتهم ويستبدلونهم بهؤلاء المصطفين، حيث تم تعيين أكثر من مائتي إصلاحي في وزارة التربية وحدها كما تم نقل وتبديل أكثر من 255 مدير مدرسة في صنعاء والأمانة، بحسب تقرير لهيئة الظل في جبهة إنقاذ الثورة، التي يرأسها الناشط والبرلماني أحمد سيف حاشد. ولا يختلف هذا الإقصاء في وزارة المالية فبعد أن تم تغيير مديري العموم في ديوان الوزارة وعدد من المحافظات، بالإضافة إلى مديري الإدارات تم الرفع للرئيس بتغيير شامل لوكلاء ووكلاء مساعدين بلغ عددهم خمسة عشر، أغلبهم من الإصلاح أو من المناصرين لهم.. وعلمت "الوسط" أن الرئيس أوقف هذه التغييرات، وحصلت "الوسط" على ترشيح وزير المالية وموقّع عليه من رئيس الحكومة بتعيين كل د/ يحيى صالح العنسي وكيلًا لقطاع العلاقات الخارجية وأحمد قائد الشيباني وكيلًا مساعدًا له عبده علي صالح القواس وكيلًا لقطاع الشؤون المالية، وتم التخلص من آخر وكيل جنوبي، وهو نصر صالح مثنى الحربي، الذي كان وكيلا لقطاع الوحدات الاقتصادية، حيث يراد تعيينه عميدًا للمعهد المالي، كما تم تعيين أمين عبدالجبار المحمدي وكيلًا لقطاع الموازنة بدلًا من د/ فضل الشعيبي، الذي عُيّن وكيلًا لقطاع الإحصاء وجمال علي المالكي وكيلًا لقطاع التنظيم وحسابات الحكومة، وناجي جابر وكيلاً للإيرادات، وأمين عبد العزيز نعمان وكيلًا لقطاع الوحدات الاقتصادية، ومحمد الحدمة وكيلًا مساعدًا لقطاع التنظيم، وعلي جبران الشماحي وكيلًا مساعدًا للموازنة، وجميل محمود هاشم وكيلًا مساعدًا للحساب الختامي، كما عُيّن محمد حسين الطيب وكيلًا مساعدًا لقطاع الوحدات الاقتصادية، و/د محمد عبدالولي الخولاني نائبًا لعميد المعهد، ومحمد عبدالغني القباطي وكيلًا لمصلحة الجمارك، وعُيّن محمد عبدالله عامر وكيلًا مساعدًا لقطاع التنظيم، ولم يراع في هذه التعيينات أدنى الشروط القانونية لشاغلي الوظائف العامة. وعلى ذات السياق يتم تطهير القضاء من غير المنتمين لصفوة الإصلاح، ولهذا الغرض تم محاولة إدخال اكثر من مائتين من طلاب جامعة الإيمان كي يكونوا قضاة المستقبل رغم عدم استيفائهم أيٍّ من الشروط القانونية، كما يُراد إنفاد قرار حركة قضائية يتولى فيه قضاة الإصلاح المحاكم الرئيسة. وهو أمر أكد عليه اليدومي - في رسالته للإصلاحيين - باعتبار ما قال: "فأنتم المعوَّل عليكم - بعد الله عزَّوجلَّ - لتنقذوا شعبكم من الواقع البئيس الذي يتلظى بناره ليل نهار, ويعاني في كل يومه ذل الحاجة وهوان الاغتراب..! أنتم من ينهض به من حضيض التخلف, ويرفض بصورة قاطعة أساليب وسياسات الترقيع والترميم.. فالنهوض مهمة صعبة؛ ولكنها المهمة المطلوبة لبناء دولة المؤسسات.. دولة النظام والقانون.. وشتَّان بين من يريد أن يحكم ومن يريد أن يبني دولة بمفهومها ومعناها الصحيح.. وفي مايبدو أنه إعداد للمهمة القادمة التي تنقل الإصلاحيين من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التمكين فلم ينس اليدومي اعتبار ما سيقومون به له علاقة بأمر الله.. موضحًا: (إن شعبكم يتطلع إليكم - ومعكم كل الخيّرين - ويرمق طموحاته من خلالكم, ويدعوكم لمواصلة السير لاستكمال إحقاق الحق, وإزهاق الباطل, وإياكم أن تلتفتوا إلى تشعُّبات المعاقين عن السير في طريق الحق الذي أخلصتم أنفسكم لنصرته وتأييده, وانظروا إلى المستقبل, واكتحلوا بالأمل في الله - عزوجل - وكونوا على يقين بأن غدكم وشعبكم أفضل - بإذن الله تعالى - من يومكم, واحتذوا المجد ولا تنشغلوا بصغائر الحوادث, وتلحّفوا برداء العزة والكرامة, وإياكم أن تتلهوا بسفاسف الأمور, وتفاهات نفايات التاريخ.. وتذكروا دائمًا وأبداً أن ما أنجزتموه في الماضي القريب والبعيد, وماتسعون لإنجازه في قادم الأيام -بإذن الله عزوجل وكرمه - ماهو إلاَّ جسر نعبر به الى مرضاة الله - سبحانه وتعالى - وكلنا أمل أن نحطّ رحالنا في الفردوس الأعلى ((في مقعد صدق عند مليك مقتدر))..