ولو نظرنا الى النقاب من ناحية تاريخية وأيدلوجية وسياسية، فبعضهم قال بداء فى العصر الاموى لتمييز الأميرات عن العامة. ثم اتخذ بعد ذلك فكل امير لنفسه. إستمر هذا التقليد (لبس النقاب) فترة وبدأ يقل من جديد لبسه لأاسباب عدة من ضمنها الثقافة الغربية القادمة مع الإستعمار. وعند ظهور الحركات الإسلامية فى ال 100 سنة الأخيرة بدات الحركات الإسلامية تبرز لبس النقاب لكونه رمز دينى من جهة ولتمييز من ينتسب الى هذه الجماعات. فكانت اللحية رمزا عند الرجال والنقاب رمزا عند نساء هذه الجماعات وهى بمثابة بطاقة عضوية....."وأجعلوا بيوتكم قبلة". نحن عندنا فى اليمن - وتعز تحديدا- لم تكن غالبية النساء خاصة فى القرى تلبس النقاب، وإنما تلبس الحجاب فقط. ومع بداية الثمانينات بداء النقاب فى الظهورمع ظهور الجماعات المؤدلجة على نهج الإخوان المسلمين التى فى مصر. وكان لبسه من عدمه يخضع للحريات الشخصية. ومع بداية الوحدة اليمنية وظهور الأحزاب الدينية على الساحة (حزب الإصلاح تحديدا)، إنتشر النقاب بشكل واسع حتى فى القرى، بداية مع ألمنتسبين الى حزب الإصلاح وسرعان ما إنتشر الى كافة فئات الشعب، نتيجة للتثقيف الدينى، ونتيجة لحب الشعب اليمنى للسلوك المحافظ. ولكن حزب الإصلاح لم يستفد كثيرا من هذه البطاقة الحزبيةالظاهرة، لأن كل الشعب اليمنى بمختلف توجهاته لبس النقاب. طبعا النقاب اليمنى يترك العينيين ظاهرتين. ولما احست الجماعات الإسلامية ذلك بدات بإشاعة النقاب بطريقة جديدة مع تغطية العينيين. فتجد المنتقبات اليمنيات الاتى تغطين سائر جسدهن لا يمكن أن تكون الا إصلاحية او سلفية او ما شابه. وزيادة فوق تغطية العينيين جاء ما يعرف بالخمار (الجناح) وهذا يغطى الراس والعنق الى الركب احيانا زيادة على المنقبات العاديات. ولو رأت الحركات الإسلامية أن عامة الشعب من غير المنتمين لها أيدلوجيا لبس ذالك، لزادت الجماعات الإسلامية اللبس اشياء واشياء بغرض التميز. وهذا ما يحصل فى مصر، فكانت المصريات فى الخمسينات غير منقبات وغير محتجبات، بل وسافرات، وكان اللبس الذى يدل على المرأة أنها تنتمى الى الجماعات الإسلامية هو الحجاب + جلباب واسع وطويل، لأن النقاب ممنوع فى مصر. ومع زيادة الحركة الإخوانية نهاية التسعينات من هذا القرن وبداية القرن 21، بدأ النقاب فى الظهور، وذلك لتميز المنتميين الى هذه الجماعات اكثر، لان معظم المصريات العاديات تحجبن. فالحركات الإسلامية تبحث عن التمييز لأعضائها من خلال اللحية الطويلة او النقاب وخلافة. لذلك تلجاء هذه الجماعات الى سن ما هو غير سنة وتوجيب ماهو سنة وماهو غير سنة فى بعض الاحيان. عندما حكمت طالبان افغانستان امرت جميع النساء بالتنقب بالصورة التى رايتموها، ليس الهدف الدين بقدر ماهو طاعة للنظام والإمتثال لأوامره. وهذا ما تفعله الجماعات المسلحة فى الصومال. وهذا اللباس يخدم مصالحهم كثيرا، فلما تنظر الى الشارع وكله منقبات يخيل اليك أن البلاد قد دانت لهؤلاء وأنهم الاغلبية. بل إن مجرد خلع النقاب يجعلك فى خانة العملاء والمندسين والرافضين لحكم هذه الجماعات. ونرجع الى اليمن فبعد الوحدة ومع اول إنتخابات برلمانية أخذ الإصلاح مقلب بنفسه جامد عندما رأى اليمنيات لبسن النقاب فى إعتقاد منه أنه سيطر على الشارع ولكن وجدنا أن حزب المؤتمر الحاكم طلع أذكى منه فلم يدخل فى صراع مع النقاب لإدراكه بخطة الجماعات فى جر النظام الى مهاترات تضر ولا تفيد ولإدراكه بطبيعة اليمنى المحافظ. ولكى تدرك حجم التراجع فى شعبية حزب الإصلاح، إنظر الى عدد المنقبات ذات الخمار الطويل تجدهن قلة، وهذه هى الشعبية الحقيقية لهذا الحزب. ونرى هذه الايام حملة ضد النقاب من قبل الجماعات الإسلامية الأصولية، ليس ضد النقاب كنقاب بل ضد شكل النقاب، لذلك هناك تصنيف جديد للنقاب فى نظر هذه الجماعات، نقاب موضة ونقاب إسلامى خام يجعل من المرأة كتلة سواد متحركة، وهذا التصرف يهدف الى جس نبض المجتمع حول تقبل أفكار التيار الأصولى بعد ذلك. فالنقاب هو ترمومتر شعبية هذه الجماعات.