المتابع لمجريات حوارات مؤتمر الحوار السياحي، سوف يلاحظ أن الاهتمام من البداية وحتى اليوم، تركز على مناقشة الظواهر المؤسفة لحكم غير رشيد، بما في ذلك القضية الجنوبية، وقضية صعدة، والانهيار الاقتصادي، والخلل الأمني، والتأزم الاجتماعي، والفساد المستشري، وغياب العدل والديمقراطية وسيادة القانون ودولة المؤسسات. وقد تركز اهتمام المتحاورين حول الحلول لهذه المشاكل، متجاهلين عمليا قيام دولة مدنية ديمقراطية عادلة، تتولى معالجة المشاكل التي هي نتاج غياب الدولة والحكم الرشيد. وبدلا من ذلك بدأت القيادات السياسية والعسكرية والإدارية والتكنوقراط الانتهازي، يبشرون بمرحلة جديدة يتولون هم الإعداد لها بعيدا عن الانتخابات المستعجلة والمرحلة الديمقراطية، والتي قد لا تأتي بنتائج سليمة في رأيهم، ولإرضاء أعضاء المؤتمر يتم اختيارهم أداة رقابية وبديلة عن البرلمان، وما على المؤتمرين سوى تسليم كل ما أعدوه إلى مراكز القوى القائمة الحزبية وغير الحزبية، وهي التي ستتولى الإعداد خلال مرحلة قد تمتد سنوات، لإقامة الدولة المدنية المنشودة. وخلال المرحلة لا يمكن التكهن كيف سوف تسير الأمور، ولا ما هي الترتيبات التي ستعد لضمان وجودهم على رأس الدولة المنشودة، وكأننا يا بدر لا سرنا ولا جينا. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يتم التركيز من الآن على بناء الدولة من خلال 4 أمور:
1. القوات المسلحة ما هي الأسس لبنائها؟ وأين تتموضع؟ وكيف يتم اختيارها من كل مناطق اليمن؟ وما هي المعايير لاختيار قياداتها؟ ويتم إبعادها عن كل القوى السياسية لتكون جيشا لليمن.
2. القضاء المستقل العادل، والذي يشكل خلال مرحلة الإعداد الضمانة والرقابة.
3. الدستور، مع الاستفادة من كل ما قد أعده المؤتمرون.
5. إجراء الانتخابات، وبشكل خاص انتخابات مجلس النواب، ويتم من خلال المجلس استكمال بناء الدولة المنشودة، في ظل توازن القوى السياسية ونمو الوعي الشعبي والدور المتصاعد للشباب ذكورا وإناثا.
بهذا وحده نحقق أهداف ثورة الشباب. وما عدا ذلك، فضحك على الذقون من قبل قوى ترغب أن تكون هي المهيمنة، ويتساوى في ذلك قوى الحكم والمعارضة.