- إذا اردت معرفة كيف يفكر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي فلا تدخل إلى عقله ! ، فهناك عقل آخر يفكر عنه وهو بداخل رأس الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة الوفاق اليمنية ، وأميناً عاماً مساعداً للشؤون الاعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام . - بن دغر عبقري لا تصله أقلام الإعلاميين ولا شكوكهم ، فهو يتعامل بهدوء ولا يصطدم بأحد ، ولديه مقدرة هائلة على التسلل والتحكم بتلافيف عقول القادة الرئيسيين في اليمن . - هرب بن دغر عقب حرب صيف 94م من اليمن بعد ادراج نظام الرئيس "صالح" إسمه كأحد المطلوبين الستة عشر الأكثر خطراً من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني الذين انفردوا بقرار الإنفصال عن الوحدة اليمنية ، وأدت هزيمتهم العسكرية إلى تفكك حزبهم العتيق كآخر معقل للاشتراكية في العالم العربي . - ينحدر "بن دغر" من أسرة حضرمية عريقة ويُعتقد أنه مشارك في تاريخ الحزب الأسود بحق الاسر الدينية الحضرمية من خلال ترؤوسه لاحدى اللجان (الداعشية -الاشتراكية) في فترة الحكم الاشتراكي لجنوب اليمن. وهي جماعات حزبية مسلحة متخصصة بسحل وتصفية الخصوم السياسيين والدينيين . - عاد الرجل "الوديع" بعد عفو الرئيس "صالح" عن جماعة الستة عشر إلى اليمن وتولى ادارة الدائرة الاعلامية في الحزب الاشتراكي اليمني الذي ساقته أقدار المواجهة مع "الوحدة" إلى الجفاف الشعبي والرسمي ليصبح وادٍ غير ذي زرع ، و في العام 2006 أعلن انضمامه الى حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم -وقتذاك- وفي فترة قياسية اقترب "بن دغر" من قلب الرئيس اليمني السابق الذي أثنى عليه في إحدى خطاباته ووصفه ب (الرجل المخلص والكفؤ ) واوكل اليه مهمة الامانة العامة المساعدة في المؤتمر الحاكم !. - في أواخر العام 2011م إختاره الرئيس الانتقالي "هادي" وزيرا للاتصالات في حكومة الوفاق الحالية ، ثم نائبا لرئيس الوزراء رغم الاتفاق المبدئي للقوى السياسية اليمنية الموقعة على المبادرة الخليجية ألا يكون لرئيس الجمهورية نائب ولا لرئيس الوزراء أيضاً ، لكن الرئيس "هادي" اخترق ذلك المبدأ مستغلا احتجاجات الناس المشتعلة على الزيادة السعرية الضخمة في أسعار الوقود قبل ثلاثة أشهر ، وفي المقابل استطاع "بن دغر" إرغام الحكومة واقناعها قبل صدور قرار التعديلات الحكومية بساعات على تبني الموافقة غير المعلنة بإغلاق "قناة اليمن اليوم" المملوكة لنجل الرئيس السابق بحجة ترتيب سياستها الاعلامية !. - ارتفع أثر ذلك القرار الحكومي الى الرئيس "هادي" فكافأه بمنصب نائب رئيس الوزراء الأول وبجواره نائب ثانٍ من كتلة الإخوان المسلمين يدعى "عبدالله الاكوع" ، وعلى الفور تحركت قوة عسكرية من افراد الحماية الرئاسية ترافقها طائرات عمودية لاقتحام قناة "اليمن اليوم" واغلاقها ونهب محتوياتها الرئيسة ، وأعلنت وكالة سبأ الحكومية أن القرار كان داخلياً في إطار حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يملك حصة الثلث فقط من ممتلكات القناة . - يعتقد "بن دغر" أنه الوريث الحقيقي لخارطة "حضرموت" التي لا يمثلها أحد في قيادة الدولة عداه ، فيعمد إلى تعزيز موقعه بتطويع الحكومة ووزرائها "الغافلين" لتحقيق مآرب سلطوية تراود رئيسه "هادي" أهمها "التمديد" ، ولأجل ذلك كان لا بد من توحيد الجبهة الجنوبية خلف الرئيس المنتهية ولايته فعمد إلى إقرار الحكومة بحصر الوظائف العامة في الكفاءات الجنوبية فقط ! ، وهو الأمر الذي ساعد على اطلاق القوة المؤسسة لما يسمى الحراك الجنوبي لتصريحاتها الواضحة بتأييد الرئيس هادي ومباركة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي انحاز بشكل واضح للمطالب الجنوبية المتعددة في كافة محاوره التسعة . - بن دغر هو المرشح الأقوى للرئيس هادي الى رئاسة الوزراء في اليمن خلفاً للاستاذ محمد سالم باسندوة في اطار صفقة يتولى بموجبها احمد عبيد بن دغر رئاسة الحكومة والعمل من هذ المنصب على التسويق والاقناع لدى القوى السياسية وعلى رأسها حزب المؤتمر بالتمديد خمس سنوات لولاية الرئيس هادي المنتهية شرعيته طبقاً للمبادرة الخليجية التي تتمسك بظلالها كتلة الاخوان المسلمين اليمنيين لتساند "باسندوة" في استمرار حكومته استنادا الى مواد تلك المبادرة المهترئة ، فيما يسعى "هادي" الى احلال وثيقة الضمانات أو المخرجات لمؤتمر الحوار الوطني بديلا عنها كونها تتيح له التصرف كرئيس حقيقي بصلاحيات دستورية واضحة وغير مقيدة بإملاءات واختيارات الاحزاب السياسية . - من أجل ذلك استمر "بن دغر" في تحقيق رغبة "هادي" وأوحى اليه بالاتفاق مع وزير الدفاع "محمد ناصر أحمد" على إتاحة الحرية القتالية لجماعة الحوثيين لضرب معاقل "الإخوان" ومعسكراتهم ، واعتبارهم حليفاً اساسيا له ولنظامه وبكونهم البديل الديني للإخوان الذين كانوا الوجه المذهبي القوي لنظام "صالح" إلى أن انقلبوا عليه ونكثوا عهدهم معه في ثورة الربيع العربي التي انتهت بموافقة الأخير على تنحيه عن السلطة وتسليمها لنائبه (الرئيس) . - تكمن العبقرية في عقل "هادي" المنفصل عن رأسه بتدبيره لتحالفين "ثائرين" جديدين وطامحين خلفاً لكافة القوى السياسية المتصارعة التي أرادت لهادي الاستمرار في ادارة صراعها وتوريث نظامه الجديد عُقد الماضي وتصفيات الحسابات ونتائج السياسات المعقدة لسلفه ، وهما "الحراك" في الجنوب و "الحوثي" في الشمال ، حيث يضغط الاخير بإستخدام عصا ما يسميها "الثورة" لإيقاف أسعار "الجرعة" النفطية سيئة الصيت ، وقد بدأ فعليا في تهديد النظام ب"خيارات" مفتوحة خلال هذا الاسبوع معززاً من فرص "هادي" الذي استدعى أيضاً مبعوث الاممالمتحدة لليمن السيد جمال بنعمر ليكون شاهداً ومفاوضاً ومهدداً لتطويع جميع القوى السياسية بحكومة تكنوقراط فاعلة يتوقع فعلياً أن يتولى رئاستها الدكتور احمد عبيد بن دغر وهو ماسيرضي حزب المؤتمر الشعبي العام ، وسيدخل الحوثيين والحراك بأكثر من وزارة في مقابل تخفيض رمزي لأسعار الوقود كجزء من خطة تلميع وتقديم "الحوثيين" للرأي العام على أنهم الحامل الأساسي لمطالب الشعب الفقير . - في بداية العام المقبل يتطلع "هادي" الى انجاز الدستور الجديد الذي سيحدد طبيعة النظام السياسي لليمن ، وسيحتم عليه ذلك تقديم إسمه كمرشح رئاسي لدورة انتخابية جديدة وفق النظام الذي سيقره هذا الدستور ، وأمامه عقبة إقناع الاحزاب والحكومة بشخصيته كمرشح ، وخصوصا حزب المؤتمر الشعبي العام ويبدو ألا أحد قادر على إجادة هذا الفن العبقري سوى رئيس وزراءه المرتقب د. بن دغر .. وهو فعلاً عقل "هادي" الذي يجعله مبتسماً وسعيداً . من صفحة الكاتب بالفيس بوك *صحفي يمني