تزداد شعبية حملة تطالب المملكة المتحدة بإصدار اعتذارٍ رسمي عن دعم فكرة قيام دولة يهودية في الشرق الأوسط منذ قرنٍ تقريباً، بعد إطلاق عريضة برلمانية جديدة. استضافت البارونة جيني تونغ، إحدى نبيلات حزب الديمقراطيين الأحرار، فعاليةً في مجلس اللوردات يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت فيها عن إطلاق مركز العودة الفلسطيني (PRC) مبادرةً للضغط على حكومة المملكة المتحدة من أجل الاعتراف بدورها في "قرنٍ تقريباً من المعاناة الفلسطينية" وتأثير المملكة المتحدة الاستعماري الأوسع على المنطقة. إذا جمعت العريضة (التي تنتظر حالياً الموافقة عليها) أكثر من 100 ألف توقيع، سيُضطر البرلمان إلى التفكير في إقامة مناظرة بهذا الشأن. كان إعلان بلفور، كما يُعرَف، خطاباً أرسله وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور عام 1917 للورد روتشيلد، رئيس الاتحاد الصهيوني في بريطانيا العظمى وأيرلندا، واعداً بدعم فكرة إقامة وطن يهودي في فلسطين التاريخية طالما لم "تُنتهَك" الحقوق الدينية والمدنية للمجتمعات غير اليهودية القائمة. انتهى الأمر بأن تحكم بريطانيافلسطين بعد ذلك لوقتٍ طويل في ظل حُكم الانتداب بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. أشعل اللقاء المثير للجدل في ويستمنستر غضباً في إسرائيل بعد ظهور تسجيل مصوَّر للفعالية يظهَر فيه أحد الحاضرين صائحاً "إذا وُجِد قومٌ معادون للسامية، فهُم الإسرائيليون أنفسهم"، وتابع ليقول إنَّ اليهود هُم مَن عادوا أدولف هتلر. انتُقِدت البارونة لعدم تصدّيها لهذا الرجل المجهول. وقالت لاحقاً إنَّها لم تسمع "ثرثرته الصاخبة" بأكملها.
قرَّر حزب الديمقراطيين الأحرار وقف عضوية البارونة بانتظار التحقيق في الحدث، ممَّا جعلها تُعلِن أنَّها قد غادرت الحفل. كما نأى مركز العودة الفلسطيني أيضاً بنفسه عن هذه التعليقات، التي قال إنَّ من أصدرها هو أحد أعضاء جماعة ناطوري كارتا المتشدِّدة. وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس كذلك المملكة المتحدة بالاعتذار عن إعلان بلفور قبل الذكرى المئوية خلال خطاب في الأممالمتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي. إذ قال عباس "نطلب من بريطانيا العظمى، مع اقتراب مرور 100 عام على هذا الإعلان المشين، أن تتعلم الدروس المستفادة وتتحمل مسؤولياتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية عن عواقب هذا الإعلان، بما فيها الاعتذار للشعب الفلسطيني عن الكوارث والبؤس والظلم الذين صنعهم هذا الإعلان، وإصلاح هذه المصائب، ومعالجة عواقبها. هذا أقل ما يمكن لبريطانيا العظمى فعله". بينما لم يعلِّق وفد المملكة المتحدة إلى الأممالمتحدة على تصريحات عباس. وفي بيانٍ أرسله المتحدِّث باسم وزارة الخارجية البريطانية لقناة الجزيرة، قال إنَّ الحكومة لن تعتذر عن "بيانٍ تاريخي" ولكنَّه اعترف بأنَّ هذا موضوع حسَّاس للكثيرين. وذكر أنَّ "إعلان بلفور كان بياناً تاريخياً لن تعتذر حكومة المملكة المتحدة عنه.. نحن نركِّز جهودنا على تشجيع الإسرائيليين والفلسطينيين على اتِّخاذ خطوات تقرِّبهم إلى السلام أكثر". مضيفاً أنَّ الحكومة تؤيد حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. "ولكنَّنا ندرك حساسية الكثير من الناس تجاه إعلان بلفور وسنتعامل مع الذكرى السنوية على هذا الأساس".