ها انا ذا . . سمعنا ان الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال : "من علمني حرفا صرت له عبدا ". فما يسعني هنا ان اقول لمن نهلت منه الكتب والعلوم على اشكالها.
سيدي المعلم ''
لقد غصت في غياهب الكتب، وتعمقت في البحث بين سطور المدح ، و غدوت ابحث وابحث اين ما رمت به عيني وتكالبت به ذاكرتي .. وها انا اعود اليك مثقلا بالخيبة, وكسرة الخاطر ولا اجد ما اقدمه اليك او اسطره تعبيرا عن امتناني لك, الا ان اجرح الشهادة بك و زخم النور الذي تقدمه للعالم . سيدي المعلم '' انا لست من الذين ينكرون الجميل, وينسون المعروف , وهذا – على كل حال – احد الدروس التي اخذتها منك ذات يوم , في ذات سنة دراسية من السنوات التي تربيت فيها على يديك . فما عساي ان اقول, وما عساي ان اقدم لك نظير جميلك, ومعروفك, الذي انا مدان به لك الى ان اسلم روحي لربي . انها اللحظة الصعبة , وهنا تتوه التعابير, وتختلط المعاني, وتضيع كل المفردات, وها هي اللحظة ذاتها التي لم اتوقعها , و هي كذلك ذاتها التي لم تعلمني بماهيتها , بل تركتها لي , وجعلت نتيجتها علي , وها انا اعترف لك انني فشلت , وقد ذقت طعم الفشل في هكذا دروس . ألم اقل لك ذات صباح انني لا أساوي شيء دون دروسك ؟!. سيدي المعلم '' اسمح لي ان امرر تلك السنوات , بل قل تلك الايام , والدقائق والثواني , على نسيم الهواء الصافي , وامام البحر الزاخر , وصوت الموج الذي يبعث بالنفس نشاطا وتفائلا ؛ وها انا ذا اضع افضل واعظم ذكرياتي بمساحة خاصة وفريدة لعظمتها عندي , وقيمتها لدي , وانت بلا شك اول المارين على تلك الساحة. ها قد بدأت بمدرسة هائل ومرت بي ذكريات هي الاثقل علي , والاجمل بلا شك . فمن هنا بدأت , ومن هنا ومن ذاك الفصل انطلقت , وهنا صحت ورددت , ولا يزال صدى صوتي واخواني يتردد في ارجاء هذه الساحة وتلك الارض المقدسة . وبين النشيد من داخل الفصل , والمطر النازل من السماء , اراك ولا اقدر ان انزل ناظري منك وانت تلقننا مقطع النشيد ونردد ورائك و تمشي ببطء الى النافذة لترقب اجواء الخارج , هل ستتفاجئ ان اخبرتك انني عرفت المغزى من القلق الذي يحوم بك ؟! و لا استطيع ترك هذه الذكرى بتلك السهولة , ولكن الزمن لا يتوقف والارض لا تعكس دورتها , وها انا ذا انط من على السور وادلج الى الساحة الاكبر , وشريط الذكريات المميز والساعات التي لاتنسى منصوبةً امامي . . . انها مدرسة الثورة , وها انت ذا تقف مبتسما على باب الفصل, ترقب الينا ونحن نصطف مع الساعة الثامنة صباحا وما ان نقترب الى باب الفصل حتى نتزاحم على الدخول ؛ لا لشئ ولكني اصارحك ان حصتك كانت هي المفضلة لدينا جميعا.. ولانها كذلك ولانك انت هو انت , فلا يمكن لي ان اظل قابعا على تلك الطاولة , بل يجب ان امشي نحو الهدف وانطلق الى ما حببتني اليه , وقد قبلت منك طبطة الكتف , ونصيحة الاخ الاكبر والاب . . . لكني لم اظن ان هذه المسافة كلها بصعودها وهبوطها وتلك الطريق الوعره , ستكون بتلك الكم من الصعوبة , ولكني وعدتك , ولن اخيب ظنك ولن اتراجع , وها انا ذا في الطر يق , وها هي ذات المدرسة وها هو الحلم يوشك ان يبداء في مرحلتة الجديدة وها هو شريط الذكريات يزيد من قوتة , ويشحن بالدخول في الاعماق . . . . انها ثانوية السابع من يوليو تبسط يديها من بعيد , مهللةً , مبتسمةً , أرى فيها المستقبل يصدح ويضيء , وهل تصدقني ان قلت لك انني لم امعن النظر في هذا كله , سوى وقفتك التي لن انساها وانت تراقب صفوفنا وتلوح بيديك الينا ان اهلاً ابنائي ؟ اذا كانت هناك نقطة فاصلة لهذه الذكريات فسأجعلها هنا , لأنني من هنا خرجت الى العالم , ومن تحت يديك انهل العلم الان في اوروبا وحيث كنت تحثني وتشد على يدي للوصول اليه . سيدي المعلم '' لو ان المساحة مسموحة لي لذكرت اسمك , وانها لا تخونني الذاكرة ولا يتملص اليّ السهو في ذكر اسمائك منذ ان بدأت بالحروف الهجائية والاعداد الصحيحة وجزء عم, وحتى خرجت من مطار صنعاء مكملاً مشوارٍ سطرتة لي انت بأناملك الذهبية , ولكتبت مقابل كل اسم قصيدة تطول وتطول , عرفانا بالجميل , ورداً للمعروف , وليس كل جميلٍ في نظري متساو . هل تسمح لي ان أفاخر بك هنا حيث اخترعت الطابعة و اكتشفت اشعة اكس, وتقدمت الصناعات , وحيث مراتب العلم تقاس بالاختراع , هل لي ان أفخر بك في موطن علماء العالم , و في قمة الهرم العلمي ؟ بل انا لن أستأذنك , وها انا ذا حقا اصيح واردد بكل مناسبة تمر بي ؛ انك انت من جعلني مساويا بمن هم الان حولي , وان العلم لا يعرف مكاناً محدداً, وها انا ذا أفخر بك بينهم . و لا زلت انت تثبت لهم انك قادر على تخرج المزيد والمزيد من الطلاب وتدخلهم في منافسة من يقال انهم اختصروا الزمن . ها انا ذا ابذل قصار جهدي لكي لا اخيب ظنك. ولن اعود الا بما قد وعدتك به , وسأهدي لك مع كل نجاح استطيع تحقيقة وسام شكر , وشهادة وفاء .. سيدي المعلم '' اقفلت شريط الذكريات رويداً.. رويداً. سيدي المعلم '' سامحني على ما بدر مني من لغط . سيدي المعلم '' شهادة الشكر في يوم عيدك هي الطلاب الذين نهلوا على يديك العلم وهم الان في ارقى جامعات العالم . سيدي المعلم '' والله اني لا اتكبر ولا امدح نفسي , بل ارد معروفاً , و اقضي ديناً. سيدي المعلم '' اتمنى لو تصلك هذه الرسالة اين ما كنت . سيدي المعلم '' شكراً لك ما حييت....