فيما اعتبر رسالة قوية جديدة لأوباما مفادها أن تغيير القيادات العسكرية في أفغانستان أو زيادة حجم القوات لن ينقذ واشنطن من ورطتها ، فاجأت حركة طالبان الجميع في 28 أغسطس / آب بهجوم كبير على قاعدة "تشابمان" العسكرية الأمريكية في ولاية خوست شرقي أفغانستان والقريبة من الحدود مع باكستان . ورغم أن الجيش الأمريكي لم يعلن عن خسائره واكتفى بالقول إن 14 مسلحا من طالبان قتلوا واعتقل خمسة آخرون أثناء هجوم شنته الحركة على قاعدة عسكرية في خوست ، إلا أن طالبان أعلنت في بيان لها أن المسلحين الذين كانوا ضمن فرقتين تمكنوا من إسقاط طائرة تابعة لقوات الناتو وقتل 18 جنديا أمريكيا . واعترف البيان بمقتل 14 من عناصر الحركة وأكد عودة إحدى الفرقتين المهاجمتين إلى قواعدها سالمة ، وسرعان ما خرج المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد ليعلن أن 30 مسلحا هاجموا قاعدة "تشابمان" ، موضحا أنه كان من بين المهاجمين مفجرين انتحاريين وآخرين مسلحين بصواريخ وبنادق آلية ، هذا فيما كشفت مصادر الشرطة في خوست أن مسلحي طالبان شنوا هجومهم الأول بالصواريخ والبنادق على قاعدة "ساليرنو" العسكرية قبل مهاجمة قاعدة "تشابمان" واحتلالهم مدرسة ثانوية في ولاية خوست. ورغم أن هجمات طالبان تصاعدت وتيرتها منذ حلول شهر رمضان الكريم ، إلا أن اللافت للانتباه هذه المرة أنها نجحت في اختراق تحصينات قاعدة "تشابمان" للمرة الثانية في أقل من عام وهو الأمر الذي يشكل حرجا بالغا لإدارة أوباما من ناحية ويؤكد تطور قدرات طالبان الاستخبارية من جهة أخرى. فمعروف أن سبعة من عناصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قتلوا في قاعدة "تشابمان" في ديسمبر 2009 في هجوم نفذه الأردني همام خليل البلوي بعد أن تمكن من خداع الوكالة بأنه يستطيع الوصول إلى مكان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري . سيناريو متكرر
هجمات طالبان في تصاعد ومع أنه كان من المتوقع أن يتم سد الثغرات الأمنية في "تشابمان" بعد هجوم البلوي إلا أن المفاجأة أن اختراق تحصينات القوات الأمريكية وقوات الناتو بات أمرا معتادا بالنسبة لطالبان رغم زيادة حجم قوات الناتو إلى 150 ألف جندي منذ مطلع العام الحالي . ففي 30 يونيو / حزيران الماضي ، شنت طالبان هجوما على مطار يستخدمه حلف شمال الأطلسي "الناتو" كقاعدة جوية في مدينة جلال آباد شرق أفغانستان . وجاء في بيان للحلف حينها أن مسلحي طالبان استخدموا في الهجوم سيارة مفخخة قبل أن يقوموا بمهاجمة المطار من كل الجهات باستعمال أسلحة خفيفة وقاذفات ال "ار بي جي" لمدة نصف ساعة. ورغم أن الناتو لم يكشف عن حجم خسائره في الهجوم ، إلا أن الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أعلن حينها أن ستة انتحاريين هاجموا المطار الواقع على بعد 125 كيلومترا إلى الشرق من العاصمة الأفغانية كابول ، مما أسفر عن مقتل "32 " من جنود الناتو وقوات الأمن الأفغانية . ولم يقف الأمر عند الهجوم على قاعدة جلال آباد وهي قاعدة ومطار عسكري في الوقت نفسه وتعتبر من أبرز قواعد حلف الناتو في أفغانستان ، حيث تعرضت قاعدتا قندهار وباجرام أيضا لهجمات في الأشهر الماضية كان آخرها في 22 أيار/مايو الماضي عندما شنت طالبان هجوما على قاعدة قندهار الأكبر في أفغانستان بإطلاق خمسة صواريخ عليها ، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من جنود الناتو . والخلاصة أنه بعد 9 سنوات من بدء الغزو ، فإن قوة طالبان تتصاعد يوما بعد يوم ليس عسكريا فقط وإنما استخباراتيا أيضا .