قال مسؤول بالجيش المصري وشهود عيان إن مصر شنت غارات جوية قرب حدودها مع اسرائيل يوم الأربعاء وداهمت قواتها قريتين في حملة استهدفت متشددين إسلاميين يلقى باللوم عليهم في هجوم على قوات حرس الحدود المصرية . وأعقبت الغارات الجوية حول بلدة الشيخ زويد على بعد عشرة كيلومترات من قطاع غزة اشتباكات دارت ليل يوم الثلاثاء بين مسلحين وقوات الأمن عند عدد من نقاط التفتيش في شمال منطقة سيناء المصرية . وقتل مسلحون 16 من أفراد حرس الحدود يوم الأحد في أعنف هجوم على قوات الأمن في شبه جزيرة سيناء منذ وقعت مصر معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979 . واستولى المسلحون على مدرعتين لاقتحام الحدود مع اسرائيل وقتلوا بنيران اسرائيلية في نهاية الأمر . وصعد المسلحون عملياتهم على طول الحدود الصحراوية منذ ان اطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس المصري حسني مبارك العام الماضي . وحاول الرئيس المصري الجديد محمد مرسي وهو اسلامي معتدل التهدئة من مخاوف اسرائيل بالتعهد ببسط سيطرة الحكومة على سيناء لكنه عمل أيضا على تقارب مصر وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم غزة مما جعل هذه فترة حساسة في العلاقات بين اسرائيل ومصر . ومازال الجيش المصري الذي حافظ على السلام مع اسرائيل تحت حكم مبارك له سلطة كبيرة في شؤون الامن القومي . وقالت اسرائيل إن العمل العسكري المصري رد فعل ضروري للتعامل مع جماعات تهدد الأمن بامتداد الحدود . ولم يطلق الجيش المصري اي صواريخ في المنطقة منذ الحرب التي خاضها مع اسرائيل عام 1973 ويبدو ان العملية التي يقوم بها في سيناء هي الاكبر منذ توقيع معاهدة السلام
وتوجد معاقل المتشددين في شمال سيناء بعيدا عن منتجعات البحر الاحمر الى الجنوب التي يرتادها سياح اجانب وتعتبر شريان حياة لاقتصاد مصر الذي يجاهد للخروج من الازمة . وقال شهود في بلدة الشيخ زويد أنهم رأوا طائرتين عسكريتين تحلقان فوق المنطقة وسمعوا دوي انفجارات صباح يوم الاربعاء. وقال آخرون قرب البلدة إنهم رأوا قصف ثلاث سيارات . وأبلغ قائد عسكري في سيناء رويترز ان القوات دخلت قرية التومة قرب الشيخ زويد على بعد 20 كيلومترا الى الجنوب في إطار العملية بعد أن تلقى الجيش معلومات عن أن إسلاميين متشددين يقيمون هناك . وأضاف في مكالمة هاتفية "نجحنا في دخول قرية التومة وقتلنا 20 ارهابيا ودمرنا ثلاث مركبات مدرعة للارهابيين والعمليات لا تزال مستمرة ." وقال أحد السكان انه رأى طائرات هليكوبتر حربية تطارد عربات خارج التومة وسمع دوي اطلاق صواريخ. وذكر ان الرجال في العربات ردوا باطلاق نيران اسلحة آلية . وقال لواء في الجيش يقود وحدة في التومة ان المتشددين كانوا يختبئون أسفل أحد التلال . وأضاف "حاولوا الهرب في ثلاث عربات (فان) لكن الهليكوبتر واجهتهم من الجهة الاخرى وأطلقت الصواريخ عليهم ودمرت العربات الثلاث ." وبعد هجوم الاحد كثفت اسرائيل ضغوطها على الحكومة المصرية للسيطرة على الحدود. وتوعد الجيش المصري المهاجمين برد قاس ووصفهم بأنهم "كفرة فجرة ". لكن لم يظهر مؤشر على قيام قوات الأمن المصرية باتخاذ إجراءات مشددة حتى ليل الثلاثاء عندما فتح مسلحون النار على عدد من نقاط التفتيش في مدينة العريش بشمال سيناء
كما هاجم مسلحون نقاط تفتيش في رفح المتاخمة لقطاع غزة واسرائيل . وقال بيان أصدرته وزارة الداخلية إن ثلاثة من رجال الشرطة وأحد السكان أصيبوا في تلك الهجمات . ويعرقل جهود القاهرة للسيطرة على سيناء مشاعر استياء عميقة الجذور من السلطات جعلت بعض البدو غير راغبين في التعاون مع قوات الامن حتى الان . وتركز الرد العسكري الفوري على الشيخ زويد وهي بلدة تعاني صعوبات اقتصادية وتعتمد بشدة على تهريب البضائع والأفراد عبر الانفاق المتصلة بغزة منذ انسحاب اسرائيل من القطاع . وقالت الحكومة المصرية ان المسلحين الذين نفذوا هجوم الاحد وصلوا الى الاراضي المصرية عبر أنفاق غزة وتحركت السلطات يوم الثلاثاء لاغلاقها . واتهمت اسرائيل مرارا جهاديين فلسطينيين بالمجيء من غزة الى مصر للعمل مع متشددين في سيناء لمهاجمة الحدود الاسرائيلية . وقتل ثمانية اسرائيليين في هجمات على الحدود خلال العام المنصرم . وفي العريش تدفق السكان على الشوارع ليل الثلاثاء لمطالبة الحكومة بحماية أفضل وبالتسليح للدفاع عن أنفسهم بعد أن هاجم مسلحون نقاط التفتيش في المدينة . وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن من بين نقاط التفتيش المستهدفة نقطة هوجمت 28 مرة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك العام الماضي .
وأغلقت قوات الأمن طريق العريش السريع عقب بداية العملية العسكرية. وانقطعت الكهرباء واتصالات الانترنت والهواتف المحمولة في المنطقة . وتضع معاهدة السلام مع اسرائيل قيودا صارمة على تحركات القوات في سيناء . وتقول اسرائيل إنها وافقت في الماضي على طلبات مصرية بجلب المزيد من القوات إلى سيناء كما أن بنود المعاهدة لا تمثل عقبة امام محاربة المتشددين الذين يهددون البلدين . وقال عاموس جلعاد المسؤول الاسرائيلي الرفيع في وزارة الدفاع لراديو اسرائيل يوم الاربعاء "ما نراه في مصر هو غضب كبير وعزم من جانب النظام والجيش على الاهتمام بالمسألة وفرض النظام في سيناء لأن هذه هي مسؤوليتهم ." وأضاف "هذا شأن مصري يتولاه المصريون على أساس المعلومات المتوفرة لديهم... إذا لم يزيلوا (الخطر) ويقتلعوه فسوف يستمر في توجيه الضربات ." وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء قال مصدر أمني آخر وشاهد عيان إن مصر بدأت تغلق أنفاق التهريب إلى غزة . وكانت حكومة مبارك تتعاون عن كثب مع اسرائيل لتأمين المنطقة الحدودية حتى أطيح به في انتفاضة شعبية قبل 18 شهرا . ومهدت الانتفاضة الطريق لأول انتخابات حرة أسفرت عن انتخاب الرئيس الإسلامي مرسي والذي لم يختبر بعد التزامه بالتعاون مع إسرائيل . عن "رويترز"