مهام عاجلة أمام المجلس الانتقالي وسط تحديات اللحظة السياسية    عدن تختنق بين غياب الدولة وتدفق المهاجرين.. والمواطن الجنوبي يدفع الثمن    بطاقة حيدان الذكية ضمن المخطط الصهيوني للقضاء على البشرية باللقاحات    الحسم يتأجل للإياب.. تعادل الامارات مع العراق    اليوم الجمعة وغدا السبت مواجهتي نصف نهائي كأس العاصمة عدن    الدفاع والأركان العامة تنعيان اللواء الركن محمد عشيش    أوروبا تتجه لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا    الجيش الأميركي يقدم خطة لترامب لضرب فنزويلا ويعلن عملية "الرمح الجنوبي"    تحطم طائرة روسية من طراز سو-30 في كاريليا ومصرع طاقمها    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    حكام العرب وأقنعة السلطة    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    مبابي يقود فرنسا للتأهل لمونديال 2026 عقب تخطي اوكرانيا برباعية    الملحق الافريقي المؤهل لمونديال 2026: نيجيريا تتخطى الغابون بعد التمديد وتصعد للنهائي    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    مصادر: العليمي يوجه الشؤون القانونية باعتماد قرارات أصدرها الزُبيدي    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    جرحى الجيش الوطني يواجهون الإهمال ويطالبون بالوفاء    تعادل الامارات مع العراق في ذهاب ملحق المونديال    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    شرطة العاصمة: نسبة الضبط تجاوزت 91% .. منها 185 جريمة سرقة    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على 5 محافظات ومرتفعات 4 محافظات أخرى    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    ثم الصواريخ النووية ضد إيران    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز.. بوصلة الصراعات السياسية في اليمن.. الحاضرة المحاصرة منذ نحو 9 أشهر مميز
نشر في الاشتراكي نت يوم 30 - 01 - 2016

منذ قرابة 9 أشهر، وحتى الآن تفرض ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح حصارها علىمدينة تعز، إحدى أكبر حواضر اليمن، إذ تطّوق الميليشيات الانقلابية المدينة من الاتجاهات الأربع للمداخل:
المدخل الشرقي من منطقة الحوبان، والمدخل الشمالي من شارع الستين ­ عصيفرة، والمدخل الغربي منمنطقة بير باشا ومدخل وادي الدحي، وكذلك المدخل الجنوبي من خلال الطرق الوعرة التي تمر من دمنةخدير إلى جبال صبر والعروس. ولم تكتِف الميليشيات بحصارها المدينة ذاتها، بل طال الحصار ثمانيمديريات هي: مديرية القاهرة، والمظهر، وصالة، والتعزية، وصبر الموادم، ومشرعة، وحدنان، وجبل حبشي.
تتمتع مدينة تعز بمكانة بارزة في تاريخ اليمن وحاضرها. كما تعّد محافظة تعز الواقعة إلى الجنوب منالعاصمة صنعاء، التي تبعد عنها بنحو 256 كلم، الأولى من حيث عدد السكان في عموم الجمهورية اليمنية،ويصل عدد مديرياتها، وفًقا لأحدث تقسيم إداري إلى 23 مديرية. وتحتضن المحافظة ميناء المخا الشهيرعلى البحر الأحمر، الذي أعطى اسمه لأفخر أنواع البن في العالم.
ثم إن محافظة تعز هي واحدة من أهم المحافظات اليمنية، لما يتميز به موقعها وتربتها الخصبة ومناظرهاالطبيعية. إلا أنها اليوم تعاني أزمة انعدام الأمن الغذائي الشديد الذي وصل إلى مستوى الطوارئ، وهوالمستوى الذي يسبق المجاعة.
ماٍض وحاضر
كما سبقت الإشارة، لمحافظة تعز إرث سياسي وتاريخي كبير في اليمن، ومنها انطلقت في عام 2011، أولشرارة للثورة الشبابية التي أطاحت بحكم علي عبد الله صالح٬ ما تسبب بمقتل وجرح العشرات من أبنائهاعلى يد قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي٬ وشهدت تعز نفسها مذبحة مروعة سقط فيها عشراتالقتلى والجرحى من المعتصمين في ما أطلق عليها «محرقة ساحة الحرية».
والواقع توصف تعز بأنها «بوصلة» الصراعات السياسية في مختلف مراحل التاريخ اليمني، كونهاُ تعدالمنطقة الفاصلة بين شمال اليمن وجنوبه؛ إذ تحدها من الشمال محافظتا إب والُحَديدة٬ ومن الشرق أجزاءمن محافظتي الضالع ولحج، ومن الجنوب محافظة لحج٬ بينما تطل على البحر الأحمر من جهة الغرب.
وتنتمي إلى تعز غالبية القيادات السياسية في الأحزاب اليمنية ونسبة عالية موظفي الدولة٬ باستثناءالجيش والشرطة اللذين كانا حكًرا على مناطق شمالية محددة.
وبالإضافة إلى السياسة، على صعيد التجارة، أيًضا، تعتبر تعز واحدة من أهم المحافظات اليمنية وينتميإليها بعض أبرز وأنجح رجال المال والأعمال في اليمن. وهي تتمتع بأهمية زراعية إلى جانب نشاطهاالاقتصادي وثروتها الحيوانية بما في ذلك ثروتها السمكية، وذلك لوجود ميناء المخا فيها.
لقد استخدمت ميليشيات الحوثي – صالح عند سيطرتها على المحافظة عددا من رجال السياسة وأغرتهمبالتعامل معها لتنفيذ مآربهم السياسية. ومن ثم، تمكنت الميليشيات الانقلابية من السيطرة على محافظةتعز بعدما أحكمت سيطرتهم على محافظة إب٬ المجاورة بوسط اليمن. غير أن هذه الميليشيات لم تِفبوعودها بتجنيب المحافظة أي صراعات وأعمال عنف وفوضى، والعمل على تثبيت الأمن والاستقرار فيها،وذلك في أعقاب اجتماع اللجنة الأمنية بمحافظة تعز وعدد من ممثلي الحوثيين لمناقشة الأوضاع في تعزومسألة دخولهم المحافظة، قبل السيطرة على المحافظة في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2014.
أهمية تعز الاستثنائية
ويقول المحلل السياسي ياسين التميمي ل«الشرق الأوسط»، إن «تعز استهدفت من قبل الانقلابيين بشكلمختلف عن بقية المحافظات». وأردف «وضع الانقلابيون كل ثقلهم العسكري في هذه المحافظة، بغيةالإبقاء عليها لدوافع سياسية وجيو ­ سياسية نظًرا لأن المحافظة تشرف على مضيق باب المندب، وتضمأكبر كتلة سكانية وأكثر نشاًطا وتأثيرا على مستوى البلاد، ولأن تعز روح الثورة ووقودها وقلبها النابض».
وتابع التميمي، أن الانقلابيين دفعوا بعد ذلك إلى تعز «بعدد كبيٍر من قواتهم وعتادهم، وأظهروا إصراًراعنيًدا على ألا يفقدوا السيطرة على المحافظة وتجنب خيار الاندحار الُمر الذي يلوح في الأفق، ويكاد يحولتعز بالنسبة للانقلابيين ذكرى ممزوجة بمرارة الانكسار والهزيمة». واستطرد قائلاً «لأنه إن تم ذلك.. فلاشيء سيعوض خسارة تعز لدى الحلف الانقلابي، ذلك أن فقدان تعز يعني أن هذا الحلف خسر المعركة تماًماوتحول إلى مجرد فصيل موتور تحركه نزعات الاستئثار بالسلطة، خصوًصا، وأن تعز عصيٌة على التصنيفالجهوي والطائفي. إنها كما أرادت وكما هو قدرها واسطة العقد، ومرجُل الوطنية والهوية الجامعة».
وبحسب التميمي فإن جزًءا من حرب الميليشيا والمخلوع صالح على تعز كان لدوافع انتقامية ثأرية، ومعذلك يمكن القول إن قوات صالح وميليشيا الحوثي فشلت في إلحاق الهزيمة بتعز عسكرًيا أو كسر إرادةأبنائها، بل استطاعت المقاومة أن تطرد الميليشيا من المدينة إلى محيطها، حيث تتركز معظم المعسكراتوالأسلحة التي كانت جزءا من ترسانة الدولة، ومنها يجري اليوم مواصلة قصف مدينة تعز بمختلف أنواعالأسلحة.
إلا أن أقوى سلاح وأخطر سلاح تستخدمه الميليشيا اليوم هو الحصار. هذا الحصار جريمة لأنه ينّفذ عبرقوة منفلتة لا تتقيد بأخلاق الحرب، ولا تعبأ إن كانت تقتل بهذا الحصار الأطفال والنساء. خصومها لا ملامحمحددة لهم، ولذا فهي تريد قتل الجميع في المدينة لكي تنتصر في معركة فرضتها على اليمنيين وعلىسكان تعز، وإحدى غاياتها هو إخضاع أكبر محافظات اليمن من حيث عدد السكان لسلطة «أمر واقع» لايعترف بها سوى إيران ونظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني وميليشيا «الحشد الشعبي» الشيعية فيالعراق.
جبل صبر
من أشهر معالم محافظة تعز جبل صبر٬ ثاني أعلى الجبال في الجمهورية اليمنية والجزيرة العربية بعد جبلالنبي شعيب. ويبلغ ارتفاع جبل صبر 3070 مترا عن سطح البحر٬ كما يبلغ ارتفاع الجبل عن مدينة تعز نفسهاإلى قمته في حصن العروس 1500 متر٬ وهو يدخل ضمن المرتفعات الجنوبية. وقبل الحرب ثم الحصار كانجبل صبر مقصًدا سياحًيا لكل الزوار من جميع محافظات اليمن ومن خارج اليمن، لما يحتويه من مدرجاتخضراء بديعة في منحدرات الجبل٬ وتتنوع الزراعة وتجود الفواكه التي تزرع في المدرجات. كذلك شيدتفي أعلى الجبل متنزهات حديثة ذات خدمات سياحية راقية كمتنزه الشيخ زايد وغيره من المتنزهات التيتطل على مدينة تعز.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يتنّوع نشاط محافظة تعز بنشاطها الاقتصادي والزراعي، وتجود فيها زراعة بعضالمحاصيل كالحبوب والخضار والفواكه٬ كما تضم عشرات المصانع التابعة للبيوت التجارية مثل «مجموعةهائل سعيد أنعم» التي يملكها ويديرهاَ من يعتبرون من أكبر رجال الأعمال في اليمن، وتعمل نسبة عالية منأبناء تعز سواء في المدينة أو المحافظة أو منتشرين في عموم أنحاء اليمن بالأعمال الحرة. وتتكاملالأهمية الاقتصادية بمنفذها البحري ميناء المخا على البحر الأحمر.
المخا اشتهر في الماضي بأنه المنفذ العالمي الرئيسي لتصدير القهوة (الُبن) بين القرنين ال15 وال17. وسميتقهوة «الموكا» و«الموكاتشينو» نسبة لاسم هذا الميناء، الذي تراجعت أهميته لاحًقا، مع صعود ميناءالُحَديدة، الذي سرعان ما غدا أكبر موانئ الشمال اليمني، بينما غدا ميناء عدن أحد أهم موانئ شبه الجزيرةالعربية، بل والعالم عندما كانت لبريطانيا السيطرة على بحر العرب وعموم المحيط الهندي.
من جانب آخر، عملت الميليشيات الانقلابية على تشويه ممنهج لطمس معالم تعز الثقافية، من خلال قصفجميع مرافقها ومبانيها التاريخية المرموقة. وفي هذا السباق نشير إلى أن مدينة تعز كانت لفترة غير قصيرةالعاصمة الثقافية لليمن، ولعبت دورا مهما عبر تاريخ اليمن في المراحل القديمة الإسلامية والمعاصرة. وبدأازدهارها الكبير عندما شّيد سلطان الدولة الصليحية عبد الله بن محمد الصليحي قلعة القاهرة في النصفالأول من القرن السادس الهجري. وتعد تعز من المدن اليمنية التي نشأت وازدهرت في الفترة الإسلامية معزبيد وجبلة، وكانت مركزا حربيا قبل أن ينتقل إليها السكان، وكان حصن تعز هو قلعة القاهرة، النواة الأولىللمدينة، ومن معالمها التاريخية المهمة «ذي عدينة» الواقعة في جنوبها الغربي و«ثعبات» في شرقها.
معاناة مستشفيات تعز
خلال المعاناة الحالية أغلقت غالبية مستشفيات تعز أبوابها أمام المرضى والجرحى الذي وصل عددهم إلىأكثر من 11200 جريح، جراء قصف ميليشيات الحوثي وصالح للمستشفيات وحصارها على مداخل المدينةمنذ أكثر من ثمانية أشهر. وإقدام هذه الميليشيات على منع إدخال الأدوية والمواد الطبية إلى المستشفياتبما فيها أسطوانات الأكسجين، ما جعلها تعاني الأمرين، الحصار والقصف.
ثم إن هناك حالات مرضية حرجة في المدينة المحاصرة وصلت إلى أكثر من 450 حالة جريح بحاجة إلىالعلاج في مراكز متخصصة خارج اليمن ولا تحتمل التأخير، بينما لا يمكن نقل الجرحى حتى إلىمستشفيات مدينة عدن، إلى الجنوب من تعز، إلا عبر طرق جبلية ووعرة المسالك.
وفق أحدث الإحصائيات وصل عدد المستشفيات التي أغلقت أبوابها في تعز إلى أكثر من 30 مستشفىحكوميا وخاصا جراء قصف الميليشيات الانقلابية وانعدام المواد الطبية وغياب الكوادر الطبية. وهكذا،تعيش المدينة راهًنا كارثة صحية وإنسانية كبيرة، يفاقمها إغلاق ما يقارب من ال95 في المائة من العياداتالطبية، ويعود السبب هنا، أيًضا، إلى تحويل الميليشيات بعض المستشفيات والمباني لثكنات عسكريةومخازن للأسلحة مثلها مثل المدارس والمرافق الحكومية.
إن الوضع الصحي في مدينة تعز حرج جًدا ويزداد سوًءا يوما بعد آخر، ولقد انهارت المنظومة الصحية فيهاما يهدد حياة من يعانون من الأمراض المزمنة التي تحتاج لعلاج دائم، إذ بات مرضى الفشل الكلوي لايجدون مستلزمات الغسيل، ومرضى السكري لا يجدون الإنسولين، وغيرهم الكثير.
عن هذا الحال، قال الدكتور صادق الشجاع، أمين عام نقابة الأطباء في تعز، ل«الشرق الأوسط» إن «الوضعالإنساني مأساوي وانعدام الأكسجين أدى إلى إغلاق أقسام العمليات في بعض المستشفيات، وأيًضا غرفالعناية المركزة والحاضنات. وانعدام بعض الأدوية، وخصوصا المضادات الحيوية وأدوية التخدير، وكذلكبعض مستلزمات العظام بما فيها أجهزة التثبيت الخارجي وغيرها، بالإضافة إلى استهداف الكادر الطبي فيالمستشفيات.. كلها من العوامل التي زادت من حجم المعاناة».
وأضاف الشجاع «.. تعز تعاني الأمرين منذ تسعة أشهر.. تتعرض لاستهداف يومي بالقصف المباشر علىالمستشفيات، وخصوصا هيئة مستشفى الثورة في جميع أقسامه، ومختبر الصحة المركزي وهو المختبرالمرجعي في المدينة الذي يحوي أجهزة بملايين الدولارات، الذي أصبح جزء منه مهدًما بشكل كامل بمايحويه، بالإضافة إلى العجز الشديد في الأدوية والمستلزمات الطبية».
وحًقا، توفي عدد من جرحى قصف الميليشيات وهم على سرير المعالجة، والبعض منهم من توفي فيمستشفيات مدينة عدن، بعدما حالفهم الحظ واستطاعوا الوصول إليها، لكن المشقة الكبرى تتمثل في نقلالجرحى إذ ليس أمامهم غير الطرق الجبلية الوعرة وبوسائل بدائية تؤذي الجريح أكثر من خدمته. وبسببالمعاناة النفسية والمادية التي يعاني منها الجريح، تجده يتمنى لو أنه استشهد أفضل من الوضع الذي يعيشهالآن – كما قال أحد المواطنين.
أمين عام نقابة الأطباء قال ل«الشرق الأوسط»، إن الإنزال الجوي الذي قامت به قوات التحالف بالتنسيق معمركز الملك سلمان، وشمل إنزال أدوية ومستلزمات طبية هامة ومطلوبة «ما زال لا يغطي أكثر من 10 فيالمائة من احتياجات المستشفيات، فهناك عجز شديد بمستلزمات العظام وهو الذي شكل عبًئا كبيًرا علىالجريح والكادر الطبي. والكثير من الحالات الجراحية تحتاج إلى مراحل متتالية في المعالجة، ما يجعلالكادر الطبي يضطر إلى الإحجام عن القيام بالعمليات الجراحية اللاحقة. وثم هناك أيًضا احتياج مستشفياتتعز لأسطوانات الأكسجين الذي تصل الحاجة إليها في اليوم الواحد إلى 200 أسطوانة».
ثم ذكر أنه «لا يزال هناك أصناف دوائية بعينها يتعذر الحصول عليها ما يطيل من عملية الاستشفاء، فيالوقت الذي لا يزال عدد من الجرحى في العناية المركزة منذ ثلاثة أشهر، وهم بحاجة إلى أدوية وإجراءاتطبية متقدمة، ومع ذلك يقفون أمامهم عاجزين عن تقديم أي عون طبي».
نموذج يمني لمضايا
في معاناتها الشديدة، يمكن القول إن مدينة تعز إلى مدينة مضايا السورية كنموذجين للحصار المفروضوفق النموذج الإيراني نفسه. ذلك أن عملاء نظام طهران الطائفي يقومون بحصار هاتين المدينتين في أسوأحصار من نوعه استهداف عرفته البشرية في القرن الواحد والعشرين.
ويرى المحلل السياسي التميمي أن «الحصار الميليشياوي بلغ مدى من التأثير لا يمكن احتماله، إذ عاد الناس حصار من نوعه استهداف عرفته البشرية في القرن الواحد والعشرين.
إلى عصر الحمير والجمال كوسائل نقل بديلة، وساروا في الممرات الجبلية لتحاشي الرصاص والقذائفوحملوا أسطوانات الأكسجين اللازمة لتشغيل المستشفيات ومعها حملوا السلع الغذائية، بل وحملوا حتىالقذائف لكي يؤمنوا الحد الأدنى من توازن الرعب».
المآسي الإنسانية حقيقة
في هذه الأثناء، تستمر خجولًة الجهود الرامية لتخفيف الكارثة الإنسانية التي حلت بأهالي تعز، وتواصلالمنظمات المدنية المحلية والدولية سعيها لإدخال المساعدات الغذائية العاجلة إلى المدينة، وذلك بعدمانجح التحالف التي تقوده المملكة العربية السعودية، أخيًرا، في كسر جزأي للحصار المفروض على تعز منخلال إنزال جوي يحتوي على مساعدات طبية وأدوية من مركز الملك سلمان وذلك استجابة لنداءاتالاستغاثة من النساء والأطفال المحاصرين.
وبجانب ذلك، قامت دول التحالف وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر ودولة الكويت، بجهود ملموسةوقدمت مساعدات إغاثية لليمن وبشكل خاص لمحافظة تعز.
وهنا يقول نشوان نعمان شمسان الذبحاني، مدير مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في تعز،ل«الشرق الأوسط» في لقاء معه، إن «الحديث عن مآسي تعز لن يكتمل. فتعز مدينة منكوبة في مختلفالمجالات الصحية والمعيشية والمياه وكل مستلزمات العيش بسبب الحصار المفروض عليها من الميليشياتالانقلابية أعداء الإنسانية والحرية. والمواطنون في تعز يبحثون عن أبسط مقومات الإنسانية الأساسية فيظل صمت دولي غريب ومجتمع يقف غير مباٍل أمام هذه جرائم ضد الإنسانية وضد الحياة». وأضاف:«يوما بعد يوم تتفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن بشكل عام، وبشكل خاص في تعز، مدينة وريًفا على حدسواء، وهذا ما يجعلنا نقد ناقوس الخطر لما بلغته الأوضاع الإنسانية تحت حصار ظالم ومجرم ربما لا نجدله شبيه في العالم». وأردف: «إن ما يعيشه أهالي مدينة تعز، مقيمين ونازحين، يحّملنا أمانة نقل الصورةالواقعية للرأي العام محلًيا وإقليمًيا ودولًيا لما يعانيه أهالي المدينة المحاصرة ووضعها الذي يضع الضميرالإنساني أمام مسؤوليته، لرفع معاناة إخوة لهم في الإنسانية تقترف بحقهم أبشع الجرائم في حين لا يجدالجناة الردع اللازم». واستدرك الذبحاني ليشير إلى أن الحالة الإنسانية في تعز «شهدت أخيًرا انفراجة..وهي وإن كانت محدودة فإنها تمّثل بادرة تبعث الأمل في نفوس الناس وتجعلهم يتفاءلون بأنهم لن يتركوالمواجهة الموت جوعا أو من تبعات مضاعفات جراح القصف والقنص أو نتيجة الأوبئة وغيرها، وذلك منخلال قيام التحالف بكسر الحصار». قبل أن يشدد «ولكن ثمة ضرورة مواصلة الجهات الداعمة نشاطهاالإنساني والوصول إلى جميع المحتاجين نازحين ومحاصرين لاحتواء ظواهر الفقر والعوز والبطالة.. وطبًعامواجهة انتشار الأوبئة التي تفتك بحياة كثيرين».
قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية
للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
https://telegram.me/aleshterakiNet
قراءة 1364 مرات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.