الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    الوية العمالقة تصدر تحذيرا هاما    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    صراعٌ جديدٌ يُهدد عدن: "الانتقالي" يُهاجم حكومة بن مبارك ويُطالب ب "محاسبة المتورطين" في "الفشل الذريع"    "صيف ساخن بلا كهرباء: حريق في محول كريتر يُغرق المنطقة في الظلام!"    "بعد وفاته... كاتبة صحفية تكشف تفاصيل تعرضها للأذى من قبل الشيخ الزنداني ومرافقيه!"    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    الشعيبي: حضرموت تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة لتحرير ساحلها من الإرهاب    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    دموع طفل تعز تسقي شجرة الموت الحوثي... هل من ينقذه؟!    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    دعاء مستجاب لكل شيء    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المثقف اليمني الحديث في بواكيره الأولى
نشر في الاشتراكي نت يوم 27 - 02 - 2020


الإهداء:
إلى الصديق الجميل/ المثقف والباحث الجاد والرصين د/ علي محمد زيد.. "شكراً وعرفانا"ً بجميله علينا جميعا في إصداره الجديد "الثقافة الجمهورية في اليمن" وما أحوجنا لمثل هذا الكتاب الذي يمثل اضاءة معرفية / ثقافية تاريخية لما كان ينقص المكتبة اليمنية.
إن فصول الكتاب المختلفة هي حقا جهد الباحث المذاكر-للتاريخ-لما كان، ولما يجب أن يكون.
فالكتابً إضافة عميقة لمعنى الثقافة الوطنية اليمنية في تاريخيتها، حتى معناها ودلالاتها المعاصرة .
فيه تأصيل عميق لمفهوم "الثقافة الجمهورية" الذي ما يزال مرتبكا وغير واضحاً في عقول البعض.
و تحيتي هذه هي شكر وعرفان مستحق له، بقدر ماهي دعوة للجميع لقراءة الكتاب .
مع عظيم تقديري.

يمكنني القول إن ملامح الكيان المادي والذاتي ، والمعنوي للمثقف الحديث، أو المثقف العضوي ، -حسب تعبير جرامشي- بدأت في البروز والظهور في اليمن مع عشرينيات القرن الماضي في جنوب البلاد، وفي منتصف ثلاثينيات القرن العشرين ، في شمال البلاد، في حين أن هذه الولادة أو الصورة الحديثة للمثقف في بعض الأقطار العربية – مصر ،بلاد الشام، العراق المغرب العربي- بدأت بالتشكل والتكون مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وهو الفارق الزمني ، الفارق السياسي والثقافي ، والمادي ، والحضاري بيننا وبعض شعوب ودول العالم العربي ...، على اعتبار أن ما كان يفصلنا عن العالم الأوروبي ، والغربي، في ظل نظام الإمامة لا يمكن قياسه ولا حسابه ، وما تزال هذه الإشكالية –العزلة/ الانغلاق- قائمة وإن بصور ودرجات مختلفة . وظهور المثقف اليمني الحديث ، أو المثقف العضوي هي بداية تراجع واختفاء صورة الفقيه والقاضي ، والعالم، (رجل الفقه)(1)لصالح مفهوم ومضمون المثقف بدلالاته التكوينية المعاصرة.
وفي تقديري أن لحظة تشكل وظهور المثقف الحديث العضوي بمفهومه المعاصر ، هي بدء الوعي العميق بالذات ، وبالواقع ، وبالوطن، والتاريخ ..، هي لحظة خروج الكاتب والمثقف من شرنقته (عزلته)، إلى فضاءات القول والفعل المفتوحين ، فضاءات مشاركة الناس أحلامهم وتطلعاتهم ، والتعبير عنها .. وهي في الوقت نفسه لحظة بدء الوعي بأزمة علاقتنا بأنفسنا (ذواتنا)، وبمعرفتنا بالآخر . وهي اللحظة التي بدأت فيها تزول ظاهرة الاحتكار المطلق للمعرفة ، والفكر ، والثقافة، في نخبة العالم، والفقيه ، والقاضي ، والأمير، لحظة تجسير الفجوة بين الجاهل والمتعلم، لحظة المدرسة والتعليم المدني . الحديث التي بدأه في ثلاثينيات القرن الماضي الأستاذ المعلم والرائد/ أحمد محمد نعمان، وبعده الأستاذ/ عبدالله علي الحكيمي وهي البداية الأولى المبكرة لقرع جرس ضرورة الاصلاح والتغيير، عبر بوابة التعليم .. وهي في تقديري لحظة اقتراب تحول الرعوي إلى مواطن.
إن لحظة الإحساس والوعي الأولى والمبكر بضرورة المدرسة والتعليم، هي بالتحديد بداية الوعي العميق بالواقع وبالتاريخ.. بداية الوعي بمعنى المواطنة والحرية ، هي لحظة استكمال أو بداية النهاية لدور ووظيفة ، الفقيه ، والقاضي ، والعالم ،(رجل الدين التقليدي)، الذي يجمع الفهم والعلم من كل اطرافه، لصالح اسم ومضمون ، ودور المثقف العضوي الحديث، وأحمد محمد النعمان، وعبدالله الحكيمي وقبلهما الأستاذان/ محمد علي لقمان، وعبدالمجيد الأصنج، ومحمد سعيد مسواط الخ، هم الذين كانوا البدائية الجنينة لصورة ذلك المثقف، وهذا لا يعني أنه لم يوجد قبل هذه المرحلة مثقف عضوي ، ولكن ليس بالدلالة الحديثة، وقد جسد المثقفون الأحرار في شمال البلاد المعزولة عن العالم : النعمان ، وعبد الله الحكيمي وعلي ناصر العنسي، ومحي الدين العنسي، والحورش، الطليعة المبكرة لصورة ذلك المثقف الحديث حامل بيرق الإصلاح ، والتحديث السياسي ، والتنوير الفكري ، مع ملاحظة أنه من الصعب الحديث عن مشروع معرفي ، فكري ثقافي تنويري واضح ومحدد المعالم عند الأستاذ النعمان ، والحكيمي، وكذلك عند جميع الأحرار الدستوريين ، في المرحلة الإمامية ، ولا كذلك عند رموز الإصلاح الاجتماعي ، والتجديد الأدبي والثقافي في جنوب الوطن ، على أننا نستطيع أن نعثر على اتجاهات أو أوليات للتنوير عندهم ، ونستطيع أكثر أن نقرأ ملامح أو أوليات لمشروع تنوير في الفكر السياسي، وفي الممارسة السياسية عندهم جميعاً.
لقد مثل وجسد المثقف اليمني في شمال الوطن أو في جنوبه الحاجات الموضوعية ، للتقدم الاجتماعي للناس ، وكانوا أكثر القوى قدرة على التعبير عن أحلام وتطلعات الناس، على اختلاف شروط ومهمات الكفاح الفكري والسياسي ..كانوا العقل الجمعي ،والضمير المعبر عن أنا الشعب المصادرة والمقموعة ، ولم يكونوا مجرد حالة استمرارية للثقافة التقليدية الماضوية ، أو للثقافة السائدة كيفما اتفق بل أساس ومقدمات لمشروع سياسي فكري بديل ، كانوا جميعا منتمون لفكر وقيم ثقافية جديدة تتجاوز المضامين الأيديولوجية الإمامية السائدة في شمال البلاد، وبداية لطرح جديد لمعنى الثقافة الوطنية اليمنية في جنوبه الواقع تحت القبضة الاستعمارية.. . كانوا في الواقع معبرين عن أحلام قوى اجتماعية وسياسية واسعة وإن كانت في طور التشكل ، لانعدام الشروط الداخلية لاستكمال حضورها وتعبيرها عن نفسها في واقع الممارسة، بسبب حالة التخلف العمومي ، والعزلة التاريخية، وحالة الإستبداد السياسي شبه المطلق في الوضع الإمامي، وحالة الامية والتجهيل المنظم، وواقع الانقسام السياسي والاجتماعي والثقافي، والطائفية السياسية التي اشتغلت عليها الإمامة والاستعمار، وغياب الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية العادية.
كانوا في مشروعهم الفكري السياسي يمثلون مصالح أوسع القوى الاجتماعية في البلاد ، وهم أكثر الفئات قدرة على استشراف آفاق المستقبل. ومن خلال كتاباتهم –المبكرة- ومشروعهم السياسي- الميثاق الوطني المقدس / حتى مطالب الشعب في 1956م"ولماذا تقدم الغرب وتخلفنا"، وغيرها من الكتابات-بداية لطرح صورة مختلفة/ مغايرة، لليمن الجديد والحديث–مع الفارق النسبي بين دور المثقفين في الشمال عنه في جنوب البلاد- كما تصوروه في أحلامهم ، وعقولهم ، وفي سلوكهم العملي؛ حيث توحد السياسي المناضل ، بالمثقف والمفكر، فقد دخلوا جميعا إلى السياسة من باب المعرفة ، والفكر والثقافة ، ومارسوا سياساتهم على قاعدة الإنتاج الفكري، الثقافي ، والأدبي ضمن رؤية ثقافية/ سياسية نجدها تتخلل كل الخطاب العام لهم سواء في الشمال، أو في الجنوب. ولذلك فإنك تجد صعوبة في الفصل بين السياسي، والثقافي في خطاب النعمان الأب،(وحتى النعمان الابن)، وعلي ناصر العنسي، ومحي الدين العنسي، وعبدالله الحكيمي ، و الحورش وهي خاصية لازمت خطاب المثقفين اليمنيين في الجنوب والشمال. وأستطيع القول أن خطاب المثقفين اليمنيين في تلك المرحلة لم يكن دعوة ذات طابع نظري مجرد ، قدر ما كان دعوة للفعل ، والعمل السياسي المنظم ، دعوة للإصلاح والتنوير ، دعوة لمشروع سياسي فكري وطني، وقومي بعد ذلك.
لقد شكل المثقفون اليمنيون منذ منتصف ثلاثينيات القرن العشرين في الشمال، وقبل ذلك بعقد من الزمن في الجنوب، صورة النقلة الأولى لتشكل وظهور بدايات حضور وفعل الإنتلجنسيا اليمنية المعاصرة ، حمل خطابهم دعوة فكرية سياسية وعملية من خلال التنظيم لتحطيم تابوهات القداسة التي صنعها تاريخ طويل من التخلف والاستبداد الديني، والاستعمار السياسي والعسكري، "الانجلو سلاطيني".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.