لا تزال المرأة اليمنية في السنة السابعة من الحرب التي تدور رحاها في البلد، تدفع فاتورة باهظة، حيث بات الشعور بالإحباط واليأس لا يفارقها. وفي يومها العالمي، الذي يوافق ال8 من مارس/آذار من كل عام، اليوم الذي يحتفي بها فيه العالم أجمع، كونها نصف المجتمع، تحولت المرأة اليمنية ضحية حرب عبثية، وضعتها في حافة الكثير من المخاطر المحدقة بها. تعيش المرأة اليمنية ما بين القتل خارج القانون، والعنف الأسري، والتهجير، والنزوح والتشرد، مروراً بالاعتقالات التعسفية والاغتصاب والإخفاء قسراً، وصولاً إلى تعرضهن للقصف والقنص بمقذوفات الحرب، وأغلب ذلك تمارسه مليشيا الحوثي.
ضحية حرب تشير آخر الإحصائيات الحقوقية في اليمن، إلى أن واقعاً كارثياً عاشته المرأة اليمنية من انتهاكات جسيمة طالتها في زمن الحرب الكارثية، حيث يؤكد تقرير صادر عن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، أنها وثقت انتهاكات جسيمة بحق 1333 من النساء. ويذكر التقرير الصادر عن اللجنة، وهي لجنة حكومية مهتمة برصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وتحظى بدعم من المجتمع الدولي، أن تلك الأرقام هي للنساء اللاتي تمكنت من الوصول إليهن فقط منذ العام 2015م وحتى نهاية العام 2020م المنصرم.
أوضاع لا إنسانية وأشارت اللجنة، في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إلى إن هذه المناسبة التي تحتفل بها المرأة في كل بلدان العالم، تحلُ والنساء اليمنيات لا زُلن يعشن أوضاعاً أقل ما توصف بأنها لا إنسانية، تخلو من أشكال الحماية، لافتةً إلى أن ذلك يوضحه العدد المتزايد للنساء الضحايا. ولفتت اللجنة إلى أن الهدف من نشر هذا التقرير في هذه المناسبة، هو تذكير المجتمع الدولي بمسؤوليته في حماية المرأة اليمنية، والضغط الجاد على كل مرتكبي الانتهاكات للتوقف عن تلك الممارسات ومحاسبة مرتكبيها.
أرقام تتحدث وأوضحت اللجنة المعنية برصد انتهاكات حقوق الإنسان، أنها وثقت مقتل 528 امرأة، وإصابة 805 أخريات، جراء القصف العشوائي على الأحياء المكتظة بالمدنيين في العديد من المحافظاتاليمنية، جاءت محافظة تعز في صدارة هذه الانتهاكات، وذلك بنحو 678 ضحية، تليها محافظة الحديدة، ثم محافظتي الجوف، والضالع. وذكرت اللجنة، في بيان لها على لسان المتحدثة باسم اللجنة، إشراق المقطري، وهي عضو اللجنة وناشطة حقوقية يمنية، أن جماعة الحوثي المسلحة مسؤولة "عن 843 انتهاكاً ضد النساء، فيما ثبتت - وفق المقطري - مسؤولية "طيران التحالف العربي، وكذا القوات الحكومية الشرعية والفصائل الموالية لها عن490 انتهاكاً، والدرونز الأمريكي عن 16 انتهاكاً، وأطراف أخرى لم تسمها عن 52 ضحية من النساء. وأوضحت، أن مئات الفتيات أيضاً كن ضحايا "للمقذوفات العسكرية على الأحياء السكنية، التي تسببت بسقوط نحو (1284) ضحية، منها مقتل 512 طفلة، وإصابة 772 أخريات".
مهجرة قسراً وتذكر اللجنة أن 726 امرأة تعرضت للتهجير القسري من مناطقهن، تحت السلاح والإكراه، مشيرةً إلى أن تهجير النساء "عرضهن مع أطفالهن أثناء الخروج لأشكال مختلفة من المخاطر المرتبطة غالباً بانعدام الأمن، كونهن أُجبرن على الابتعاد عن بيئتهن ومنازلهن قسراً في أوضاع تفتقر إلى الأمان والاستقرار". وحملت اللجنة، جماعة الحوثي المسلحة مسؤولية تهجير (570) امرأة، مؤكدةً أن بقية وقائع التهجير توزعت على القوات الحكومية وأطراف عدة محسوبة عليها، إضافة إلى جهات متطرفة مختلفة. وبحسب تقرير اللجنة، فقد جاءت محافظة تعز الأعلى في عدد النساء المهجرات بحصيلة بلغت (230) ضحية، تليها محافظة الحديدة بعدد (228) ضحية، ومن ثم محافظة الجوف بعدد (155) ضحية، ثم محافظات الضالع وحجةوصنعاء.
انتهاكات أخرى وأوضحت اللجنة، في بيانها، العديد من الانتهاكات الأخرى التي تعرضت لها المرأة اليمنية، منها تعرضهن للألغام، إلى جانب الاعتقالات التعسفية والاغتصاب، وكذا الإخفاء القسري، والقتل خارج القانون، وتدهور خدمات الرعاية الصحية. ولفتت إلى سقوط (109) نساء نتيجة انفجار الألغام، من بينها (40) امرأة قُتلت في الانفجارات تلك، التي أسفرت عن إصابة (69) أخريات إصابات خطيرة، سببت لأغلبهن إعاقات دائمة وتشوهات مختلفة، منها (35) ضحية في محافظة تعز، تليها محافظة الجوف بعدد (30) ضحية، ثم محافظة الحديدة بعدد (10) ضحايا، فيما توزعت بقية الانتهاكات في البيضاء والضالع وعدنولحجومأرب وصعدة. وأكدت أنها رصدت سقوط (150) طفلة بسبب الألغام في عدد من المحافظات، وذلك بالرغم من أن فئة النساء والأطفال بعيدة عن ساحات المعارك، لكنها باتت من أكثر الفئات التي تعرضت لمخاطر الألغام المضادة للأفراد، كون غالبية تلك الوقائع كانت أثناء قيام النساء في الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بكسب الرزق، مثل الزراعة ورعي الماشية وجمع الحطب والماء، وكانت مسؤولية ارتكاب كافة تلك الوقائع هي جماعة الحوثي المسلحة. ولفتت إلى أن المرأة كانت ضحية للتشريد من منازلها إثر قيام جماعة الحوثي المسلحة بتفجير تلك المنازل، حيث تضررت عدد (515) من النساء اللاتي تم تفجير منازلهن في محافظاتحجة، تعز، البيضاء، الجوف، إب، صنعاء، والضالع. وأوضحت اللجنة أن المرأة اليمنية طوال سنوات الحرب الماضية كانت عرضة للعديد من الانتهاكات الجسيمة من الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب، لافتةً إلى أنها استمعت إلى (72) امرأة يمنية كن ضحايا لتلك الانتهاكات بسبب نشاطهن الإنساني والسياسي، أو ابتزاز لأسرهن كجزء من سياسية استخدام النساء في الحرب. وأكدت أن أمانة العاصمة صنعاء، جاءت في المرتبة الأولى في حدوث هذه الانتهاكات بعدد (31) حالة، بعدها تأتي محافظة الحديدة بعدد (7) حالات، ثم مأرب (5) حالات، يليها ذمار (3)، في حين توزعت بقية تلك الحالات على محافظاتلحج، عدن، تعز، حجة، صعدة، البيضاء، المحويت. وحملت اللجنة جماعة الحوثي المسلحة مسؤولية ارتكاب (62) حالة اعتقال وإخفاء وتعذيب نساء، تحتجز أغلبهن في فروع الأمن وأماكن احتجاز سرية أخرى، بينما نسبة ضئيلة في السجون المركزية، فيما كانت مسؤولية القوات والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية والمحسوبة عليها عن (10) حالات. وأشارت إلى أن جماعة الحوثي المسلحة قامت بإنشاء ملحق سري ملاصق للسجن المركزي في أمانة العاصمة صنعاء لإخفاء النساء، وتتواجد فيه حالياً (50) مخفية، بحسب إفادات أربع من الضحايا الناجيات اللاتي تم الاستماع إليهن. وذكرت اللجنة أن عدد (376) امرأة سجينة في عدد من السجون المركزية يتعرضن للعديد من الانتهاكات، لافتةً إلى أن (200) سجينة منهن في أمانة العاصمة صنعاء، و(90) محتجزة وسجينة في سجن الحديدة، و(34) في سجن إب المركزي، التابعة للحوثيين، إضافة إلى عدد (52) سجينة يعشن أوضاعاً مماثلة في سجون عدن، والمكلا، وشبوة، وتعز، التابعة للحكومة الشرعية.
جرائم حرب تطالها تشير منظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة مدنية تتخذ من العاصمة السويدية "جنيف" مقراً لها، من جانبها إلى أن جماعة الحوثي تأتي في مقدمة الأطراف المنتهكة لحقوق المرأة في اليمن، بنسبة تبلغ 70%، تليها القوات الموالية للشرعية 18%، ثم المجلس الانتقالي بنسبة 5%، وجهات أخرى 7%". وأوضحت المنظمة، في بيان لها، أن المرأة اليمنية كانت طوال سنوات الحرب الماضية عرضةً ل "قتل متعمد وإصابات بالغة" وهي جرائم - بحسب المنظمة - ترقى "لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وتذكر أن "عدد اليمنيات اللاتي قُتلن خلال 6 سنوات من الحرب بلغ 962 امرأة، سقط العدد الأكبر منهن في مدينة تعز، بعدد 410 نساء، تلتها الحديدة 115، عدن 37، لحج 40، وصعدة 50، فيما أصيبت 1942 امرأة، وكان لتعز أيضاً النصيب الأكبر بينهن بعدد 1400 امرأة".
معتقلة في سجون الحوثيين ووفق المنظمة، فإن عشرات النساء يعشن أوضاعاً إنسانية وحقوقية بالغة السوء في معتقلات الحوثيين في مناطق سيطرتهم، مشيرةً إلى أن جماعة الحوثي "تحتجز 90 امرأة في 3 غرف، 60 منهن في غرفة سعتها 5 في 9 أمتار مع اطفالهن، و30 بغرفتين مقاس 4×4 أمتار، وفي السجن أيضاً يعيش أكثر من 35 طفلاً، في ظروف صحية سيئة مختلفة". وتشير معطيات الواقع في اليمن، إلى أن المرأة اليمنية تعرضت للتهجير والتشريد من منازلها، وأصبحت نازحة ومهجرة تبحث عن مأوى آمن في العديد من الفيافي والصحاري، حيث باتت تعيش برفقة المخاطر المحدقة بها وأضحت تهدد حياتها. عن ذلك، تقول تقارير حديثة صادرة عن الأممالمتحدة، إن ما نسبته 73% من النازحين في اليمن أي نحو قرابة (3 مليون) هم من النساء والأطفال، داعية في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إلى الدفاع عن حقوق المرأة والطفل. وفي بيانها الصادر، الاثنين الفائت، الذي يصادف يوم المرأة العالمي، أكدت الأممالمتحدة عبر المنسقية العليا للشئون الإنسانية الأمميةباليمن "أوتشا"، أنه "حان الوقت للدفاع عن حقوق المرأة والنضال من أجل مستقبل متساوٍ".