أكد البروفيسور محمد فارع محمد الدبعي أن 250مليار ريال حجم إنفاق الأسر اليمنية على القات. . وقال بروفيسور الموارد المائية في جامعة صنعاء إنه وفقاً للتقارير الرسمية فأن القات يحتل المرتبة الثانية بعد الغذاء في إنفاق الأسرة اليمنية الذي يتراوح ما بين 26 – 30 % من دخلها وقدرت الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2006 - 2010 حجم الإنفاق الشعبي على تعاطي القات بنحو 250 مليار ريال سنويا . وأضاف إن ذلك يشكل عبئا على ميزانية الأسرة خصوصا ذات الدخل المحدود، وبالإضافة إلى استنزاف شجرة القات أكثر من 30– 40 % من المياه المستخدمة في الزراعة، هذا المحصول الذي تزداد زراعته بنسبة تتراوح بين 9 - 10% سنويا على حساب المحاصيل الأخرى . وقال في محاضرة ألقاها في المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" بعنوان (خارطة طريق لحل مشكلة المياه والقات في اليمن )إن الأمر لا يتوقف عند إهدار الوقت والمال بل امتد إلى الصحة إذ تعد المبيدات الحشرية والمواد الكيماوية الخطرة التي ترش على نبته القات بالذات سبب رئيس لانتشار الأورام السرطانية الخبيثة، ووفقا لتقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية فإن عدد من يصيبهم السرطان في اليمن يصل إلى نحو 20 ألف شخص سنوياً, ومعلوم أن أمراض خطيرة (كسرطان الرئة واللثة والفم والقولون، الفشل الكلوي وتليف الكبد) بدأت تظهر في اليمن خلال الأعوام الأخيرة نتيجة استخدام مزارعي "القات" للمبيدات والمواد الكيماوية السامة بهدف زيادة المحصول ورفع دخلهم منه، حيث تساعد هذه المستحضرات على نمو أغصان القات في أيام قليلة ويقوم المزارعون اليمنيون بقطفه وتحضيره للبيع بينما لا تزال العناصر السمية في أوراق القات فعاله، وتشير الدراسات إلى أن 70% من إجمالي المبيدات والمستحضرات الكيماوية المستخدمة للزراعة التي تدخل اليمن تستخدم في مزارع القات, وعلى الرغم من أضرار القات هذه، فإنه يعد نشاطا اقتصاديا هاما لنسبة كبيرة من السكان تتراوح ما بين 20-30 %، وبفعل عائداته الكبيرة فقد ارتفعت نسبة العاملين في زراعته إلى أكثر من 24 بالمائة من إجمالي قوة العمل في قطاع الزراعة . واستعرض في محاضره المشاكل التي تسبب بها زراعة القات وأهمها مشكلة استنزاف الماء التي باتت تؤرق الكثير من سكان المحافظات اليمنية . وأوضح ان مايفاقم مشكلة المياه هو تنامي الاستخدامات المائية التي وصلت من 2,2مليار متر مكعب عام 1990الى 3,4مليار متر مكعب عام 2000ويتوقع ان يصل الى 4,6مليار متر مكعب عام 2025 . واكد على خطورة المشكلة التي تواجهها اليمن قائلاً "إن التحديات التي يواجهها قطاع المياه في اليمن كبيرة، وعملية المعالجة لها ليست هينة، وتتطلب توفر الإرادة والكثير من الجهد والتمويل اللازم لإصلاحه، وجميع المعالجات الآنية وغير الإستراتيجية لن تقود إلى نتيجة مرضيه، وربما تقود إلى إهدار الوقت والجهد معاً. إنه ليصعب في الحقيقة التوفيق بين الاستنزاف الحاد للمياه الجوفية، وانتشار الإقبال على القات، والاستخدام العشوائي والغير مسئول للمبيدات من جهة والحديث عن التحديث والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة من جهة أخرى، كما أن المعرفة بالمشكلة وما تمثله من خطورة على الحاضر والمستقبل وعدم معالجتها معالجة جدية، تعتبر مسئولية من الصعب التغاضي عنها ولا تسقط بالتقادم. إن حل مشكلة المياه والإزالة التدريجية لشجرة القات والحد من الاستخدام العشوائي للمبيدات "هي الأمن القومي" وإن أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية لا تتم إلا بإعطاء الأولوية لذلك". وقدم الدبعي في المحاضرة التي حملت عنوان ( خارطة طريق لحل مشكلة المياه والقات في اليمن ) الحلول والمعالجات للخرج من هذه المشاكل حيث اشار الى ان هناك إمكانية متاحة لترشيد المياه في اليمن، ومكافحة الفقر، واستبدال القات، وزيادة الإنتاج، وذلك من خلال خارطة طريق لحل مشكلة المياه والقات في اليمن يمكن أن توجه وتنظم وتسخر وفقا للآتي :- 1. إعداد خطة وطنية تعززها إرادة سياسة وتشريعية وإجماع وطني بخطورة الوضع وأهمية معالجته . 2. العمل من خلال خطة خمسيه أو عشرية لنقل الوزارات الغير سيادية إلى مدينة أو مدن أخرى لتقليل الضغط على العاصمة صنعاء فمواردها الطبيعية والبيئية لا تحتمل أكثر من 800,000 نسمة . 3. تعزيز اللامركزية الإدارية الواسعة الصلاحيات فعلياً من خلال إجراءات عملية، للحد الطوعي من الهجرة إلى العاصمة صنعاء، و تشجيع الهجرة الاختيارية إلى عواصم المحافظات الأخرى من خلال توفير فرص للعمل وتشجيع الاستثمار فيها . 4. إقامة المشاريع التي تستوعب كثافة عمالية وتحديداً في المناطق الساحلية، وإيجاد مصادر للرزق والحياة الكريمة للمواطنين في مواقع سكناهم . 5. إيجاد بيئة استثمارية حقيقية تشجع على الاستثمار وتحد من هروب رؤوس الأموال، من خلال تنفيذ القوانين ومحاربة الفساد وتفعيل مستوى الأداء للقضاء والاختيار الجيد للكادر، سعياً نحو خلق فرص عمل تستوعب مخرجات الجامعات وتحد من البطالة . 6. رفع كفاءة محطات المعالجة لمياه المجاري في المحافظات بحيث تكون مخرجاتها صالحة للري بشكل أمن للعديد من المحاصيل الزراعية وتساهم في التقليل من استخدام المياه الجوفية . 7. إيقاف كافة مشاريع المياه ذات الطابع الاستثماري في حوض صنعاء، ونقلها إلى أماكن أخرى خارجه، ويحبذ أن تكون في المناطق الساحلية حيث يمكن استخدام تكنولوجيا التحلية لذلك. حيث من غير المعقول أن نشتكي من أزمة مياه في العاصمة صنعاء، ومشاريع المياه المختلفة فيها تغذي الجمهورية بكاملها من هذا الحوض، بل ودول الجوار كذلك . 8. العمل على أن تكون عبوة قنينة الماء المعبأة نصف لتر فقط، حفاظاً على كثير من الماء المهدور . 9. توطين تكنولوجيا تحلية المياه في المناطق الساحلية باعتبارها الحل الذي لا بديل عنه لمجابهة الحاجة المتزايدة لهذا المورد على الدوام . 10. إيجاد البدائل لمُزارعي القات وتشجيعهم على ذلك من خلال زراعة محاصيل أقل شراهة للمياه ومفيدة للاقتصاد الوطني وغير مضرة بالإنسان والبيئة وفق خطة مدروسة يتم تنفيذها تدريجياً وعلى مراحل من خلال وزارة الزراعة ابتداءً من حوض صنعاء. لنأخذ تجربة الأردن الشقيق حيث دفعت الحكومة (120) دولاراً أمريكياً للمزارعين عن الهكتار الواحد للكف عن زراعة الخضار والمحاصيل السنوية في عام 1991م عملاً بأسلوب استيراد "مياه افتراضية" عبر شراء الأغذية والمنتجات من حيث هو الأكفأ. ومن خلال المفاوضات مع منتجي الحبوب يتم الاكتفاء الذاتي الغذائي مقابل تحقيق الأمن المائي. وإذا كان ذلك أسلوب الآخرين في التعامل المنتجات الغذائية الحيوية، ألا يجدر بنان وأليس من المعقول، أن نعمل بالمثل مع إنتاج شجرة القات . 11. منع ري شجرة القات بالمياه الجوفية فالوضع لا يحتمل، واقتصار زراعتها في المناطق التي تروى بمياه الأمطار فقط كما كان ذلك قديماً . 12. اجتماعات مجلس الوزراء والاجتماعات الموسعة في الوزارات ومرافق العمل والندوات والنشاطات في المراكز الثقافية يتم عقدها عصراً وبدون قات، توفيراً للوقت، وخدمة للمواطن من حيث تواجد المسئولين الدائم في مكاتبهم، والحد من تناول هذه الشجرة الخبيثة من خلال تعود الناس في فترة مضغها الانشغال بما هو أهم . 13. تفعيل قرار رئيس الجمهورية القاضي بمنع تعاطي القات في المعسكرات والمرافق الحكومية . 14. منع استخدام المبيدات في زراعة القات لما تشكله من أضرار على صحة المواطنين وعلى البيئة بشكل عام . 15. حصر أسواق القات خارج المدن ومنع بيعه في شوارعها وأزقتها حفاظاً على النظافة العامة وجمال هذه المدن، والمنظر العام للمواطن اليمني . 16. منع تعاطي القات في الشوارع العامة وأثناء قيادة السيارة أو في المتاجر، والسماح بتعاطيه في المنازل والأماكن المغلقة فقط بعيداً عن أنظار الأطفال والأجانب . 17. النظر في إمكانية الاستفادة من التجربة السابقة التي تسمح بتعاطي القات في عواصم المحافظات في يومي الخميس والجمعة والعطل الرسمية فقط، وكآلية للتخلص التدريجي منه . 18. التوسع في عمل المسطحات الخضراء والحدائق العامة والمتنزهات والنوادي الرياضية والمراكز الثقافية وملاعب كرة القدم ليقضي الناس أوقات فراغهم فيما يفيدهم وينمي مهاراتهم وقدراتهم العلمية والعملية . 19. التفكير جدياً في إمكانية استيراد القات من دول الجوار على مراحل، كأن نبدأ بطائرة واحدة للعاصمة صنعاء يومياً، الأمر الذي يقلص مساحة الأراضي المزروعة بالقات في حوض صنعاء ويوفر كمية كبيرة من المياه، وباتجاه استبداله بمزروعات أخرى مفيدة وأقل شراهة للمياه. ورفد الميزانية بمبالغ أكثر جراء الانضباط في تحصيل الضريبة المستحقة. ويمكن أن يكون ذلك من خلال شركة مساهمه يشارك فيها مزارعي القات والعاملون فيه كتشجيع لهم للتخلي عن زراعته، وإذا نجحت التجربة يمكن التوسع فيها، المهم يجب البدء بشيء ما للقضاء على هذه الشجرة واجتثاثها من بلادنا في المدى المنظور، ولا أدري لماذا كل شيء يمكن استيراده في بلادنا (كل شيء) ما عدا القات؟؟ 20. الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها على مستوى الحقل من خلال إدخال التقنيات الحديثة . 21. العمل على تطبيق قانون المياه على الجميع للحد من عمليات الحفر العشوائي للآبار. وكذا العمل على إيجاد بنية لرصد مناسيب المياه في الأحواض وتحديد الكميات المسموح باستخراجها . 22. بناء منشئات مساعدة لنظم تغذية الخزان الجوفي للأحواض وتنميتها من سدود وحواجز . 23. تهذيب الوديان وحمايتها والاستفادة من كميات مياه السيول التي تهدر وتفقد معظمها حاليا . 24. تشجيع الزارعة المطرية وتطوير تقنيات تحسين استغلال مياه الأمطار، والتوسع في استخدام أسلوب حصاد مياه الأمطار على اكبر مساحة ممكنة لأنها تشكل رافدا لا يستهان به في تنمية موارد المياه وتخفف من استنزاف المياه الجوفية والسطحية . 25. إدخال طرق الري الحديثة وتحسين الري التقليدي كتقنيات وتكنولوجيا تنمي المورد وترفع كفاءة استخدامه، وقد أثبتت التجارب التي قامت بها وزارة الزراعة والري بان إدخال طرق الري الحديثة تحقق كفاءة استخدام مابين 30 - 50 %.