مل جهاد الشاعر من انتظار سماح إسرائيل بدخول الأسمنت والحديد إلى قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبدأ يدبر أموره بنفسه ليبني بيتا بالطوب اللبن. فبعد أكثر من ثلاثة أشهر على نهاية الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي قتل مئات الفلسطينيين ودمر أو ألحق أضرارا بآلاف المنازل لا يزال سكان القطاع الفلسطيني بانتظار المواد اللازمة لإعادة بنائه. ولا يزال الاتفاق السياسي مع اسرائيل لتخفيف حصارها للقطاع بعيد المنال اذ يحول الانقسام بين حركتي حماس وفتح دون التوصل إليه. لكن الشاعر يقول ان فكرته بدأت تنتشر. فالطين متوفر على العكس من الأسمنت والحديد. وزار سكان من غزة بيته المكون من غرفتين بغرض معاينته وقال العديد منهم انهم سيطبقون الفكرة ويبدأون في بناء منازل من الطين لتأويهم. وقال الشاعر "لا يوجد بديل .. الأسمنت لا يدخل وفصائلنا لا تتصالح" في إشارة الى عدم حدوث تقدم في محادثات الوحدة الفلسطينية والتي تأجلت مرة أخرى هذا الأسبوع حتى منتصف مايو آيار دون أي علامة على إمكانية التوصل إلى اتفاق. وأضاف الشاعر الذي استخدم الالواح الخشبية لتسقيف منزله "الناس تريد أن تتزوج وآخرون يريدون أن يبنوا بيوتهم. أنا أنصح الناس أن يبدأوا في بناء مساكنهم وألا ينتظروا". والمنازل المبنية بالطوب الاحمر والتي تصنع أسقفها بالقرميد والألواح الخشبية على غرار تلك الشائعة في الغرب والصين نادرة الوجود في الأراضي الفلسطينية والشرق الأوسط عموما. والنوع السائد بالمنطقة هو البنايات التي تستخدم في إنشائها الخرسانة المسلحة بالحديد والأسمنت. وبدا الشاعر سعيدا باكتشافه هذا. فقد تكلف بناء منزله 3000 دولار فقط. وقال "هذا بيت من الطين .. يعني بارد في الصيف دافئ في الشتاء". وفي شمال قطاع غزة حيث دمرت مئات المنازل في الهجوم الإسرائيلي الذي استمر نحو ثلاثة أسابيع في يناير كانون الثاني لجأ كثير من السكان للعيش وسط ما تبقى من منازلهم الخرسانية في خيام تبرعت بها منظمات إغاثة. وتعهدت دول مانحة بأربعة مليارات دولار لإعادة إعمار القطاع في يناير كانون الثاني لكن مسؤولين في غزة قالوا انه لا يمكن بدء العمل قبل أن تفتح إسرائيل المعابر الحدودية معه بالكامل. ولا يبدو أن هناك فرصة تذكر لحدوث ذلك ما دامت الخلافات مستمرة بين حماس والرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم حركة فتح. وترفض الحركة الإسلامية الاعتراف بإسرائيل بينما تسعى فتح إلى اتفاق سلام مع الدولة العبرية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانبها. ومنذ سيطرت حماس على قطاع غزة في 2007 بعدما هزمت قوات فتح منعت إسرائيل تماما دخول الأسمنت والحديد قائلة إن حماس ستستخدم تلك المواد لأغراض عسكرية. وقال نبيل عبد ربه الذي شردت أسرته المكونة من 34 فردا "لا يوجد إعادة إعمار.. هذا كله كذب". وأضاف أن الجميع قطعوا عهودا فحسب مشيرا إلى أنهم يعيشون منذ أربعة أشهر بلا مأوى ودون أن يشاهدوا أي أنشطة لإعادة الاعمار. وقال إن الأسر كبيرة العدد والتي كانت في السابق تعيش معا في منازلها الخرسانية المكونة من ثلاثة أو أربعة طوابق باتت مشردة ومتفرقة الآن حيث يعيش البعض مع أقارب وآخرون في منازل مستأجرة. وقالت عائشة عبد ربه (65 عاما) انها فقدت 15 فردا من أسرتها في الهجوم الإسرائيلي. وأضافت "لا أحد يساعدنا .. لا عرب ولا أجانب.. المعابر مغلقة ولا يوجد أسمنت ولا حديد". وفي مدينة رفح القريبة ساعد نضال عيد العمال في بناء بيته بالطوب اللبن. ويستخدم البناء الطين بدلا من الأسمنت. وقال عيد "أنا أبني بيت من غرفتين ومطبخ وصالون ودورة مياه وموقد تدفئة. عندما أنتهي من بناء بيتي سوف أبدأ في بناء عشرة مساكن لعائلات طلبت مني ذلك".