تشكيل ما يسمى بلجان الدفاع عن الوحدة في المحافظات والمديريات المختلفة ،والحديث عن إشراف الأجهزة على تمويلها وتسليحها، هو في حقيقة الأمر إعلان رسمي يت م بموجبه تخلي الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية عن مسئوليتها الدستورية والأخلاقية في الحفاظ على حياة مواطنيها ، وفتح الباب واسعا للاقتتال الداخلي وبروز جماعات التطرف والعنف وأمراء الحرب والمنظمات الإرهابية والتكفيرية ..الخ . انهيار الدولة اليمنية وتشظيها على رؤوس أهلها والجيران أمر لا يخيف السلطة اليمنية كثيرا لأنها تحكم من خارج الدولة ومؤسساتها في الأساس بل أن الدولة تمثل لكثير من رموزها عبئا ثقيلا عليها وتحملها مسئوليات دستورية وقانونية لا تريدها ولا تقدر عليها ولدى كثير من هذه الرموز الاستعداد الكامل إلى التحول مباشرة من قادة ومسئولين كبار إلى زعماء عصابات وأمراء حرب كبار أيضا، بل أن هذا هو حال بعضهم الآن . لا يوجد غير الاقتتال الداخلي مشروعا آخرا للسلطة لحماية الوحدة أو لحماية مكانتها في مركز القرار، ولو خيرت بين الوحدة وبقائها في السلطة لاختارت السلطة حتى ولو كانت على مساحة صغيرة من الوطن الممزق بالحروب والصراعات، وأمام الدعوة إلى "الانفصال" التي يطلقها البعض بخفة وبدون مسئولية تختار السلطة الحرب والوحدة معا ،وتحصل من خلالها الاحتشاد الشعبي والشرعية الدستورية أيضا وهذا بالضبط هو أساس دعوتها لتشكيل ما يسمى بلجان الدفاع عن الوحدة والأصح الدفاع عن السلطة . لن أخاطب السلطة اليمنية ولن اهددها بخطورة انهيار الدولة كما تعمل بعض أطراف المعارضة وبعض أشقائنا في السعودية والخليج ومن يعتقد بان السلطة ستقبل ب"التغيير" بواسطة التحذير او تخوفا من "التشطير" كما صرح بذلك البعض فهو واهم لان السلطة تعرف بان ما يجري على الأرض وما هو اقرب للتحقق ليس التشطير ولا التغيير بل التدمير والتمزيق وهي اقدر عليهما بل أنها تهددنا بهما ليل نهار . . الأمر جد خطير والسؤال مطروح لأحزاب المعارضة التي لن يكون لها مكان في دولة منهارة ،لا وجود فيها للأحزاب والصحافة ومنظمات المجتمع المدني ولا طاولة فيها للمفاوضة والمتفاوضين وأي حزب يعتقد بأنه سيملأ الفراغ الذي سيخلفه انهيار الدولة فهو إما واهم أو متآمر . بعض قادة الحراك الجنوبي يتباهون بسذاجة بتحريرهم لمناطق بكاملها من مؤسسات الدولة بما فيها مكاتب الأمن والشرطة كما هو الحال في طور الباحة وبعض مناطق ردفان وليتهم يعلمون بأن هذه هي أول خطوة على طريق انهيار الدولة والاقتتال الداخلي الذي أصبح حقيقة واقعة ونرى تفاقماتها كل يوم لا يستطيع قادة الحراك ملىء الفراغ الذي ستخلفه مؤسسات الدولة الأمنية والقانونية والخدمية(التعليم والصحة وغيرها) واذا ما حدث فلن يكون له من اثر سوى التخفيف على هذه السلطة غير المسئولة واعفائها عن جزء كبير من مهامها الدستورية من ناحية، ويفتح الابواب مشرعة لجماعات العنف والإرهاب التي تخطط ليل نهار للوصول إلى هذا الوضع إلذي تكون فيه قادرة على فرض قرارها وحكمها علي بقية الأطراف تماما كما حصل قبل ذلك في دولة (جعار- إستان ). ....... املئوا الشارع بالسياسة أيها الحراك الجنوبي المجيد ،وواصلوا نضالكم السلمي وثورتكم الشعبية حتى تحقيق النصر الكبير ، ولكن احذروا كل الحذر من أن تجعلوا من الوحدة محلا للتجاذب السياسي فهذا لن ينفعكم بقدر ما سينفع السلطة وحلفائها من أمراء الحروب وتنظيمات القاعدة والجهاديين . ....أعيدي أيتها الأحزاب السياسية العملية السياسية إلى سكتها الصحيحة وابدأي بفرض قرار إعادة إصدار الصحف المغلقة وإعادة المسار الانتخابي المتوقف والذي قد يتوقف – للأسف - إلى الأبد وسارعي الى طرح مشروع الإصلاح الوطني الشامل عنوانا للنضال وللحوار أيضا . توقفي أيتها الجارة العزيزة عن اللعب بالنار فاليمن ليست "عدوا" وسلطتها وغالبية طبقتها السياسة أدواة بأيديكم وتعتبركم "مرجعيتها " فما الذي تريدونه منا بعد أن أغلقتم علينا طرق العيش الكريم وأخذتم اعز ما نمتلكه من سيادة واستقلالعلى اراضينا وعلى سلطتنا وكثير من احزابنا، ورموزنا وقادتنا ، بل وعلى تاريخنا وثقافتنا ومناهجنا التعليمية ايضا . نجيبة المعمري قبل يومين كنت في النادرة أودع مع عشرات الآلاف من النساء والرجال واحدة من بناتها النادرات .... نجيبة المعمري هذه المرأة التي رحلت مبكرا ورحلت معها قلوبنا بعد أن أثبتت بنضالها ودأبها وبوقوفها ضد الفساد والى جانب المساكين والمظلومين أن المرأة اليمنية قادرة على اجتراح المعجزات في الزمن الصعب. لقد أذهلني الحضور الكبير للنساء في مراسيم الجنازة المهيبة وكانت جبال المدينة وشرفات منازلها مغطاة بسواد وأحزان المرأة اليمنية في النادرة والقرى المحيطة وكان نحيبهن المسموع إشارة وداع حزينة لوفاة نصير المساكين والمستضعفين وبالذات الزوجات والأرامل واليتيمات اللائي وجدن أنفسهن بدون سند ولا نصير . نجيبة ألمعمري 42عاما أول أمين عام مجلس محلي في اليمن وهي بنت المناضل محمد المعمري وشقيقة الناشط الاشتراكي المحامي عبد الله المعمري الذي سبقها إلى الله قبل ثلاثة أشهر من رحيلها وبجلطة دماغية أيضا ، لقد كانت نجيبة الطالبة والمعلمة والمسئولة السياسية هي بنت التقدم والحرية في المنطقة الوسطى ،ومثلما قال أمين عام الحزب الاشتراكي وهو ينعي وفاتها " كانت نجيبة بنت المشروع التقدمي الذي حمله المناضلون الشرفاء منذ ستينات القرن الماضي ولا يزال قادر على العطاء والإبداع في الريف والمدينة ،وكلما خفت في مكان ازدهر في مكان آخر " تحية لروح نجيبة المعمري الطاهرة ،وباقة ورد للنادرة ولناسها الطيبين ، والحب كل الحب لنسائها ورجالها وأطفالها الحزانى والأوفياء ... .تحية لروح جار الله عمر ولمشروع جار الله عمر المتدفق بالعطاء والاخضرار .... ثم العزاء كل العزاء لوالدة ولشقيقات وأشقاء وذوي ومحبي المناضلة نجيبة المعمري هذه المرأة الظفارية المجيدة التي ظفرت أحلامنا في حياتها ،وأعادة الحياة إلى حياتنا بعد موتها ---- ينشر في صحيفة الثوري