عرض الدكتور احمد محمد الاصبحي الاسماء التاريخية لمدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية منذ تاسيسها وقدم شرحا مفصلا عن كل اسم ومعناه وفي أي حقبة تاريخية اطلق . واكد عضو مجلس الشورى في محاضرته "مغزى ودلالة أن تكون القدس عاصمة الثقافة العربية" أن مجموعة الأسماء التي أطلقت على مدينة القدس هي من صنع أهلها العرب منذ القديم، عدى "إيليا" وهو الاسم الوحيد الذي صنعه الإمبراطور الروماني هدريان ، من أجلى اليهود ، وأبقى على أهلها المسيحيين. وقال الاصبحي في مركز " منارات" بصنعاء انه يطلق على مدينة القدس مسميات عدة ، فهي مدينة يبوس نسبة إلى اليبوسيين ، وهم عرب كنعانيون ، قاموا بتأسيسها حوالي سنة 3000 ق.م وهي مدينة السلام ، أطلق عليها هذه التسمية ملكي صادق ، أحد ملوك اليبوسيين ورئيس دينهم ، ويقال أنه هو أول من اختطها وعمرها ، وهو الذي خرج لاستقبال النبي إبراهيم عليه السلام على نحو ما ورد في سفر التكوين وأخرج خبزاً ، وكان كاهناً للعلي ، وباركه ، وقال : مبارك إبرام (إبراهيم) من الله العلي مالك السماوات والأرض ، وهي "أورسالم " نسبة إلى سالم اليبوسي ، الذي زاد من تحصينها ، مما هيأها للتصدي لغزو بني إسرائيل ومقاومتهم .. والسلام أوشاليم هو اسم الله عند الكنعانيين ، وقد جاء في نصوص هيروغليفية وجدت في مصر العليا أن "يروشاليم" كانت خاضعة للفراعنة في القرن التاسع عشر ق .م .. وسميت : إيليا كابيتولينا" نسبة إلى أسرة الإمبراطور الروماني هدريان ، المدعوة إيليا ، وكان هذا الإمبراطور هو الذي أخمد ثورة اليهود ، ودمر المدينة ، وحرث موقعها ، وقتل عدداً كبيراً منهم ، وسبى الكثيرين منهم ، ومنعهم من دخولها والسكن فيها ، وسمح للمسيحيين للإقامة فيها ، على ألا يكونوا من أصل يهودي. واضاف انه في ظل الإسلام ، أطلق المؤرخون والجغرافيون المسلمون على القدس اسم " بيت المقدس" ويعنون بها المكان الذي تطهر فيه الذنوب.. وفي عصر القلقشندي أطلق عليها اسم "القدس" وهو الاسم المتداول في وقتنا الحاضر ، ولا يختلف عن معاني الأسماء التي سميت بها المدينة المقدسة ، ويعني المكان المبارك الذي يباركه الله سبحانه وتعالى. واستطرد " ان القدس بمسمياتها العدة هي مدينة التوحيد والسلام والتطهر من الذنوب ، ومركز إشعاع روحي للديانات السماوية الثلاث، يتحقق في أسمائها معنى التوحيد القومي والديني. وقدم الأصبحي قراءة في مغزى ودلالة أنْ تكون القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية، حدد تلك القراءة في " الوقوف على تاريخيتها العربية ، وعروبة أهلها الذين توارثوا البقاء على تربتها الطاهرة أباً عن جد دون انقطاع ، يفد عليهم الدخلاء غزاة إلى حين ، ولا يلبثون فيها إلا قليلا ليجلوا عنها ، ويبقى أهلها العرب ، أهل الأرض ،يحافظون على هويتها رغم كل التحديات"، و" حجم التآمر الصهيوني وعبثيته التي يمارسها جهاراً علناً على هذه المدينة العربية ، وعلى مرآى ومسمع من الرأي العام العالمي ومنظماته الدولية لا يردعه رادع"، معتبرا قضية فلسطين بأنها " قضية الأمة العربية والإسلامية قضية الحق الثابت الذي لا تسقطه المتغيرات العدوانية الطارئة التي هي إلى زوال مهما طال ليلها". وافترض عدم حصر القدس عاصمة للثقافة العربية في عام واحد المحدد في العام 2009، وذلك بحكم خصوصيتها وكونها مدينة مقدسة وقضية أمة، مشددا على أنْ تكون عاصمةً أبدية للثقافة العربية، لكنه اعتبر قرار مجلس وزراء الثقافة العرب موفقاً حين جعلوا بالتوالي من كل عاصمة عربية على مدى عام عاصمةً للثقافة العربية. وقال :" لا بأس أنْ يشكل هذا العام تأسيساً لبرامج وخطط لمشروع عربي ثقافي وسياسي واجتماعي واقتصادي خاص بالقدس يواجه المشروع الصهيوني الذي استهدف هذه المدينة العربية منذ عام 1827م". وطالب الاصبحي بتجاوز القدس لحدودها الجغرافية في الوعي القومي الإسلامي العام، إلى أن " تتسع دائرة الوعي العربي الإسلامي بالقدس لتبح مشروعاً عملياً مواجهاً للمشروع الصهيوني"، مؤكدا الحاجة لنشر ثقافة القدس بين الشعوب والأجيال وأن " تترجم تلك الثقافة و الوعي بها إلى استراتيجيات عمل تكون حاضرة في جميع الميادين السياسية والثقافية والتاريخية والحضارية والإعلامية". ودعا إلى البحث في الخطوات التي توطد جسور التواصل بين أجزاء الأمة الواحدة للتعرف على ما تملكه من قدرات وطاقات"، مشددا على ضرورة " خلق رأي عام دولي ضاغط لإسقاط المشروع الصهيوني.".