"الاقتصاد اليمني يتداعى، ولا حلول" هذه خلاصة من قيادي في اللقاء المشترك بدا قلقاً من آثار الجرعة الحكومية الجديدة على معيشة المواطنين. ومع انهيار سعر الريال أمام العملات الأجنبية فاجأت الحكومة المستهلكين الأحد الماضي بفرض رسوم جمركية إضافية تصل إلى 15 في المائة على 71 سلعة مستوردة، منها 33 سلعة غذائية ما أدى إلى موجة من ارتفاع الأسعار. وقرر مجلس النواب استدعاء الحكومة خلال هذا الأسبوع لاستيضاحها حول خطوة رفع الأسعار هذه وكذا ما سمي أولويات سياسة الحكومة خلال المرحلة المقبلة التي قدمتها إلى المانحين الدوليين. وطالب نواب من كتل المعارضة بإيقاف الجرعة الجديدة مؤكدين انها تخالف الدستور الذي يمنع فرض رسوم أو ضرائب جديدة إلا بقانون في حين أن الحكومة لم تطبق بعد القانون النافذ. مع ذلك شكك مراقبون بقدرة مجلس النواب على جعل الحكومة تعيد النظر في قرارها الذي جاء على ما بدا استجابة لتوجيهات مجلس الدفاع الوطني. وأرجع المراقبون ضعف مجلس النواب إلى تبعية أغلبيته لرأس السلطة التنفيذية. وإذ واصل الريال انهياره متجاوزاً سقف 229 ريالاً للدولار الواحد منتصف الأسبوع الجاري لم يحسم مجلس النواب موقفه من أسباب تدهور العملة حيث لم تعرض لجنة خاصة من أعضائه تقريرها حول الموضوع رغم انقضاء الموعد المضروب لها والذي كان مقرراً منتصف الأسبوع الجاري. كانت الحكومة فشلت الأسبوع قبل الماضي في إقناع المجلس بأسباب تراجع قيمة الريال فكلف لجنة نيابية خاصة الجلوس إلى الجهات المعنية للخروج بتقرير ضاف حول المشكلة. وقال نواب وأكاديميون إن الحكومة تسعى لأن يكون سعر الدولار 250 ريالاً (فئة العملة التي تحمل صورة جامع الرئيس الصالح) لتخفيف العجز الذي تعاني منه الموازنة العامة للعام الجاري بواقع 7.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. اعترف محافظ البنك المركزي بأن إصدار العملة من أخطر أنواع التمويل وتم بدون تغطية محلية، مبرراً ذلك بتوفير مرتبات الموظفين. وإذ كشف نواب واقتصاديون ان نافذين في السلطة يضاربون بالعملة الصعبة ويهربونها إلى الخارج اضطر مصدر رسمي في البنك المركزي إلى الاعتراف الأحد الماضي بوقوف " لوبي الدولرة" والمضاربة به وراء اضطراب أسعار الصرف بالامتناع عن بيع الدولار بعد ان كان كل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي ارجعا المشكلة إلى الحالة النفسية للمواطنين. كانت الحكومة اعترفت بخطل سياستها في إصدار أذون الخزانة المعتمدة منذ انطلاق ما سمي بالإصلاحات المالية والاقتصادية، وقال وزير المالية إن الحكومة سوف تستبدل أذون الخزانة بالصكوك الإسلامية لكن المحلل الاقتصادي عبدالغني الارياني توقع انهيار عدد من البنوك الضعيفة في حال توقف أذون الخزانة التي قال إنها أعاقت الحركة الاقتصادية وتحولت إلى أداة دعم غير مباشر للبنوك الضعيفة. وحذر الارياني في منتدى الشيخ الأحمر من الإنفاق العبثي للحكومة كاشفاً انها انفقت ثلث الموازنة خلال الربع الأول من العام الجاري. تستهل الحكومة فرض سياسة الإفقار والجبايات لكنها لم تنفذ قانون الأجور والمرتبات حتى اليوم. وإذ أدى انهيار الريال إلى تآكل ربع مرتبات الموظفين والجنود عمدت الحكومة إلى فرض جرعة سعرية جديدة برفع الرسوم الجمركية إلى 15 في المائة على عشرات السلع المستوردة ما سوف يؤدي إلى إضافة أعباء غير محتملة على كاهل المستهلكين. وشملت قائمة السلع التي أعلنتها الحكومة الأحد الماضي 71 سلعة بينها 33 سلعة غذائية. وبررت الحكومة فعلتها بأن السلع " ترفيهية" لكن القائمة المعلنة أظهرت سلعاً ضرورية وأساسية مثل الزيوت والألبان والزبادي وغذاء الأطفال إلى جانب الخضروات والفواكه الطازحة والمعلبة. مع انهيار القوة الشرائية للريال الذي يعني ارتفاع الأسعار للسلع المصنعة فإن فرض رسوم إضافية على السلع المستوردة يرفع أسعار السلع بما يزيد في الواقع عن 15 في المائة ما يعني أن الإجراء المزدوج سيقصم ظهر المستهلكين ويزيد نسبة الفقراء والمعدمين بعد انحدار الطبقة المتوسطة وتزايد العاطلين عن العمل. وفي المؤشرات الأولية ارتفع سعر الكثير من السلع وفي مقدمتها الأساسية، حيث ارتفع سعر الزبادي بواقع 20 في المائة وسعر مادتي القمح وزيوت الطبخ بواقع 10 في المائة. ونفى اقتصاديون ما زعمته الحكومة بأن السلع المشمولة برفع الرسوم عليها ترفيهية وقالوا إنها سلع مهمة للمستهلكين ولا توجد لها بدائل محلية. واعتبروا قرار الحكومة رفع الرسوم على السيارات ومنع استيرادها إلا من المصدر نزولاً عن ضغوط أصحاب الوكالات التجارية، ذاكرين ان أسعار السيارات لدى الوكلاء تزيد عن ضعف أسعارها عند غيرهم. الرسوم الإضافية شملت السيارات والدراجات الهوائية والأثاث والتبغ والعطور وأدوات التجميل وألعاب الأطفال ومواد البناء كالأسمنت والبلاط والرخام بالإضافة إلى الصابون والمطهرات والمبيدات والأجهزة الكهربائية والالكترونية. لكن الأهم ان الرسوم شملت المواد الغذائية من ألبان وقشطة وتمور وعسل، اسماك معلبة، زيوت طبخ، صلصلة، وحلويات، بسكويت الاطفال، وصولاً إلى الملح والحساء والمرق. ومع البن وحبوب الدخن والجوز واللوز والزبيب والبندق والفستق شملت قائمة الرسوم الإضافية الخضروات والفواكه: البطاطا، البصل، الطماطم، الثوم، الزنجبيل، التفاح، الخوخ، الكمثرى، البرتقال، المشمش، الكرز، الليمون والجوافة سواء أكان كل ذلك طازجاً أو معلباً. وقال مواطنون ان القرار في معظم السلع استهدف الفقراء بخاصة الألبان وزيت الطبخ والزبادي الذي يسمى صديق الفقراء في المدن الرئيسية والثانوية ولا يقل أهمية عن القمح والدقيق. يذكر أن المواد الغذائية والأساسية كانت معفية من الضرائب وتشمل: القمح، الدقيق، الأرز، والسكر والألبان وزيوت الطبخ واللحوم والبيض والسمك والدواء وأغذية الأطفال لكن الحكومة عندما تقدمت إلى مجلس النواب بقانون ضريبة المبيعات اخرجت هذه السلع من قائمة الاعفاء ومررت عبر الأغلبية المؤتمرية فرض ضريبة عليها بواقع 5 في المائة واستبقت فقط خمس سلع لكن الحكومة تعجز حتى عن حماية أسعارها وتتذرع بتقلبات السوق العالمية في حين تظل اسعار السلع المعفاة من الضريبة مرتفعة حتى بعد تراجع أسعارها عالمياً. فوق انهيار العملة الوطنية وفرض رسوم إضافية فإن ثالثة الأثافي كما يقول الاقتصاديون رفع الحكومة أسعار الفائدة على الودائع إلى نسبة 20 في المائة. وقال النائب أحمد باحويرث ان هذا القرار سيرفع الفائدة عن القروض إلى 25 في المائة على الأقل ما يؤدي إلى خفض حجم الاستثمارات مما سيقود إلى تخفيض مستوى الدخل وارتفاع معدل البطالة. ونقل موقع نيوزيمن عن أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور حسن ثابت أن قرار الحكومة سيلجئ البنوك التجارية إلى رفع الفائدة على القروض وسيؤدي إلى عدم القدرة على انتاج السلع والخدمات المحلية وبالتالي الاعتماد على الاستيراد. وأكد نواب خلال جلسات الأسبوع الماضي فشل سياسة الحكومة وطالبوا بإقالتها.