قال متحدث في مكتب جماعة الحوثيين الإعلامي إن اتفاق السلام الموقع مع الحكومة أصبح نافذاً الثلاثاء الماضي بعد أن أنجز الطرفان محادثات بشأنه في العاصمة القطريةالدوحة على مدى أكثر من أسبوع. وكان وفدا الحكومة وجماعة الحوثيين عادا الثلاثاء الماضي إلى البلاد برفقة الوسيط القطري مساعد وزير الخارجية سيف بن مقدم البوعينين. ووقع الطرفان خلال محادثات الدوحة اتفاقاً زمنياً لتنفيذ خطوات تثبيت السلام بصعدة ومناطق القتال في حرف سفيان كما وقعا ملحقاً تفسيرياً لنص الاتفاق المعول عليه في وقف ست سنوات من القتال الذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين والعسكريين ودمرت خلاله آلاف المنازل إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الذين مازال عدد منهم في مناطق النزوح. وركزت محادثات الدوحة الأخيرة على تفسير اتفاق يونيو الذي وقعته الحكومة والجماعة الحوثيين في 21 يونيو الماضي في صنعاء بحضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وهو اتفاق يستند في الأساس إلى اتفاق الدوحة الأول ذي النقاط الست الذي أوقف جولة من القتال الدامي بين القوات الحكومية والحوثيين في 2008. واشتمل اتفاق يونيو على 22 بنداً، ترتب الوضع النهائي للعلاقة بين الحكومة والجماعة المتمردة في مناطق الصراع، وهي في مجملها توضيحات للبنود الستة التي تضمنها اتفاق الدوحة وتمسك به الحوثيون مرجعاً لحل قضية صعدة فيما نبذته السلطة لمدة قبل أن تعود للقبول به وتشيد بالدور القطري لحل المشكلة. وأحاط الطرفان اتفاق يونيو بتكتم قبل أن تنشر صحيفة الشرق الأوسط اللندنية بنوده الاثني والعشرين. ينص الاتفاق على تنفيذ النقاط المتبقية من اتفاق الدوحة الأساسي وإطلاق كل المعتقلين من الجانبين وإنهاء المظاهر المسلحة في الطرقات العامة والمرتفعات وإخلاء المنشآت الحكومية ومنازل المواطنين من المظاهر المسلحة. وتبدو بين بنود الاتفاق بوضوح مطالب الطرفين التي تسد أي ثغرة للتقاعس عن تنفيذ الاتفاق الذي جاء متوازناً وتضمن مطالبهما لكن بلغة وصياغة راعتا ابتعدا بالحكومة قليلاً من موقع الند المكافىء للحوثيين لتبدو في موقع المشترط غير أن ذلك لم يلغِ إضافة بنود اشتملت على مطالب خالصة للحوثيين لمحاصرة محاولة الحكومة للتهرب من تطبيق الاتفاق مثلما كانوا يشكون عقب اتفاق الدوحة. وتظهر مطالب الحوثيين في أن عليهم تسليم كشف موقع عليه بما يدعون به لدى الدولة وما يثبت من ذلك يتم تسليمه وفي البندين التاسع والعاشر اللذين نصا على إنهاء المظاهر المسلحة من منازل المواطنين وتشكيل لجنة ميدانية من اللجنة الوطنية (حكومية) والوسيط القطري والحوثيين لمتابعة تنفيذ ذلك ورفع تقارير بشأنه. ولطالما أشار الحوثيون بالمظاهر المسلحة في منازل المواطنين إلى تمركز قوات الجيش داخل منازل السكان بصعدة ومزارعهم. كما يتجلى في البند الرابع عشر كيف ربط الحوثيون هذه المرة بين تسليم المعدات العسكرية والمدنية بإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الحرب وبآلية تختلف عما سبقها فقد نص البند على أن "تقوم اللجنة الأمنية العليا بإرسال جميع السجناء إلى صعدة تمهيدا لإطلاق سراحهم بالتزامن مع تسليم المعدات المدنية والعسكرية في آن واحد". ويقضي البند الحادي عشر أيضاً بأن تسلم الدولة ما لديها من أشياء يدعي بها الحوثيون طبقاً لقائمة معتمدة منهم وهذا مطلب جديد يضيف مكسباً جيداً للأخيرين فيما يلزم البند السادس عشر الطرفين "التوقف عن أي عمل استفزازي سواء بإطلاق النار إلى المواقع أو القصف أو التفجير أو نهب أو أسر أي شخص أو أي عمل من الأعمال التي تخل بعملية السلام من أي جهة كانت" ولم تكن الحكومة داخلة في إطار هذا الشرط الذي يبدو فيه طابع الإضافة الحوثية. وجاء في البند التاسع عشر "إعادة الموقوفين عن وظائفهم إليها وصرف مرتباتهم" والموقوفون المشار إليهم موظفون حكوميون جمدت الحكومة وظائفهم في عدة محافظات لاشتباهها بارتباطهم بجماعة الحوثيين. غير أن مراس التفاوض لدى الحوثيين يتجلى في البند الخامس عشر، فهو ترجمة لمخاوفهم من الحرب القبلية الموجهة التي يقولون إن السلطة توعدتهم بها بعد فشل الحرب العسكرية النظامية ضدهم. فالبند ينص على أن "يعلن صلح عام شامل كامل بين القبائل يرقد الخائف في بطن المخيف لمدة خمس سنوات لجميع المواطنين في صعدة وحرف سفيان والجوف والسواد دون استثناء". أما مكاسب الحكومة في الاتفاق فهي معلنة من قبل ولم تضف إليها سوى تفاصيل متناثرة بين عدد من البنود كما جاء في البند السادس ب"إيقاف جميع الاعتقالات التي يقوم بها عناصر الحوثي ضد المواطنين أو الطلبة أو العسكريين الذين منحوا إجازات لزيارة أهاليهم". و "عدم التدخل في شؤون السلطة المحلية" كما في البند الرابع وفي الثامن: إيقاف الاستحداثات من المتاريس وشق الطرق وحفر الخنادق والجروف لأن هذه الأعمال لا تخدم عملية السلام". ويقضي البند الحادي والعشرين ب"عودة النازحين إلى منازلهم وقراهم وعدم مضايقتهم" وهذا البند انعكاس لاتهامات الحكومة للحوثيين باستعداء المواطنين المساندين لها وهي التهمة التي يردها الحوثيون على الحكومة. وأكد الاتفاق الغاية النهائية منه في بنده الأخير ب"إغلاق ملف الحرب نهائيا والبدء في الحوار السياسي". بخلاف اتفاق الدوحة الأول غير المفصل، سيمثل اتفاق يونيو امتحاناً حقيقياً لرغبة الطرفين في إحلال السلام فلن يكون بمقدور أحدهما تجاوز بنوده الدقيقة التي سدت كل الثغرات التي يمكن أن ينزلق أي منهما عبرها إلى الحرب.