• إتخذت الاتهاماتُ المتبادلةُ بين المؤتمر والاشتراكي منحىً تصاعدياً بعدَ اتهام الأخير بأنه يقفُ وراءَ محاولات اغتيال الدكتور/ ياسين سعيد نعمان، ليدخل الطرفان في سجال ومهاترات إعلامية لا حدودَ لها، غاب العقلاءُ من الطرفين، وحضر الإعلامُ المروج للخلافات والمهلل بتصريحات من هذا الطرف أو ذاك، لتغيب الحكمة والحكماء، ويغيب العقلاء من الأحزاب والمكونات الأخرى لاحتواء الموقف. طرف ثالث دخل على الخط ليقود الحملات الإعلامية والترويجات والشائعات، هذا الطرف بات واضحاً في القنوات المحلية والخارجية وفي وسائل الإعلام، يريد مزيداً من الإثارة، ومزيداً من الاتهامات؛ بُغية لفت الأنظار عما يقوم به في الجنوب وفي مأرب وفي صنعاء من تفجيرات ومحاولة لزعزعة أمن واستقرار البلد. فالاشتراكي صاحبُ المبادرة في الاتهام قال بأنه يملكُ معلوماتٍ صحيحة بأن صالح خطط ويخطط لاغتيال أمينه العام، لكنه إلى الآن لم يكشفْ عن تلك المعلومات والجهة التي سرَّبت له المعلومات ولم يكشف أيةَ تفاصيل أو معلومات إضافية بعد أن فجَّر الموقف داخل البرلمان. المؤتمرُ الذي طالب بكشف الحقائق شَنَّ هجوماً إعلامياً متواصلاً طيلةَ الأيام الماضية تجاه الحزب الاشتراكي الذي اتهم زعيمَه بالتخطيط لاغتيال ياسين. الطرفان لم يعدوا يتحكمان بالموقف ولا بما يمكن أن تتركه تلك الحملات الهوجاء على العلاقة بينهما، وعلى المشهد السياسي بشكل عام، لكن من المستفيد من تلك الخلافات والحملات؟، باعتقادي أن الاشتراكي ليس مستفيداً والمؤتمر أيضاً ليس مستفيداً. الحال أيضاً قد يكون على المعلومات التي سُربت من طرف ثالث للاشتراكي الذي يبدو أنه المستفيدُ الوحيدُ من تأزم العلاقة بينه وبين المؤتمر، والذي يقود الحملات الإعلامية والاتهامات المتبادلة، هذا الطرف يملك قدراتٍ على جر الأطراف السياسية نحو الجدل العقيم؛ بغية صرف الأنظار عن ما يقوم به، فالرئيس السابق علي عبدالله صالح ليس مستفيداً من اغتيال الدكتور ياسين، وباعتقادي أنه لا يخطّط لمثل تلك الشائعات؛ لأنه سيكونُ أولَ المتضررين من رحيل رجل يحمل قيَماً مدَنية ديمقراطية. الاشتراكي الذي فجّر الموقفَ حسب معلومات مؤكدة وصلت إليه هو اليومَ مطالَبٌ بإيضاح الحقائق حتى لا يتحوَّلَ إلى أحد المروِّجين للشائعات، ليخسر بذلك أنصاره والمتعاطفين معه، وعليه تقع مسؤولية إيضاح الحقائق. فمن حق الاشتراكي الذي وصلت له المعلومات أن يفجّر مثل ذلك الموقف بعد أن يكون قد تأكد منها، فالمخطط يمس أعلى قائد في الحزب، لكن عليه أن يكشف ذلك المخطط للرأي العام المحلي والدولي وأن يضع الجميعَ في الواجهة، فالمسألة أيضاً في غاية الخطورة فهي تمس أيضاً زعيم حرب المؤتمر الشعبي العام، وبالتالي لا مجال للمناورة والتخفي خلف تصريحات تُطلق من هنا وهناك. وبقدر ما الخطورة تمس زعيم حزب المؤتمر وزعيم الحزب الاشتراكي فإن عليهم أن يقدموا مصلحة الوطن ومصلحة العملية السياسية واستقرارها على باقي المصالح، فبعد حملات إعلامية وترويجات وَشائعات تُبَثُّ يفترض بالطرفين الذهاب إلى القضاء ليضعَ حداً لتلك الخلافات ولتكشفَ الحقيقة بدلاً عن السير نحو التصعيد الإعلامي والمهاترات والسجال الذي يضُرُّ ولا يفيدُ حتى تتدهور الأوضاع والعلاقة أكثر، على الاشتراكي أن يذهب للقضاء ليقدم الأدلة الدامغة كما قال قباطي حتى لا يسمح للآخرين بتهمة الحزب بالتجني والكذب، والمؤتمر كما هو الحال لا يمكن أن يصمُتَ إزاء ذلك الاتهام، فإذا لم يذهب الحزب الاشتراكي للقضاء لتقديم الأدلة الدامغة سيذهبُ المؤتمر بكل تأكيد لرد الاعتبار لزعيمه.