الكثير من قادة العالم مولعون بتخليد ذكراهم بطريقتهم الخاصة في ما قدموه من أعمال، فبالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، كان العراق وأيرلندا أهم محطاته السياسية، وبالنسبة للرئيس الاميركي الراحل رونالد ريغان، كان انتصاره في الحرب الباردة هو أهم انجازاته. أما الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، الذي كان يعلق عليه الغرب في يوم من الايام آمالاً كباراً، فقد اختار ان يعرض بنطاله وملابسه التي احترقت خلال محاولة اغتياله، العام الماضي، لكي يتذكره الناس بها. فقد وضع صالح ملابسه المحترقة هذه في متحف أسسه بنفسه ليحتفل بطريقته الخاصة بقضائه 33 عاماً في السلطة، والتي انتهت عندما تم اقصاؤه من الحكم العام الماضي. وستكون الملابس المحترقة المحور الاساسي من بين اكثر من 2000 قطعة من الهدايا التي قدمتها له شخصيات اجنبية وعربية خلال حكمه. يقول أحد موظفي المتحف: «كما ترون فإن هذا ما تبقى من الملابس التي كان يرتديها الرئيس (السابق)، والسجاد الذي كان يصلّي عليه»، ويشير بإصبعه الى شظايا وقطع خشبية صغيرة ومسامير تم استخراجها من جسد صالح في المستشفى الذي كان يعالج فيه في المملكة العربية السعودية، اضافة الى عرض ما تبقى من نظارته الطبية وساعته اليدوية. وقد تم تأسيس المتحف في جناح من مسجد الصالح الذي ترتفع مآذنه في العاصمة اليمنية صنعاء. وأقام الرئيس اليمني السابق مسجد الصالح الذي يقع فيه المتحف في العقد الأخير من سنوات حكمه. وأشرف على بناء المسجد في مسعى لإقامة تذكار مذهل، مستخدماً تقنيات البناء والزخرفة المستخدمة في بعض أهم المباني الاسلامية في العالم. واكتمل بناء مسجد الصالح الذي يتسع لعدد 40 ألف مصلٍّ في عام 2008. ومن بين المعروضات بندقية تاريخية أهداها اياه الرئيس الاميركي السابق، جورج دبليو بوش، وصورة باهتة لصالح واقفاً بالقرب من الملكة اليزابيث موقع عليها بلير، وبطاقة تهنئة بالكريسماس في ثمانينات القرن الماضي أرسلتها له الأميرة آن. ظل صالح شخصية قوية في السياسة اليمنية على الرغم من ابعاده العام الماضي عن السلطة، ولايزال يعيش في صنعاء. هذا المتحف الذي لم يتم افتتاحه بعد امام الجمهور لم يجد الترحيب والحماسة الكافيين من بعض فئات الشعب اليمني، ويصف البعض عمله هذا بالنرجسية. إلا ان البعض الاخر يقول إن المتحف يمثل «جزءاً من التاريخ الذي ستستفيد منه اجيال مقبلة، في ما يتعلق بالسياسة والتاريخ والاجتماع».