بتقدير المتابع، أظن أن المرحوم أحمد هائل سعيد، كان أكثر الأبناء شبهاً في الروح لوالده الحاج هائل، وبظني أن شوقي أحمد، أقرب الأحفاد إلى معدن أبيه وجده. في سبتمبر 2009م اختطف جمال عبدالواسع هائل من قلب العاصمة من قبل أفراد من آل دحلان بمنطقة حريب- مأرب، على خلفية إشكال على قطعة أرض بصنعاء، وسمعت كلاماً من رجل الأعمال نذير عبده الأسودي أورده بفخر واعتزاز بمجموعة هائل سعيد، وهو يصف موقفاً قال إنه صدر عن الأستاذ المرحوم أحمد هائل، يرفض فيه دفع فدية أو الرضوخ لأي ابتزاز مقابل الإفراج عن جمال عبدالواسع الذي أطلق سراحه بواسطة قبلية اليوم التالي لاختطافه. البيان الذي أصدرته مجموعة هائل سعيد وشركاه قبل أيام بشأن ابنها المختطف منذ ثلاثة أسابيع، فيه نفحات من مواقف المرحوم أحمد هائل، وخاصة في رفضه لأي شكل من أشكال الابتزاز على المجموعة التجارية الأكبر في اليمن، لكنه أغفل أن عملية اختطاف محمد منير اليوم لا تشبه عملية اختطاف جمال عبدالواسع قبل أربع سنوات من حيث الدوافع. ما يمارس ضد مجموعة هائل سعيد الآن ليس ابتزازاً مالياً بقدر ما هو ابتزاز سياسي يسعى للضغط على شوقي أحمد هائل كمحافظ لتعز، بهدف إبعاده عن هذا المنصب، وإن كانت مجموعة هائل سعيد أنعم لن تخضع للابتزاز المالي، فإننا نخشى من رضوخها للابتزاز السياسي. لا أظن أن مجموعة هائل سعيد التجارية العملاقة تخوض حرباً نيابة عن التعزيين، فالمعركة معركة تعز المدنية، ووجود المجموعة التجارية في المنتصف بين محاولة عسكرة تعز وبين الحفاظ على مدنيتها بسبب وجود محافظ من المجموعة لا يعني أنها معركة المجموعة بل معركة التعزيين ذاتهم، والمجموعة كأفراد جزء بسيط من النسيج الاجتماعي الهائل للمحافظة الأكثر تعداداً، إلا أنهم يتمتعون بميزة إمكانهم الانسحاب من هذه المعركة، بينما البسطاء من أبناء المحافظة لا يمكنهم سوى الاستبسال في سبيل بقاء تعز مدنية. بيت هائل يمكنهم الانسحاب في أي وقت إذا شعروا بخطر أكبر على مصالحهم واستمرار ممارسة الابتزاز ضدهم، بينما التعزيون لا يمكنهم الانسحاب من هذه المعركة لأنهم بلا خيار في الانسحاب، مع أني على ثقة أن المجموعة لن تنسحب وتترك التعزيين بلا ظهر، إلا أنها قد تفعل، ويبقى الرهان على شخص شوقي أحمد هائل الذي أثبت صلابة وموقفاً مشرفاً منذ اليوم الذي قبل فيه المنصب الذي لا يزيد شيئاً في تشريفه بقدر ما يزيد من جسامة مهمة التكليف الذي كان في غنى عن زيادته وثقل مسئوليته، إلا أنه قبل بهذا التكليف الصعب، في موقف أثبت فيه شدة شكيمته أمام التحديات متمثلاً موقف والده المرحوم قبل أربع سنوات، وهذا ما سيحسب له يوماً أو يحسب عليه، أقول إنه أثبت صلابة بقبوله منصب المحافظ لأن كل التخمينات ذهبت إلى أن القرار في قبول المنصب لن يكون بيده شخصياً بل بيد مجلس إدارة المجموعة التي غالباً كانت سترفض وجود شوقي في المنصب إيثاراً للسلامة الجالبة المصالح، أو فلنقل المبعدة عن الإزعاج. على بيت هائل أن يتذكروا أن الناس يحبونهم - نعم إلى الآن-، ليس لشيء سوى وفاء لذكرى والدهم المؤسس المرحوم هائل سعيد، وعليهم أن يعلموا من هذا ويتعلموا أن الناس أوفياء لهم، وعليهم أن يحفظوا للناس هذا الوفاء، لكن الأجيال القادمة ربما ستعلق في أذهانها مواقف الجيل الثاني والثالث من الأسرة وستبقى ذكرى الحاج هائل للكتاب والعارفين والمهتمين من المؤرخين ولن تخلد للأبد في أذهان عامة الناس، عليهم ألا يراهنوا على سمعة الوالد المؤسس للأبد، بل على سمعتهم هم جيلاً بعد جيل. الخاطفون ومن وراءهم يريدون من شوقي الانسحاب من معركة قوى الفوضى ضد أبناء تعز، وتأتي ممارستهم لهذا الضغط عبر استهداف المجموعة واستهداف أسرة شوقي؛ في الاستمرار خسارة، وفي الانسحاب خسارة، وعلى بيت هائل أن يقدروا جيداً أي الخسارات سيخوضون، خسارتهم مع الناس، أو خساراتهم بتركهم للناس، عليهم اليوم أن يتحلوا بالحس التجاري الذي عرفوا به وأعجبوا الناس بالحديث عنه، أكثر من أي وقت مضى، وعليهم أن يتحلوا بالحس الوطني الذي أحب الناس من خلاله طيب الذكر المرحوم هائل سعيد أكثر من أي وقت سبق، عليهم أن يفكروا اليوم بعقل الرجل المؤسس، الرجل البسيط الذي امتلك قلوب الناس ومن ثم المليارات، وعليهم أن يجتنبوا في هذا الوقت التفكير بعقل مجلس الإدارة. على المجموعة اليوم أن تحدد خياراتها التي تبدو مصيرية، تبدو وكأنها فترة تأسيس جديدة لمزيد انتشار أو انحسار مهول، وهي تبدو لي تماماً –المرحلة التي يخوضونها الآن- كفترة التأسيس الأولى في دكان الحاج هائل بمدينة المعلا، الذي كان سيظل دكاناً لولا عقل وروح ذلك الرجل الإنسان البسيط الاستثنائي. ذلك الرجل الاستثنائي البسيط الذي أسس قاعدة المجموعة الصناعية الضخمة في الحوبان، مع أن أي دارس جدوى مبتدئ كان سيقول إن تأسيس صناعة في شمال اليمن ذلك الوقت، أجدى في الحديدة أو المخا، كما فعلت مجموعات تجارية أخرى مثل مجموعة إخوان ثابت أو مجموعة درهم، إلا أن الرجل كان يدرك أن تعز هي حامية طبيعية لهم في بلد غير مستقر، ومع حكام أداروا البلاد في الثلاثة العقود الأخيرة بأسلوب الابتزاز السياسي والمالي. التوسع اليوم الذي تشهده المجموعة في عدن وحضرموت والحديدة وربما تشمل في المستقبل القريب شمال الشمال وسوقطرى، بعد أن توسعت في بلدان كثيرة في العالم، جاء انطلاقاً من المعلا أولاً وثانياً الحوبان، ويعد الخروج من الحاضنة الرئيسية للمجموعة – تعز- أمراً طبيعياً ومطلوباً لمجموعة تجارية تتوسع باطراد كبير، إنما هل ستنسحب المجموعة من معركة تعز مع أو ضد المدنية؟ إن انسحاب المجموعة من المعركة وترك أبناء تعز في المواجهة بمفردهم هو خيار أصعب من خيارهم في الاستمرار، لأنهم يكونون بذلك قد سلموا لقوى الفوضى مسقط رأس المجموعة التي بدونها لا تنتشر ولا تتوسع، إذ إن الابتزاز السياسي ودوافعه في هذه الحالة هو أخطر بكثير من الابتزاز المالي الذي ظلت عائلة هائل سعيد أنعم ترفضه. تمنياتنا أن تنتهي أزمة اختطاف الشاب محمد منير بعودته سالماً إلى أسرته، بيته، ومجموعته التجارية، ووطنه الكبير؛ وكيمني أعلن تضامني المطلق مع أسرة هائل سعيد أنعم ضد ما يتعرضون له من إرهاب منظم، وكيمني أقول: هذا ما على بيت هائل تجاه الناس، أما ما لهم فهم أعرف كيف يأخذونه. ezzat-mustafa.blogspot.com