ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن البنتاغون الأميركي أعلن أن لجنة عسكرية أوصت بنقل معتقل يمني كان محتجزاً لأجل غير مسمى دون محاكمة، موضحة أن لجنة المراجعة الدورية اتخذت قراراً بتغيير وضع المعتقل اليمني "محمود المجاهد" الذي كان يُعتبر من الخطورة تركه يغادر المُعتقل تحت أي ظرف من الظروف. الرئيس أوباما أصدر أمراً تنفيذياً بإنشاء نظام لجنة المراجعة الدورية في مارس 2011، لكن لم يتم تفعيل هذا النظام إلا قبل جلسة الاستماع الخاصة ب"محمود المجاهد" في الخريف الماضي. وقال البنتاغون في تصريح صحفي-: "توافق أعضاء لجنة المراجعة الدورية على أن القانون النافذ للاحتجاز في حالة الحرب لم يعد ضروريا للحماية من أي تهديد خطير ضد الولاياتالمتحدة وبالتالي فإن المجاهد يصبح مؤهلاً لنقله إلى ظروف المعاملة الأمنية والإنسانية المناسبة". وأشارت الصحيفة إلى أن اللجنة لم تقل إلى أين سيتم نقل المجاهد، لكن من المفهوم عموما أن معظم اليمنيين سيتم ترحيلهم في نهاية المطاف إلى بلادهم.. ومع ذلك، فإن هذا التغيير لا يعني أنه من المرجح أن يغادر المجاهد غوانتنامو في أي وقت قريب؛ فهناك 55 معتقلاً يمنياً آخرين قد تلقوا منذ فترة طويلة توصيات بالنقل إذا تلائمت الظروف الأمنية مع ذلك, لكنهم لا يزالون في غوانتنامو بسبب عدم استقرار الأوضاع في اليمن. يقول ديفيد ريميس محامي محمود المجاهد إن موكله كان مسروراً بقرار اللجنة.. وقال ريميس: "بعد أن تم تصحيح وضعه الآن، ينبغي نقله". في أحدث انتكاسة لآمال إدارة أوباما بالنقل التدريجي للمعتقلين اليمنيين غير الخطرين، أدى الهجوم الإرهابي الكبير في 5 ديسمبر على وزارة الدفاع اليمنية من قبل مجموعة تابعة للقاعدة إلى تأخير لأجل غير مسمى رحلة لإحدى وكالات الأممالمتحدة إلى اليمن كان مُخطط لها هذا الشهر. الوكالة تعمل مع الحكومة اليمنية لوضع برنامج لإعادة تأهيل بعض السجناء في اليمن.. وقد ناقش مسئولون يمنيون وأميركيون بشكل منفصل استخدام البرنامج للتعامل مع بعض المعتقلين اليمنيين من غوانتنامو.. الهجوم على وزارة الدفاع اليمنية الذي أدى إلى مقتل 52 شخصاً على الأقل- يتحجج به أعضاء الكونغرس الذين ينتقدون هدف أوباما لإغلاق معتقل غوانتنامو. ومن المقرر أن يقدم البنتاغون تقريراً سرياً الأسبوع المقبل إلى لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب حول قضايا المعتقلين، ويقول مساعدون في الكونجرس إن الآثار المترتبة التي خلفها هجوم وزارة الدفاع على الجهود المبذولة لتسليم المعتقلين اليمنيين أصبحت مصدر قلق شديد. مشيرين إلى أن اليمن "لديها تاريخ من الهروب الجماعي من السجون"، قال النائب هوارد مكيون رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب-: "لا أزال أشعر بالقلق إزاء الآثار الأمنية المترتبة على نقل الأشخاص الخطرين إلى أماكن خطرة مثل اليمن". بعد أن تم نقل المعتقلين غير الخطرين من غوانتنامو إلى بلدانهم، أصبح المعتقلون اليمنيون يشكلون النسبة الأكبر المتبقية في المعتقل، 87 معتقلاً يمنياً من 155 سجيناً هناك.. هناك عدد قليل من المشتبه بهم تم تحديدهم للوقوف أمام المحاكمة، في حين أن اللجنة حددت في عامي 2009 و2010 أسماء حوالي عشرين معتقلاً، من بينهم محمود المجاهد، لاستمرار احتجازهم دون محاكمة, لكن الجزء الأكبر من اليمنيين حصلوا على توصيات بنقلهم إذا تلائمت الظروف الأمنية التي لا تزال صعوبة. في مايو الماضي جدّد الرئيس أوباما تعهد إدارته بنقل المعتقلين غير الخطرين، ورفع الحظر على عودة المعتقلين اليمنيين إلى بلادهم.. ومنذ ذلك الحين تم نقل 11 معتقلاً، لكن لا أحد منهم تم نقله إلى اليمن مع ذلك.. يقول مسئولون في إدارة أوباما إنهم يراجعون "بنشاط" وضع اليمنيين على أساس كل حالة على حدة. يقول أحد المسئولين، مطلع على هذه الجهود، إن صنّاع السياسات يفكرون في عدة خيارات، من ضمنها محاولة إقناع الحكومة السعودية باستلام عدد من المعتقلين اليمنيين الذين لديهم علاقات قبلية أو عائلية في السعودية، والبحث عن دول أخرى تبدي استعدادها لإعادة توطين يمني أو اثنين، والخيار الثالث ترحيل معتقل يمني واحد بشكل خاص إلى بلاده ومراقبة كيف ستسير الأمور. ويقول المسئولون إن برنامج إعادة التأهيل المحتمل قد يبرز وسيلة ممكنة للحد من خطر ترحيل أعداد كبيرة من اليمنيين.. في بيان مشترك صدر في أغسطس الماضي، أشاد الرئيس أوباما ونظيره اليمني عبده ربه منصور هادي بخطط الحكومة اليمنية من أجل إقامة برنامج لإعادة تأهيل المتطرفين ومعالجة مشكلة التطرف العنيف داخل اليمن، والذي يمكن أيضا أن يسّهل نقل المعتقلين اليمنيين المحتجزين في غوانتنامو. وقال مسئولون دبلوماسيون إن اليمن أظهرت اهتماماً بمعهد بحوث الأممالمتحدة للجريمة الإقليمية والعدالة، وطلبت منه المساعدة في مبادرتها بإعادة تأهيل المتطرفين والإرهابيين العنيفين. هذا البرنامج الذي بدأ في عام 2012 عمل مع نيجيريا وبلدان أخرى في منطقة الساحل في أفريقيا، وفي إندونيسيا وطاجيكستان وغيرها من البلدان. من ضمن موظفي البرنامج "دوغلاس ستون" وهو جنرال بحرية متقاعد, الذي كان له الفضل في نجاح تغيير عمليات الاعتقال الأميركية في العراق، وفي وقت لاحق صمم مراجعة شاملة لممارسات الاعتقال في أفغانستان. وقال المسئولون الدبلوماسيون إن وكالة الأممالمتحدة قد عقدت اجتماعات في روما في أغسطس الماضي وفي لندن في أكتوبر مع مسئولين يمنيين ومجموعة من الدول المانحة، منها الولاياتالمتحدة. في مقابلة عبر الهاتف، قال مدير الوكالة "جوناثان لوكاس" إن الزيارة المخطط لها إلى اليمن هذا الشهر قد تم تأجيلها بسبب هجوم 5 ديسمبر، ولم يتم تحديد موعد آخر للزيارة حتى الآن. قال لوكاس: "علينا الانتظار حتى يتحسن الوضع الأمني لتبدأ الأممالمتحدة في إدارة بعثتها في اليمن. ليس لدينا أي إطار زمني في الوقت الراهن". وقال أحد الأشخاص مطلع على عمل الوكالة، لكنه ليس مخولا بالتحدث نيابة عنها، إن التوصيات تتمحور حول إنشاء مركز لسجن آمن يمكن وضع المعتقلين فيه، وإجراء تقييمات فردية مكثفة من قبل علماء النفس وعلماء الاجتماع ورجال الدين وأفراد الأسرة وآخرين. الهدف هو تحديد ما الذي يدفع كل معتقل للمشاركة في جماعة إرهابية أو متمردة، أهو التزام إيديولوجي أم ضغوط أم رغبة في المغامرة أم من أجل المال؟ وفصل المعتقلين الأكثر تطرفاً عن المعتدلين وتكثيف التشاور مع المعتقلين، بمساعدة من أفراد الأسرة والمجتمع، يمكن أن تقلل بشكل كبير من مخاطر أن يشارك المعتقلون الأكثر اعتدالاً في أنشطة إرهابية بعد الإفراج عنهم. محمود المجاهد, هو أول اليمنيين الذين كانوا محتجزين لأجل غير مسمّى وتم وضع أسمائهم لحضور جلسات استماع أمام لجنة المراجعة الدورية. وفقا لملف تقييم التهديدات في عام 2008، فإن المجاهد تم اعتقاله في باكستان في ديسمبر 2001 وصُنف في مرتبة "عالي الخطورة" إذا تم إطلاق سراحه، وتم توصيفه بأنه جهادي ملتزم ومن المحتمل أنه كان حارساً شخصياً لأسامة بن لادن.