يعد جبل المعفاري واحدا من أهم المعالم الشامخة التي تفتخر بها محافظة الضالع ، حيث توجد في أعلاه هضبة مربعة مساحتها تقريباً (نصف ميل) ، وترتفع حوالي( 6000 قدم ) عن مستوى سطح البحر، وتحتوي على العديد من المدرجات الأثرية وصهاريج وقّبّة تدل على عراقه الإنسان هناك. على ضفاف هذا المشهد العتيق على قمم وسفوح ومروج جبل المعفاري استطلعت صحيفة 14اكتوبر ما تعانيه المنطقة وسكانها من خلال الإهمال الواقع على مآثرها التاريخية القيمة التي تزخر بها فخرجنا بالحصيلة التالية: محيط الجبل يتصل جبل المعفاري بجحاف بعنق يسمى كريف الرهوة ، ويطل من ناحية الجنوب والشرق على وادي الأزارق ومن ناحية الغرب على وادي تُبن ، والهضبة في أعلى الجبل ليست مسطحة بل على هيئة حدوة الفرس ، وتخلو مرتفعات الجبل من الماء إلا من بعض الصهاريج والكروف القديمة التي تمتلئ في مواسم هطول الأمطار ، وحين ينتهي مخزون تلك الصهاريج من المياه ، يذهب أهالي تلك المنطقة إلى سفوح الجبال ليحصلوا على الماء من غيل حضيرة في المضيق الممتد من شمال وادي تُبن ومن عين ماء تحت المضيق ، وتقع عزلة المعفاري على بعد ( ثلاثة أميال ) شمال جبل المعفاري في المنحدرات الغربية لرابية ضخمة في غرب مدينة الضالع تسمى المبياضة ، وأراضي عزلة المعافر تقع في حوض واسع أقيمت على جوانبه المدرجات الزراعية،وما خلّفه من معالم تاريخية تظل شاهدة على مسيرة الحياة وتعاقب الأجيال إلا أن هذه المدرجات وما ذكر آنفاً تتعرض لعوامل التعرية وبسبب هجرة الإنسان عنها حيث أن معظم الأهالي نزحوا إلى بعض القرى المحاذية للجبل كونهم افتقدوا الخدمات العامة ، فرغم التطور والتقدم الحديث الذي وصل إليه العالم -فأهالي جبل المعفاري الذين مازالوا يقاومون شطف العيش والبقاء فيه ولو بأبسط الخدمات التي وهبها الله سبحانه وتعالى. ما يشتهر به الجبل يشتهر الجبل ببعض من الأشجار النادرة مثل شجرة علاج الصفار وشجرة منع الحمل (للمرأة) وأيضا الشجر العطرية مثل شجرة الند(البخور) وشجرة الُبن والتين الشوكي والبلس-وشجرة اللبان-ولكن تلك الأشجار قد تعرض بعضها إلى الاندثار نتيجة الجفاف وهجرة الإنسان الذي كان يهتم بها. وفي سياق هذا الموضوع سلطنا الضوء حول نقاط القصور في عدم إيلاء قيادة المحافظة ممثلة بالسلطة المحلية الاهتمام لهذه المنطقة الحاضنة للعديد من المآثر سواء كانت طبيعية و تاريخية . وأثناء تواجدنا في هذه المنطقة التي تمتلك كنوزاً تاريخية لا تقدر بثمن ,وجدنا ان بعضها قد تعرض للإهمال والسطو والتنقيب العشوائي من قبل بعض الأشخاص الذين يقومون بالعبث وتدميرها والقضاء على قيمتها التاريخية والأثرية وبيعها بثمن بخس ، كون هذه الآثار تتميز بالتنوع وتعود إلى حقب تاريخية مختلفة. خوض غمار الجبل للكشف عن خفاياه وعلى هامش زيارتنا للمنطقة التقينا بأحد المواطنين يدعى عبد الرزاق علي مقبل ووصف لنا أضرار الإهمال والنسيان التي تعاني منها المنطقة إلى يومنا هذا من قبل الجهات المعنية والتي لم تلق أي نوع من التجاوب لإيجاد حل ينقذهم وينتشل كنوزهم الدفينة التي غدت منسية من العبث الذي حل بها . واستعرض لنا المواطن/عبد اللطيف عبيد علي حول افتقاد المنطقة من عقود مضت إلى الآن لأبسط مقومات الحياة ممثلة بخدمات الصرف الصحي والماء والكهرباء والطرق والعمل على إيجاد بنية تحتية من خلال تعبيد الطرقات المؤدية إلى المنطقة التي تمتلك العديد من المقومات السياحية والتاريخية وتعد مصدر شغف للمستكشفين والمهتمين والذين يعتبرون رافدا هاما لاقتصاد المنطقة ونموها ، مضيفا بان المنطقة تعاني من عزلة ساعدت على تردي الأوضاع الخدمية والتنموية وهذا يعود إلى عدم إدراجها ضمن المشاريع الاستثمارية الخاصة بالتنمية الريفية،وذكر في حديثه تلك الجهود الطيبة من قبل احد وجهاء المنطقة ممثلاً بالشيخ/غالب مطلق هديان الذي ساعد على إيجاد بعض الخدمات التنموية بالمنطقة متمثله ببناء صهريج لحفظ مياه الأمطار ليستفيد منه الأهالي إضافة إلى الصهاريج الأخرى الباقية حيث أن المنطقة تمر بمرحلة من الجفاف ينعدم فيه هطول الأمطار فتعد الصهاريج عاملاً مساعداً ورافداً مهماً لتغطية فترة الجفاف وقضاء احتياجات الأهالي للماء، مضيفاً خلال حديثه أن بعض من الحضارات ربما سكنت أو حاولت دخول غمار الجبل ،لافتاً إلى أن هذا الوجود يرجع أثره من خلال بصماتهم التاريخية عبر النقوش وآثارهم التي تحكي على الأحجار والجدران والكتابة عليها بلغتهم المختلفة لإيجاد بعض الأساليب التي تتيح نفوذا وانتشارا أكثر للغة تلك الحضارات فكل من هذه الحضارات والأقوام والدول التي توالت على هذه المنطقة لها رموز لغوية مختلفة،حيث خلفت هذه الحضارات اثراً لها كقوم حمير يبرز بنقوشهما ومدافنهم الخاصة التي كانوا يحفظون بها الحبوب بأنواعها وبعض احتياجاتهم ،كما وجدنا أيضا أثرت الدولة الغساسنة في بعض مآثرهم وبنيانهم التي يحتويها الجبل و لقوم عاد حيث وجدت حزمت من جذوع الأشجار الضخمة على قمة شاهقة لا احد يستطيع بلوغها ،وقد رجح الكثير من حكماء وكبار المنطقة عبر قصص الأجيال أن هذه المشاهد والمآثر تعود لقوم عاد حيث ان قوم عاد كانوا يتميزون بالضخامة (عمالقة) إضافة إلى بعض المعلومات التي تشير إلى إن الأتراك كانت لهم محاولات لحصار الجبل بغرض الاستيلاء عليه من خلال قذفهم بالمنجنيق ولكنها باءت جميعها بالفشل، ويحكى أن سبب عدم قدرة حصار الأتراك للجبل وأنهاك أهالي الجبل لامتلاكهم لمتطلبات الحياة المعيشية حيث كانوا يعتمدون في تسيير أمورهم اليومية على محاصيلهم الزراعية المختلفة التي تشتهر بها المنطقة عبر الأزمنة والعصور والذي أغاض جيش الغزاة أن سكان الجبل كانوا يرمونهم ببقايا الفواكه والطعام من على قمة الجبل المحاصر مثل ما يعرف بالقاش ما اضطرهم إلى الانسحاب وعادوا إدراجهم خائبين.