الخميس , 15 يونيو 2006 م بعد أسبوع واحد من تصريح اسرائيل بأنها لاترضى بأن يعاني أطفال فلسطين المآسي والآلام وانعدام الدواء نفذت هذا الوعد، ولكن على طريقتها الإجرامية الآثمة، والتي حرص خلالها جنود الاحتلال على قتل الأطفال أيضاً حتى لايقاسون مآسي اليتم وآلام الجراح. وبهذا أثبتت لماما «أمريكا» والقادة الكبار وعمتهم «العولمة» جدوى وفاعلية «رصاصة الرحمة» حين يطلقها دعاة الحرية والدمقرطة على الشعب الفلسطيني البائس. غير أنها فشلت في فعلتها الإجرامية ظهر يوم الجمعة الماضي، عندما اغتالت مدفعية بوارجها الحربية عائلة «هدى» على شاطئ «بيت لاهيا» في غزة، واستثنيت الطفلة.. وكادت هذه الفعلة الإجرامية أن تمر، كمثيلاتها من فعال جرائم الحرب الصهيونية، من دون أن يلتفت أحد إلى فظاعة ماأحدثته، لولا الطفلة «هدى» التي لفتت أنظار الملايين في العالم وأبكتهم وهي تنعي والديها واخوتها الثلاثة وأكبرهم يصغرها بعام «تسع سنوات»، موجهة في ذات الوقت، رسالة عميقة المعنى إلى «ماما» أمريكا حامية السلام العالمي والنظام الدولي الجديد، التي تزايد في الآونة الأخيرة، في مواقفها من العدوان الصهيوني المتكرر على غزة، على مواقف إسرائيل نفسها ومغزى هذه الرسالة مفاده، إن السلام الذي ينشده العالم أجمع ينطلق من هنا..من أرض فلسطين ذاتها. تناقلت وكالات الأنباء العربية والعالمية هذا المشهد المأساوي..وقالت احداهن: «في ذلك اليوم الدامي، أبكت هدى، التي لم تتحمل قوات الاحتلال سعادتها بنزهة بسيطة على شاطئ غزة، ملايين المشاهدين حول العالم في ذلك المشهد المأساوي، وهي تصرخ وتضرب رأسها وصدرها تارة، وتدفن رأسها في الرمال، تارة أخرى قرب جسد أبيها الذي حولته صواريخ المدفعية الاسرائيلية إلى جثة هامدة». كما وصفت وكالة «أ.ف.ب» المشهد التراجيدي لمراسم تشييع عائلة «هدى» بقولها :« الرجال الذين حملوا جثامين أفراد أسرتها، لم يستطيعوا منع الدموع التي انهمرت على وجناتهم،وهم يرون الطفلة النحيلة تزحف على ركبتيها نحو قبر أبيها لتطبع قبلة عليه وتطلب منه بصوت منتحب أن يسامحها قائلة: «سامحني بابا..سامحني بابا». وعلى الرغم من الموقف الإنساني الذي ابداه الرئيس الفلسطيني محمود عباس،حين أعلن تبنيه للطفلة «هدى» يوم السبت الماضي، وهي لفتة إنسانية بدرت منه ويُشكر عليها، إلا أن السؤال يقول: وكم سيتبنى السيد عباس من أطفال فلسطين الذين يتمتهم إسرائيل ؟!لقد صنعت إسرائيل لنفسها بمأساة «هدى» ومئات المآسي لأطفال شهداء، فلسطين، قنابل موقوتة،تكبر معهم وتغذيها صور المعاناة التي لاأعتقد أنها ستبارح ذاكرتهم. إلى أن يقدم العشرات منهم على القصاص من آلة الحرب الصهيونية التي ضربت عرض الحائط بكل مايمت بصلة للإنسانية والرحمة والتعايش السلمي بين الشعوب لهذا لاتستغربوا أو تندهشوا اذا ماتنامى إلى أسماعكم أن فتى أو فتاة فلسطينية فَجَّر أي منهما نفسه في عملية فدائية،لأن هذا وذاك محصلة ماغرسته آلة الحرب الصهيونية في قلوب أطفال فلسطين. أقول هذا وقد شاهدتم دلائل ذلك الحقد الذي تزرعه إسرائيل في قلوب الأطفال، في ذات المشهد المأساوي الذي شاهدتموه عبر الفضائيات في عيون بعض الأطفال الذين شهدوا مأساة شاطئ «بيت لاهيا» ولعلكم لمستم ذلك أيضاً في مفردات «هدى» وهي تصرخ وتنتحب..مثل «سامحني بابا» و«مع السلامة جميعاً»..إن هؤلاء الأطفال، حقاً يشيبون عند الفجر كما قالها أديبنا الراحل «محمد عبدالولي» لأن من ينطق بمثل هذه المفردات، ويعي معاني الرحيل المفاجئ «الموت» لايكون عادة في سن العاشرة كعمر «هدى». أما آن لأمريكا أن تتوقف عن استفزاز مشاعرنا عندما تصف خارجيتها كل جريمة صهيونية كمثل هذه بأنها «دفاع عن النفس»؟! أما آن لأمريكا أن تردع ربيبتها إسرائيل من اقتراف مثل هذه الجرائم في حق الشعب الفلسطيني؟!!