السبت , 24 يونيو 2006 م للمرة الأولى تقريباً يجد الرئيس علي عبدالله صالح، نفسه في تماس مواجهة مباشرة مع شعبه الذي اضطر هذه المرة إلى مخالفة الرئيس الرأي والموقف .. ومطالبته بالنزول عند رأي الشعب وإرادة الأمة. للمرة الأولى تقريباً يجد اليمنيون أنفسهم في حاجة ماسة إلى خوض غمار رفضٍ شعبيًّ غير مسبوق .. في مواجهة الرئيس علي عبدالله صالح الذي ازدحم عهده بأنصع صور المباركة والتأييد الشعبي طوال ثلاثة عقود خلت من عمر اليمن الجمهوري. للمرة الأولى .. يُضطر أبناء وأصحاب ورفاق وشعب علي عبدالله صالح، إلى ان يُشهروا «لا» كبيرة ويرفعونها أمامه لم يكن ليحدث ذلك .. لولا ان الرئيس أحوج شعبه إلى خيار صعب كهذا، وقلَّص أمامنا كل الخيارات الممكنة وأي خيار آخر وحصر الخيارات كلها في خيار واحد لا غير : ان نقول له : «لا .. سيدي الرئيس» وهي هنا .. وهنا بالذات تعني «نعم» نعم لعلي عبدالله صالح، الذي عرفناه يحتكم إلى رأي الشعب وحكم الجماهير وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضية الحكم والرئاسة قضية تتعلق بحياة شعب وحق أمة بأسرها.. وحده الشعب يملك ان يحدد خطتها ويقرر مصيره. الحب .. الذي تأيد به علي عبدالله صالح، من شعبه طوال السنين الماضية هو الحب ذاته الذي تأيدت به الجماهير اليوم.. إذ تطلب إليه التنازل عن حقه الشخصي والنزول عند حقها وإرادتها. الثقة .. والولاء .. والوفاء .. وصدق الصحبة والرفقة.. واخلاص النصح، هو ما ميز ويميز علاقة الرئيس علي عبدالله صالح بشعبه على الدوام وعبر المراحل الصعاب كافة التي خاضها القائد وشعبه ليجتاز به أهوال المراحل ويجوزا معاً إلى الزمن اليمني الجديد. الثقة .. والولاء .. والوفاء .. وصدق الصحبة والرفقة .. واخلاص النصح هو أيضاً ما ميز ويميز عضبية الجماهير المندفعة إلى محاججة رئيسها ومجادلة رغبته الشخصية.. والزامه العدول عنها إلى غيرها : إلى إرادة جماعية ومصلحة وطنية وحق ثابت كامل .. كفله الدستور وأيدته الجماعة وباركته قواها الوطنية والشعبية الحية. طوفان هادر اكتسع ساحل القلب وواديه .. مد يماني تقحم ساحة الاستحقاق، وساعة الحسم .. صوت مجلجل اعتلى فضاء المرحلة وعلى مآذن الكون اليمني الواحد الممتد من الماء إلى الماء .. ومن الماء إلى الصحراء .. هتاف يعرفه سمع الزمان ويطرب له شيخ التاريخ المهيب انه الصوت اليمني ذاته : معجون بنكهة البن اليافعي وخضرة الكاذي اللحجي وفوح البخور الحضرمي وفل الحديدة انه هو : صوت الحكمة ونشيد الوطن المطرز بعرق الرجال وأحلام الأمهات اللواتي انجبن أمة لا تنهزم وشعباً لا يخيب. بالأمس كان فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يتحدث إلى المحتشدين في الثاني والعشرين من مايو «صالة المؤتمر الاستثنائي بصنعاء» .. ومن جملة ما قال : « أمامكم مشروع وطني كبير وعظيم .. عليكم اكماله وحمايته». بالأمس، واليوم ، وغداً .. قلنا وسنقول لعلي عبدالله صالح : « أمامنا مشروع وطني كبير وعظيم .. عليك استكماله واتمام مابدأته وحماية مانذرت عمرك كاملاً لإنباته وانضاجه واثماره » أمامنا تجربة رائدة .. ابتدأت بعلي عبدالله صالح .. وتواصلت معه وبه ..وسيكون عليه وحده ان لا يغادرنا أو ان يستأذن انصرافاً قبل الوصول بالتجربة إلى غايتها المأموله وغايتنا المأمونة. من واجب الرئيس ان يضع راحته الشخصية .. الآن جانباً وهو الذي ضحى براحته ومذ جاءته الرئاسة .. تطلبه لأجل اليمن .. اليمن الذي كان في ذلك العام السبعيني الصاخب ، يتقلب على جمر مرحلة استوقدت كل أخطار الحكم وأهوال القيادة. ثمانية وعشرون عاماً عركها علي عبدالله صالح،، اقتحم غمارها ببسالة وفدائية قل نظيرهما لم يتوقف كثيراً أمام أهوال عظام أحاطت كرسي الرئاسة حينها .. وطوقت الطريق إلى الحكم بقبضة من موت فر الجميع .. دفعوا عن أنفسهم انتحاراً محققاً كان يعنيه حكم اليمن ورئاسة الجمهورية في عصرية العقد السبعيني من القرن المنصرف للتو. وحده .. علي عبدالله صالح جاءته الرئاسة بأهوالها .. فأعد لها قلباً يمنياً غير هياب .. قرأ الفاتحة .. وتلا الشهادتين حمل رأسه على كفيه ومضى يروض المستحيل، مردداً في خشوع الفاتحين الأوائل. حبذا الموتُ في سبيل بلادي يمني .. الموتُ شُربي وزادي! حقاً .. كما قال بالأمس فخامة رئيس الجمهورية : «اليمن اليوم .. غير اليمن بالأمس».. غادرنا أزمنة الخوف والخنادق والحرائق سمونا فوق جراحاتنا التي اشبعناها عافية ومداواة نسينا طعم القلق النازف ورائحة الليالي المعجونة بالرصاص والبارود تحصنت الرئاسة بالعقل والدستور، الحكم لم يعد انقلاباً على الحكم صار وظيفة مؤسسية طريقها يمر بدستور نافذ وقانون حي ومؤسسات تعمل في الضوء.. تحت شمس النهار .. وأمام أعين الزمان والناس ومع ذلك .. بل لعل ذلك يجعل حجة الشعب أمضى وحاجته أمس إلى التمسك بعلي عبدالله صالح .. استكمالاً للشوط واطراداً لمشروعنا العظيم في مجرى الحاضر والمستقبل. الذين عدموا التمتع بالاصغاء إلى منطق التاريخ وفقدوا الشهية لاقتطاف الدروس والعبر من شجرة التجارب الانسانية والوطنية وانحبسوا في حجرٍ من جمود .. مانعين أنفسهم التمتع بالهواء والضوء .. عازلينها عن حياة الناس وعالم الأحياء. هم وحدهم يستعينون على قعودهم بالخذلان وعلى صمتهم بالهوان وعلى غيابهم بالهزيمة والليل. ليسوا أوصياء على الناس ولا وكلاء على الشعب فقط ليكفوا عن الشعب أذيتهم .. ليدعوا الناس يسكبون مشاعرعم واحاسيسهم في براءة وتلقائية لا تحتاج إلى من يعلمها كيف تنسكب! الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً وصخباً و«هدرة متملقة» خلال الأشهر الماضية عن الإصلاح والتغيير والفقراء والازمات .. عن تحريك الشارع والجماهير والناس .. عن القيامة التي أوشكت ان تخرج «..»هم اليوم ابعد الناس عن الناس .. واغرب الناس إلى الناس يكتفون بالتعالي عن الجماهير ويستكثرون على الشعب ان يخرج إلى الشوارع والساحات ليقول رأيه ويصنع موقفه وقراره دون وصاية عليه من أحد ودون إذن مسبق ممن يعتقد نفسه أذكى واحذق من الجماهير المجبولة على الوفاء والحب وامتحان الرجال في ميادين القيادة والحكم. حاجة الشعب وحدها هي التي دعت الشعب إلى الخروج والتجمهر وإرادة الجماهير وحدها هي التي حركت الشارع لمصلحة مشروع جماعي ووطني اثمن واعز من الأحزاب وقياداتها العابرة .. والجماهير التي احتشدت ولا تزال في طوفان شعبي واحد .. من أقصى اليمن إلى اقصاه، هي التي تستحق صفة الثائر والثورة .. وهي التي تستطيع تحريك العالم بأسره لمصلحتها وغايتها تعرف الجماهير ما تريد .. ويعرف الشعب أين تكمن العبقرية .. وأين تكمن كلمة السر في معادلة الزمن اليمني الجديد والمتجدد. وفي مواجهة اجماع شعبي ومد جماهيري يملأ آفاق اليمن قاطبة ما الذي نتوقعه من علي عبدالله صالح، إلا ان يسلم ارادته لإرادة شعبه ، وينزل عن رغبة لقرار الشعب وصوت الحاجة الوطنية الاشرف. بعد طول شك وتشكك .. هم وغم .. قلق وتململ .. وبعد كثير مناشدة ومحاججة .. علينا ان نحسن الظن كعادتنا بالقائد، علينا ان نعالج الثقة بالمزيد من الثقة .. علينا ان ننتظر اليوم .. أو غداً ولا أظنه ابعد من ذلك .. حكمة الرئيس القائد تشعل الفرحة في سماء الوطن .. وتزرع الأمل في أعين الجماهير المنطلقة إلى حديثه الاحب والاقرب. انتظروا خيراً .. واياكم والشك. يعرف علي عبدالله صالح تماماً ما يجب ان يقرر ويقول ونحن أيضاً نعرف تماماً من هو علي عبدالله صالح، سيدي الرئيس.. ثق تماماً بما يقول شعبك : وحق الله .. لو تخليت ، لما تخلينا لم يكن هيناً ان نقول لك بملء حقنا وحريتنا : «لا» لكنها أم الضرورات ودونها أمة من الناس .. لن تعود إلى مستقرها، مالم تعد عن رغبتك .. وفي الحالتين لن نتخلى عنك .. فأما ان تقبل أو ان .. تقبل فاختر أيهما رأيت .. فالأمران واحد. سيدي الرئيس.. الأمر ما قلت : « انها ليست مسرحية» ولأنها ليست مسرحية قلنا «لا» فبحق اليمن ، بحق الوحدة، بحق الثورة التي انجبتك سبتميرياً لا تلين له قناة بحق صحبتنا الطويلة ورفقتنا الاحب بحق شعب أحبك حتى آخر قطرة في القلب .. حتى آخر ذرة في الأرض .. بحقهم اجمعين : قلها الآن .. قل : «نعم» شكراً لأنكم تبتسمون.