استرعت انتباهي وكثيرين غيري كتابات لبعض الأقلام في الوطن العربي تستهجن أن يتمسك ملايين اليمنيين بالرئيس/علي عبدالله صالح لقيادة الوطن لفترة رئاسية قادمة، فلقد رأى كاتب فلسطيني مقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية أن اليمنيين فقدوا الحكمة بترشيحهم الرئيس/علي عبدالله صالح.. وآخر في إحدى الصحف المصرية وجدها فرصة لإفراغ ما بقلبه من حقد ضد الشعب اليمني، وامتلأ مقاله بعبارات الشتيمة التي يعف اللسان عن ذكرها، ناصباً نفسه منافحاً عن الديمقراطية والحريات والتبادل السلمي للسلطة في الوطن العربي. وفي خطاب أرجعنا إلى فترات المد اليساري لكثرة ما تضمنه المقال من مفردات «الثورجية» و«البلشفجية» و«البولليتارجية» و«النضالجية» ضد الارستقراطية والبرجوازية!!. لقد شن الكاتب وهو للأسف أمين عام اتحاد الصحافيين العرب حرباً ضروساً ضد من اعتبرهم متخلفين وغير حضاريين في اليمن لمجرد أنهم يتمسكون برئيسهم؟!. هذان أنموذجان لقطاع واسع من الكتّاب العرب الذين استبدت بهم حماستهم واندفاعتهم إلى ارتكاب أخطاء لا تغتفر في حق شعب ذنبه الوحيد أنه خرج إلى الشوارع بإرادته لإقناع رئيسه بالعدول عن قراره عدم ترشيح نفسه للانتخابات، من هؤلاء من كتب بنيّة حسنة، ومنهم من أراد مجاراة الموضة «!» ومنهم من شهر سلاح تصفية حساباته لكسب جاه أو مال أو شهرة «!!» وهي حالة تعبّر عن محاولة لاستهداف اليمن وتجربته وقيادته السياسية. وأياً كان الدافع فقد غاب عن الجميع شيء مهم وهو أن من حق أي شعب اختيار ما يراه مناسباً له.. وليس لأي كان الحق في التدخل لتغيير قناعات وخيارات الناس لمجرد أن الموضة عايزة كده!. عيب أن ينبري كاتب ما لتحقير شعب بأكمله؛ لأن هذا الشعب أراد التعبير عن تمسّكه برئيسه مهما كانت مبررات هذا التناول. وللأسف فإن نفس التناولات الحماسية والانفعالية التي هلّلت لسقوط الأنظمة في بعض دول العالم الثالث وغرقت هذه الدول في بحر الدم والاقتتال الأهلي هي نفس الأقلام التي تتباكى على أيام زمان، وهي نفس الأقلام التي ترتكب نفس الحماقة بالدعوة إلى الانقلاب على الأنظمة وتحريض الشعوب على تغيير أنظمتها ومنها اليمن!!. لقد غاب عن هؤلاء أن اليمن بلد ديمقراطي تعددي.. وإذا كان الرئيس/علي عبدالله صالح قد نزل عند رغبة جماهير الشعب بالترشح لدورة رئاسية قادمة فإن ثمة مرشحين آخرين عن المعارضة والمستقلين يمارسون حقوقهم الدستورية كاملة غير منقوصة. والذين يتمسكون بالرئيس/علي عبدالله صالح فإنهم يتمسكون بالرئيس الذي استطاع إنجاز تحولات حضارية في حياة الشعب اليمني، وهو على اقتدار لاستكمال مسيرة بناء الوطن.. فلماذا المغامرة باقتحام التجربة إلى المجهول في ظروف لاتزال فيه البنى التقليدية مؤثرة، ولاتزال ثمة أصوات تدعو إلى إقامة الدولة الانفصالية والتراجع عن النظام الجمهوري، وغيرها من دعوات الطائفية والسلالية؟!. ميزة التجربة اليمنية التي لم يقترب منها البعض للأسف أنها تحولت من النظام الشمولي إلى نظام المؤسسات، ومن نظام مغلق إلى منظومة متكاملة، ومن مناخ الكبت إلى فضاء الحرية، وهي تجربة ثرية تمتلك فيها كل مؤسسة صلاحياتها واستقلاليتها، تمارس واجباتها ومسئوليتها على قاعدة من التشريعات الدستورية والنصوص القانونية، والتي فيها أىضاً ازدهرت التعددية الحزبية والصحافية والحق المكفول لكل الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم. وميزة الرئيس/علي عبدالله صالح أنه لم يتحول إلى ديكتاتور بعد أن فاض سجله بالمنجزات العملاقة، ومازال يعطي صلاحيات للمؤسسات هي جزء من صلاحيات الرئاسة، وهو منفتح لا تخامره شطحات الحاكم المستبد.. ديمقراطي لا يرى في الحوار هزيمة، إنه معجزة الرئيس الذي لم يغره الكرسي ليبتعد عن الناس أو تستبد به الزعامة ليقصي نفسه عن الآخرين، أو تتملكه النفس الأمّارة بالسوء للإضرار بمن يخالفونه الرأي.. فهو يؤكد يوماً بعد آخر بأنه أب وأخ لكل اليمنيين.. لم يزج بمعارضيه في السجون.. وإنما فتح أمامهم بوابات الحرية، ولم يغلق أبواب منافسته لمن شاء الوصول إلى سدة الرئاسة؛ بل جعلها ملكاً لمن أراد تجسيداً لمبدأ التداول السلمي للسلطة. إذاً لا عيب أن يكون هذا الرجل مرشحاً للانتخابات القادمة، كما لا يعيب الآخرين الذين ينافسونه نفس الاستحقاق، فلماذا كل هذا التحامل الذي لا مبرر له إلا في كونه استهدافاً للرجل والتجربة والشعب معاً؟!.