البريميرليج ... ليفربول يواصل السقوط    "نجل الزنداني" يكشف عن رسالة من ايران لأسرتهم ..ماذا جاء فيها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    اختطاف ناشط في صنعاء بعد مداهمة منزله فجر اليوم بسبب منشورات عن المبيدات    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    ضبط المتهمين بقتل الطفل الهمداني في محافظة إب بعد تحول الجريمة إلى قضية رأي عام    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    عاجل: إعلان أمريكي بإسقاط وتحطم ثلاث طائرات أمريكية من طراز " MQ-9 " قبالة سواحل اليمن    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقالح: أخشى على الحركة الحوثية أن تتلوّث بالهاشمية السياسية
نشر في براقش نت يوم 02 - 02 - 2013

من مؤسسي حزب الحق وصديق لحسين بدر الدين الحوثي وقبلها سعى إلى إنشاء حزب في الولايات المتحدة الأمريكية ذي اتجاه إسلامي .. غادر حزب الحق وخرج بخلاصة «إنها أفشل تجربة في حياتي» لينضم إلى الحزب الاشتراكي عام 2003م .. أودع في سجن الأمن السياسي مرات عديدة ولا يزال قلمه سليطاً على الزعامات العسقبلية.. الكاتب والسياسي محمد المقالح في حوار ضاف مع «الجمهورية» فإلى نصه .
الأستاذ محمد المقالح من الإخواني في الثمانينيات إلى الاشتراكي في التسعينيات إلى الفكر الحوثي في الألفية الجديدة.. ما هي الظروف الموضوعية لفلسفة هذه التحولات؟
مرحباً بك أولاً، ثانياً لماذا قفزت إلى الحوثية مباشرة ولي قبلها تجربة أخرى؟ إنها تجربة حزب الحق، أساس الحوثية، أنا من مؤسسي حزب الحق، وكنت صديقاً للشهيد حسين بدر الدين الحوثي، ورفيقاً له في اللجنة التنفيذية لحزب الحق، بل كنت مسئولاً عليه حين كنت أميناً عاماً مساعداً للحزب، بينما كان هو عضوا في اللجنة التنفيذية وعضوا في مجلس النواب، أعرف الحركة الحوثية جيدا..
“مقاطعاً” وتعرف أيضاً حركة الإخوان المسلمين قبل ذلك؟
طبعاً، وهي تجربة عشتها وأعتبرها جزءا من حياتي ومن تاريخي، ولكن الإنسان يتطور، فإذا وجد نفسه في مكان لا يتسع له أو يجد فيه ذاته فعليه أن ينتقل، لأن من يبقى في مكان واحد خارج قناعته يخون ضميره، وأنا أرفض أن أخون ضميري، وأجد نفسي ملتزما لذاتي مع الحزب الاشتراكي اليمني وأعتز بهذا الانتماء..
كأني بك تقول إن حركة الإخوان المسلمين سابقاً لم تتسع لك فهاجرتها.. أليس كذلك؟
قلت إذا لم تجد نفسك في إطار واسع فعليك أن تكسره لتخرج منه، وإلا ستكون في معتقل أنت فيه أكبر من المعتقل نفسه..
ما طبيعة هذا الاعتقال.. وطبعاً نحن نتكلم عن الاعتقال المعنوي؟
عندما شعرت أنني لم أعد في حركة الإخوان المسلمين قررت أن أكون محمد المقالح في مكان آخر. وهذا كان نهاية الثمانينيات.
ما هي مآخذك على الجماعة حينها؟
مآخذي عليها كثيرة آنذاك، ومآخذي عليها اليوم أكثر من الأمس.
مثل ماذا؟
لم تتطور بالشكل المطلوب. هي حركة موجودة، وقد بدأ المجتمع المحلي أو العربي بشكل عام يتقبلها ،لكنها للأسف تتعامل مع المجتمع وكأنها فوقه باعتبارها حركة صفوية “يقصد اصطفائية حسب تعبير فتحي يكن”.
هذه دعاوى نسمعها من هنا وهناك من خصوم الجماعة لكن الإخوان المسلمين أو التجمع اليمني للإصلاح مؤخراً ينفي ذلك ويقولون إنهم جزء من المجتمع أو المجتمع..
المشكلة ما يسمونه بالقاعدة الصلبة للفرد المسلم والبيت المسلم والقرية المسلمة والدولة المسلمة ثم الخلافة الإسلامية، هذه إشكالية يجب أن يخرجوا منها نظريا وفكريا أما عمليا فقد خرجوا منها أصلا، لأنهم اليوم حزب أو هكذا يدعون.
أرانا استطردنا في الحديث سنعود لهذا المحور لاحقا.. ماذا عن ظروف الانتقال إلى حزب الحق؟
لم أنتقل إلى حزب الحق وإن كنت أحد مؤسسيه، وقد حاولت قبله أن أنشئ حزباً في الولايات المتحدة الأمريكية ذي اتجاه إسلامي ولكن كانت مرحلة قصيرة بعد الوحدة حيث كنت أدرس هناك.
كيف جمعت بين حزب الحق والحزب الاشتراكي اليمني؟
من قال إني جمعت بينهما؟
ألم تقل إنك من مؤسسي حزب الحق؟
لكني خرجت منه سنة 97م ولم أنضم رسمياً للحزب الاشتراكي إلا في العام 2003م عندما ترشحت باسم الحزب لعضوية مجلس النواب، أنا دائما أوصف نفسي بالقول: إن النزعة الاجتماعية ونزعة التدين يسيران في خط واحد متوازيين منذ نشأتي الأولى، وكنت دائما أجد نفسي في اليسار أكثر من أي مكان آخر، حتى إن الشهيد جار الله عمر «رحمه الله» كان يقول: محمد المقالح على يساري. بمعنى أني أكثر يسارية منه وهذا طبعا تشجيع منه وتواضع.
غادرت حركة الإخوان المسلمين سابقاً لأنها لم تعد تتسع لك حسبما فهمت من حديثك آنفا، فلماذا غادرت حزب الحق؟
كانت أفشل تجربة في حياتي هي حزب الحق، نحن أردنا أن نخرج من تجربة الإخوان المسلمين إلى أفق أوسع، وكنا نرى جماعة الإخوان المسلمين جماعة صلبة متعالية ومنها نريد أن ننطلق بأفق أوسع في تيار سياسي أكثر منه حزبي، أردنا أن نستفيد من التجربة الإيرانية في مسألة مرجعية العلماء، وعلى أن يكون هناك تيار سياسي اجتماعي وهو ما طبقه حسين الحوثي أكثر من حزب الحق، ولكن الذي حصل أننا أتينا بمجموعة من العلماء التقليديين مع احترامي لأشخاصهم وتحديداً أحترم وأقدر العلامة أحمد الشامي، أردنا أن نضعهم في رأس الحزب، فكانت التجربة فاشلة، فلم يكن بمقدورنا أن نجعل منهم حزبيين، ولم يكن بمقدورهم أن يكونوا هم أيضا حزبيين.
هل كانت تحدس في هذا التكوين أفقاً أوسع وأكثر رحابة من جماعة الإخوان المسلمين؟
نعم. وحتى الآن هم كذلك. الإخوان المسلمون مشكلتهم أنهم يعتقدون عكس ما نعتقد تماما، يعتقدون أنهم الصفوة، وأنهم الفرقة الناجية، هذا المفهوم نفسه هو المفهوم الذي يجعلهم أضيق من حيث يعتقدون أنهم أوسع.
تحدثني عن جماعة الإخوان المسلمين في الثمانينيات.. اليوم هناك حزب اسمه التجمع اليمني للإصلاح وأفضل الحديث عنه من خلاله لا من خلال ما تسميه الإخوان المسلمين، نحن اليوم غير الثمانينيات..؟
هم أنفسهم هكذا حتى بعد وصولهم إلى الحكم للأسف الشديد في مصر واليمن وتونس، وقد أثبتوا أنهم الحركة الوحيدة التي تتعالى على المجتمع، وتتعالى على التيارات الأخرى، وتعتبر نفسها الفرقة الناجية، حتى هذا المفهوم فيه وجهة نظر، هم أكبر حركة برجماتية في التاريخ، هي تنتقل من موقف إلى آخر، ومن موقف إلى نقيضه دون أن تشعر بهذه النقائض، هي لها علاقات مع كل نقائضها دون أن تنظر لها فكرياً وعقائدياً، ومن السهولة أن تعود إلى المربع الأول وتنفصل عن كل هذه التحالفات دون أن تشعر بأي حرج.
قلت لك سابقا أفضل أن نتكلم عن شيء اسمه التجمع اليمني للإصلاح، التيار أو الحزب الذي ألمسه أمامي على الأقل مع الاشتراكي والناصري والبعث وغيره..؟
كانت هذه واحدة من النكات التي وقع فيها الأستاذ محمد اليدومي. ذات مرة كنت في حوار صحفي معه فقال لي: لا يوجد إخوان مسلمون. قلت له: يا أخي أنا كنت عضوا في الإخوان المسلمين، كيف لا يوجد إخوان مسلمون؟! وأقول: الإخوان المسلمون لا يزالون يتحكمون بالتجمع اليمني للإصلاح. والنزر البسيط هم الذين أستطيع أن أطلق عليهم أعضاء في التجمع اليمني للإصلاح وليسوا أعضاء في حركة الإخوان المسلمين. وحتى هؤلاء ليس لهم أي قرار أو أي سلطة، الإخوان المسلمون إذا كانت لهم ميزة أمنحها لهم في اليمن فهي قدرتهم على دمج التجمع اليمني للإصلاح في مفهوم الإخوان المسلمين، على العكس من مصر الذين لا يزالون يميزون بين حزب الحرية والعدالة وبين حركة الإخوان المسلمين وهم أكثر مصداقية في هذه الجزئية، لأن الإخوان المسلمين في اليمن يغالطون أنفسهم حين يقولون إنهم التجمع اليمني للإصلاح بينما هو الإخوان المسلمون في الحقيقة.
في الوقت الذي لا نكاد نجد تلك القيود الفكرية الموروثة في حركة الإخوان المسلمين نجدها مشرعة أمامنا لدى الجماعة التي حدثتني عنها قبل قليل، حزب الحق، خاصة ما يتعلق بالموروث السياسي لكلا الجماعتين؟
هي أضيق بالمفهوم السياسي، لكن بالمفهوم الديني ليست أضيق، إذا أخذت بالمنطلق الديني مثلاً من يتحدث عن البطنين هناك الطرف الآخر يتحدث عن القرشية، لكن هذا ليس موضوعياً، أرى أن الحزب السياسي يجب أن يكون خاضعاً للدستور والقانون، لا خاضعا للنظرية الدينية، العقائد تخص الناس كأفراد ومن حقهم أن يعتقدوا ما يشاؤون، لكن من حقنا عليهم ومن حقهم علينا أن نتعامل وفقا للدستور والقانون. حزب الحق لم ينشأ كحزب من البطنين وحركة الحوثي لم تنشأ على هذا الأساس، إنما قوَّلها هذا خصومها، لكن أن يكونوا زيوداً هذا من حقهم وهو شيء طبيعي.
عفواً سيد محمد.. خالفت الآن ما صرح به السيد بدر الدين الحوثي في واحد من أشهر الحوارات الصحفية اليمنية في صحيفة الوسط والذي يعرفه القاصي والداني؟
بدر الدين الحوثي عالم زيدي قال رأيه في الولاية وفقاً للعقيدة الزيدية. هل ستغيرون التاريخ؟ هل ستغيرون العقائد؟ هل مطلوب من الحوثي أن يكذب ويقول إن هذه ليست عقيدة الزيدية؟ أنا أريد من هذا المجتمع الذي يُعبأ بطريقة خاطئة أن يتعامل مع جماعة أنصار الله ومع الحزب الاشتراكي ومع التجمع اليمني للإصلاح على أساس القانون والدستور، أما التفتيش عن عقائد الناس فهذه ليست من مهمة أحد.
باختصار.. هم يتبنون النظرية الدينية في الحكم، ويعتبرون مذهبهم رجعية الدولة، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يجتمع الدستور والقانون مع النظرية السياسية الزيدية “الهادوية”؟!
هذا وفقاً للعقيدة للزيدية هل نلغي الزيدية؟ عندي الإسماعيلية أيضاً تقول: بالاثني عشرية أو السبعية أقول: هذا لا ينسجم مع الدستور اليمني، المطلوب من هذا الرجل هل هو مؤمن بالدستور أم لا؟ المشكلة أن هناك أطرافاً تريد أن تحاكم الناس على أساس عقائدهم، وتريد أن تغيرها لكي تنطبق مع الدستور والقانون. الدستور والقانون مهمته تنظيم علاقة الناس بعضهم ببعض في الحياة العامة ومع الدولة، أما في الجانب التعبدي فلكل عقيدته، وأرجو ألا تغرق في الموضوع هذا هذه مشكلتكم أنتم دائما.
حسنا.. وبناء على طلبك هذا سأغادر هذا المحور في الحديث لأستطلع رأيك حول ما يجري مؤخرا بشكل عام؟
المشهد السياسي بائس، ما يحدث اليوم أن كل أوراق الأزمة السياسية تمت إعادتها لتحل محل النخبة السابقة، ولا يمكن لمن صنعوا الفشل وأوصلوا البلاد إلى هذا الوضع أن يحلوا الأزمة.. الثورة الشبابية الشعبية انفجرت بعد أن فشلت السياسة، وفشل السياسيون المأزومون أن يوصلونا إلى طريق وسط، رغم كل الفرص التي مرت، انفجرت الثورة لكي تخرجهم من هذا المأزق، لكنهم للأسف فرضوا أنفسهم على مشهد الثورة، ثم استطاعوا أن يستعيدوا إلى صفهم السلطة التي كان الشعب قد أمسك بها في أول مرة من تاريخه. أنا أعتبر أن الثورة الشعبية السلمية هي إبداع المجتمع اليمني ومن خلفه المجتمع العربي بعد أن كانت القوى التقليدية من قبلية وعسكرية تصطرع فوق رأس المجتمع، الذي أصبح ضحية له، كانت القوى القبلية والعسكرية عندما يختل التوازن بينها تصنع حروبا ثم تعيد التوازن من جديد، فحصل أن ابتدع المجتمع آلة جديدة وهي النضال السلمي الذي عطل أدوات القوة التي تمتلكها النخب التقليدية من قبلية وعسكرية وجعلها بدون تأثير. إذ كلما قتلت من المتظاهرين السلميين كلما ضعفت.. الثورة الشعبية السلمية عطلت مفاعيل القوة المركزية، ولو تلاحظ المشهد اليمني من البداية لوجدت أن السلطة كلها كانت بيد الشعب في البداية، وكانت ساحات الثورة تمتلك زخماً كبيراً يتأثر العالم بها من حولها، كان العسكر والقبائل موقفهم رد فعل لهتافات الثورة، فما الذي حصل؟ انتصرت هذه الثورة في جمعة الكرامة وسقط النظام بالتضحية التي هزمت السلاح، سقط النظام؛ لكن للأسف أنا هنا أحمل التجمع اليمني للإصلاح ما أسميه أنا “الخيانة العظمى” لثورة الشباب.
كيف؟
لأن الإصلاح بدلاً من أن يستجيب للمجتمع ولثورة المجتمع عمدوا إلى الانقلاب على الثورة من داخلها، وبدلاً من أن يسقط النظام كله بعد جمعة الكرامة قرروا أن ينقسم إلى نصفين، أحد هذه الأطراف جاءوا به إلى الثورة، أنا لا أعتبر أن علي محسن الأحمر أو أولاد الأحمر هم الذين جاءوا إلى الثورة، بل التجمع اليمني للإصلاح هو من أتى بهم للثورة.
هل الإصلاح لوحده بهذه القوة التي تشير إليها؟ ثم ما مصلحته من ذلك؟
الإصلاح أراد أن يفرض على بقية الأطراف الملتحقة بالقوة من خلال القوة سياسة الأمر الواقع، أي قبل أن يسقط النظام يجب أن تكون هناك قوة فاعلة في الميدان هي التجمع اليمني للإصلاح. ولذا تلاحظ محاصرة الثوار في الساحة بعد جمعة الكرامة، وذهبوا لإسقاط المحافظات وإسقاط المعسكرات، بمعنى: أرادوا أن يسقطوا الدولة وينشئوا دولة بديلة هي دولة الإخوان المسلمين، لكن هذا لم يتم لهم، لأن ثمة قوى فعلية في الواقع لم يستطع أحد السيطرة عليها، فرضوا القتال في الجوف وعجزوا عن مواجهته، عندما جربوا القتال في الصمع اكتشفوا أنهم أعجز عن مواجهته.. هم خرجوا من الميدان الذي انتصروا فيه على أدوات القوة وهو ميدان السلمية قاصدين الذهاب إلى مربع الحرب الذي يستطيع فيه علي عبدالله صالح أن ينتصر عليهم، لكنه لم ينتصر لأنه وبقية خصومه تحت الإرادة السعودية، الذي أخرج علي عبدالله صالح من الصراع المسلح هو الضغط الإقليمي والدولي، ولكن بإخراج رأس النظام ليبقى النظام فتكفل بذلك التجمع اليمني للإصلاح ومن خلفه اللقاء المشترك وتعهدوا بأن النظام سيبقى.
أراك تحمل الإصلاح كل مسئولية الفشل تقريباً.. بالنهاية الإصلاح حزب سياسي في منظومة اللقاء المشترك التحق مؤخراً بالثورة وناصرها؟
أعضاء الأحزاب تقدموا على الأحزاب ونزلوا للشارع من الحزب الاشتراكي والناصري والمستقلين وبقية التنظيمات اليسارية هؤلاء تقدموا على الأحزاب ونزلوا إلى الشارع بدون إذن الأحزاب، الأحزاب كانت مترددة.. وأنا أقصد بالأحزاب هنا التجمع اليمني للإصلاح الذي كان متردداً، لأنه كان عنده مشروع انقلابي، فتبين أنه انقلب على الثورة ولن ينقلب على علي عبدالله صالح، هل تعلم أن الأستاذ عبد الوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للإصلاح اتصل عندما كان الشباب يخرجون في البداية للمظاهرات من جامعة صنعاء ويصطدمون بالأمن بسكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي بصنعاء وقال له: نحن تأكدنا أن الذين يخرجون في المظاهرات هم أعضاء في الحزب الاشتراكي، هل يعني هذا أنكم خارج إطار اللقاء المشترك؟ هل يعني هذا أنكم انفضيتم عنا؟ وكان هذا تهديداً مبطنا للحزب الاشتراكي إما عليه أن يقع في المشترك ويلزم أعضاءه الخروج أو أن يكون خارج المشترك. وفي نفس اليوم استدعى توكل كرمان للحضور إلى بيت عبد الوهاب الآنسي، ولا أدري ما الذي جرى بينهما، لكنها حين عادت إلى بيتها تم اعتقالها في الطريق من قبل الأمن، وأنا لا أستبعد أن التحذير الذي تم إطلاقه في الصباح لأعضاء الحزب الاشتراكي هو نفسه الذي تم توجيهه لتوكل كرمان في نفس اليوم، أجهزة الأمن عندما يكتشفون أن الشباب بدون حماية حزبية سرعان ما يقمعونهم، مثال آخر في مسيرة بنك الدم التي قادتها المناضلة توكل كرمان باتجاه رئاسة الوزراء، وكنت أنا مشاركا فيها، حذرت قيادة المنصة من هذه المسيرة وأعلنت ذلك بالميكروفون ما الذي يعني هذا؟ هذا يعني كشف ظهر المسيرة أمام أجهزة الأمن بأنها عارية من الحماية، وليواجهونها، كانت المنصة تتحدث بنفس لغة السلطة: الدماء.. المؤسسات.. إلى غير ذلك.
أستاذ محمد.. الأمور يجب أن تمضي وفق مساقاتها التكتيكية في العمل السياسي.. خيار الزحف يومذاك لم يكن وارداً والصف الثوري ربما بكامله لم يكن مرتباً وجاهزاً لذلك..؟
من قال بكلمة الزحف هذه من أساسها.. هذه كلمة استخدمها محمد قحطان في مرحلة لاحقة للثورة، لغة الثورة هي لغة التضحية وليست لغة الثأر، هذه ثقافة تم استدعاؤها من قبيل الفجور في الخصومة، عندما تعطي خصمك من المثالب ومن النقائص أكثر مما هو عليه، وأنا أعتبر سقوط علي عبدالله صالح بسبب بقائه في الحكم ثلاثة وثلاثين سنة، هذه كافية وحدها لإسقاطه ولو لم يرتكب جريمة واحدة، الثائر يضحي بروحه من أجل المجتمع لكي يعيش حياة أفضل، لو كان هدف المجتمع الثأر لما كان هناك معنى للثورة، الثورة خرجت نتيجة تراكمات من الظلم والاستبداد على الناس، والثائر عندما خرج يعرف أنه سيقتل، الثورة تضحية أمام عنفوان السيف والبندقية والدبابة، سر انتصار الثورة من البداية شيئان اثنان: سلميتها وشعبيتها. السلمية تستبطن في داخلها التنازل عن حق الدفاع عن النفس، عندما تقول سلمية معناها أنك تنازلت عن حقك، بمعنى أنها تضحية من طرف واحد، سلمية الثورة معناها تعطيل أدوات العنف.. البعد الثاني وهو شعبيتها بعد أن انفجر الناس مرة واحدة على الظلم والقهر والاستبداد، ولهذا فالثورة ليست حزبية وليست قبلية، وليست عسكرية، هي ثورة المجتمع بكل تياراته. الذي حصل للأسف أن الإخوان المسلمين واجهوا علي عبدالله صالح بنفس الأدوات التي واجههم بها، هم يعرفون أن علي عبدالله صالح عنده التحالفات القبلية، عنده الجيش، عنده التحالفات العسكرية، عنده تحالفاته الإقليمية ولذا فقد عملوا هم نفس التحالفات، عملوا تحالفات قبلية، وعسكرية وإقليمية، مع أمريكا، أرادوا أن يناظروا النظام ويوجدوا له نفس مظاهر القوة لكي يسقطونه حتى إنهم عملوا على عدم نجاح الثورة قبل أن تنجح مكوناتهم هم. هذا كنا نسمعه بوضوح، حتى إنهم حولوا الشعب إلى أحد مكونات الثورة وليس هو الثورة. عملوا ائتلافات ثورية، بمعنى أطروا الثوار أنفسهم بأطر حزبية وسياسية..
شخصياً ألمح أن ثمة إيجابية حين ناظروا علي عبدالله صالح في قوته ولو من منطلق القاعدة العسكرية التي تقول: «حارب عدوك بالسلاح الذي يخافه هو لا بالسلاح الذي تخافه أنت»، وأنا أتكلم هنا عن اللقاء المشترك والقوى الثورية بشكل عام لا عن الإخوان المسلمين كما ذكرت أنت..؟
هذا قصور في فهم المشهد، وهذه الطريقة من الصراع لن توصلنا إلى أي نتيجة، علي عبدالله صالح خاض ستة حروب في صعدة لوحدها وهناك باحثون أجانب يقولون إن علي عبدالله صالح خاض أكثر من أربعة آلاف حرب داخلية، ما بين حروب خارجية كحرب الشطرين سابقاً، وحروب داخلية كحرب 94م وحرب صعدة إضافة إلى حروب قبلية وعشائرية أخرى متجددة، هذه الحروب لم تنجز أي شيء، وكان النظام الاستبدادي يجد نفسه أكثر قوة كلما ازداد الصراع، هزم الجيش في صعدة، لكن هل ضعف علي عبدالله صالح؟ بالتأكيد لا.. قلت: في الحرب الخامسة عبارة وهم حاكموني عليها، قلت لو أن أبناء صعدة ناضلوا سلمياً وتركوا السلاح لكانوا قد أسقطوا علي عبدالله صالح خلال أيام.. لماذا؟ لأن النظام الشمولي الاستبدادي العربي يستطيع أن يعيش في ظل حروب داخلية ولو لعقود من الزمن، هذا النظام لا ينظر إلى قوته من منظار الأمن القومي بل من منظار الأمن الشخصي، فطالما أن الطرف الآخر لا يضره وأن الجنود الذين يُقتلون ليسوا منه فهو يتبع مقولة: “الحجر من القاع والدم من راس القبيلي”!! هذه قالها الرئيس السابق وأنا في سجن الأمن السياسي في الحرب السادسة.
كنت مسجوناً في الأمن السياسي أم في الأمن القومي؟
في الأمن السياسي، أنا لم أدخل الأمن القومي. قال لقناة العربية: إن الحوثي لا يستطيع أن يعوض عناصره لكن نحن نستطيع أن نعوض العسكريين حقنا. كان يوجد استهتار بالدماء اليمنية، علي محسن كان يجند في كل حرب آلاف اليمنيين من جديد وكأنه لا يوجد لدينا جيش، في كل حرب نبدو كما لو أن لنا جيشاً جديداً، في كل حرب لا نعرف عدد الجنود المقتولين ولا الضائعين، حتى الآن لا نعرف هل لهم معاشات أم لا؟ استغلوا بعض الناس الفقراء للقتال في صعدة وهم غير مدربين للقتال ولا يعرفونهن فيقتلون ولا يضعونهم حتى في سجل الوفيات والشهداء، بل كانت بعض الأسر تذهب تبحث عن جثث قتلاها فيقال لهم: هؤلاء هربوا من المعركة، وانضموا للحوثي حتى يتخلصوا من إعلان الوفاة وحى يتخلصوا من توفير المعاش لهم وهذه قمة الحقارة، كانت حرب صعدة ذريعة للتسول بالمال .
الإسلاميون والمستقبل، حديث الخاصة والعامة وهم اليوم يتصدرون المشهد في الوطن العربي كله ومن بينه اليمن وإن كانوا في اليمن بصورة أقل؟
من قال لك إنهم في اليمن أقل؟ في اليمن هو أكثر وبصورة أكثر قسوة.. اذهب إلى أي مؤسسة الآن، واسأل كم تم تغيير المدراء فيها والموظفين؟ واسأل كم عدد الإخوان المسلمين الذين حلوا بدلهم، اذهب إلى أي محكمة.. إلى أي قسم شرطة. إلى أي مؤسسة حكومية إلى الوحدات العسكرية، ستجد أن الإخوان المسلمين يكشفون عن جوع تاريخي لم يكن متوقعا أبدا..
أستاذ محمد لنختصر المسافة وننظر نصيبهم من الوزراء العملية الأهم في التوزيع والمحاصصة، لديهم وزيران في حكومة الوفاق الوطني؟
“يضحك” هم قالوا هذا الكلام للدكتور ياسين سعيد نعمان أثناء اختيار الوزراء، قالوا معنا اثنان أعضاء. والصديق العزيز الأستاذ سعيد ثابت سعيد قال: انظروا إلى عظمة الإصلاح عنده اثنان من الوزراء فقط، وأنت تعرف أن مرشد العرشاني إخوان مسلمين وعضو مجلس شورى الإصلاح، ووزير الداخلية من الإخوان، وكذا وزير التخطيط ووزير التربية والتعليم، وهذه وزارات سيادية كلها وقريب منهم وزير الكهرباء. وأقول لك: علي عبدالله صالح لا يمتلك أيديولوجيا ولا طائفة فإذا ما سقط سقطت جماعته الانتهازية وانحازت مباشرة إلى صاحب القوة ، ومن تم تعيينهم اليوم من وزراء المؤتمر نصفهم ولاؤهم لعلي محسن وللإصلاح.
علي محسن.. علي محسن.. ما هذه العقدة التي يحملها البعض منكم حتى جعلتم علي محسن وكأنه “دراكولا” لماذا هذه المبالغة؟
“يضحك” أنا أستنكر إشغالنا بعلي عبدالله صالح، أنت تقول لي علي محسن، علي محسن، وهؤلاء يرددون: عفاش.. عفاش.. أنا أرى أن عفاش انتهى، وبالمناسبة أنا لا أستخدم لفظة عفاش، أنا أعتبرها محاولة للغة التمايز مع أنه لا شيء فيه، لكن الذين يرددونه يقصدون به التمايز والتحقير، والتفريق بين علي عبدالله صالح وأولاد الأحمر وعلي محسن الأحمر. وكأنهم إذا أخرجوا علي عبدالله صالح من لقب الأحمر سيخرجون هم من الفساد والاستبداد، وهذا غير صحيح.
فضلاً أجبني عن جوابي السابق؟
أنا مشغول اليوم بصاحب السلطة. اليوم علي محسن الأحمر صاحب سلطة.
علي محسن ضابط انتهت صلاحيته اليوم؟
“يضحك” علي محسن قال بعظمة لسانه إنه كان الرجل الأول في السلطة السابقة، وأنا لا أعتبره الرجل الأول من سابق وهذه كذبة كبرى، كان الرجل الثاني فقط وفي بعض القضايا وليس كلها، لكنه أراد أن يوصل رسالة سياسية إلى عبد ربه منصور هادي، ولسان حاله: إذا كنت أنا الرجل الأول في عهد صالح فعلى الأقل أريد أن أكون الرجل الثاني اليوم!! عيب يا أخي تحكم ثلاثة وثلاثين سنة والشعب يحملك على عاتقه، واليوم تريد أن تعود إليه من جديد وقد خرج منتفضاً عليك؟ عيب كبير. حتى بقوانين الأجلين.. بقواعد العرف.. بقواعد الحياة والموت علي محسن من العهد الماضي ويجب أن يكون كذلك وأن يخرج من العهد الجديد لأن حضوره سيكون مهزلة كبرى. يحمدالله على هذا الشعب المسكين الذي لم يدخلهم السجون. تخيل لا يزال غالب القمش رئيساً للجهاز المركزي للأمن السياسي ومنصبه هذا كما كتبت سابقاً في أحد المنشورات أنه أقدم منصب في التاريخ، جاء بمجيئ علي عبدالله صالح ولا يزال باقياً إلى اليوم!! وهذا الجهاز كان يفترض أن يتم إلغاؤه من أول يوم للثورة ومحاكمته. واليوم يتحدثون عن أعداء الثورة! ثورة من؟ نحن ثرنا في وجوهكم يا عالم افهموا.
كيف تنظر إلى ما يعتمل اليوم من صراع بين نخبة صعدة الحوثية من جهة وبين نخبة صنعاء الهاشمية من جهة ثانية؟
أنا عندي دائماً مصطلح أسميه “الهاشمية السياسية” وقد لا تعجب البعض، وهناك نخبة سياسية مهزومة لها علاقة بالمشروع الملكي القديم، وعندها إشكاليات متعددة تريد أن تستخدم الحوثي لتحقيق مآربها، لكن حركة الحوثي حركة جديدة نقية ريفية ثورية، لكني أخشى أن تتلوث بالهاشمية السياسية التي هي جزء من الماضي في صنعاء، أنا أربأ بالحوثي أن ينزلق في هذا المنزلق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.