تاريخ اسرائيل مليء بالمذابح التي دبَّرها ونفذها زعماء العصابات الصهيونية لإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين وإرهاب كل من بقي حياً لكي يفر طلباً للنجاة؛ تاركاً وراءه أرضه وبيته، وهاهم اليوم يكررون نفس أساليبهم البشعة في لبنان وجنوبه. نحتاج أن نعود بذاكرتنا الجمعية قليلاً إلى الوراء، فقد كانت مذبحة «دير ياسين» التي قامت بها عصابتا «إيرجون وشتيرن» تحت قيادة مناحم بيجن واسحاق شامير واحدة من المذابح الفظيعة التي هاجمت فيها العصابتان أهالي قرية دير ياسين العُزَّل في أبريل 1948م وقتلت «254» رجلاً وامرأة وطفلاً، وقطّعت أوصالهم، وألقت بجثث عديدة في بئر القرية، وكوَّمت الجثث الباقية في كومة رهيبة جوار البئر. ومذبحة أخرى تعرض لها أهالي قرية قبية في الضفة الغربية نفذتها فرقة خاصة من فرق الجيش الاسرائيلي تسمى «الفرقة 101» لا تلبس الزي العسكري ولا تستعمل الأسلحة التي يستعملها الجيش؛ هاجمت الفرقة بقيادة شارون القرية في ساعة متأخرة من الليل في أكتوبر 1953م وكان أهل القرية نائمين في منازلهم؛ اقتحم القتلة المنازل وألقوا القنابل اليدوية، داخلها ووضعوا الشحنات الناسفة حولها وانسحبت الفرقة بعد أن قتلت 66 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال وأصابت 75 آخرين بإصابات خطيرة، ونسفت 45 منزلاً.. وادعى الجيش الاسرائيلي بعد المذبحة أنه ليس له علاقة بها؛ وأن من قاموا بها هم مجموعة من المتطرفين. ومذبحة ثالثة حدثت أثناء الاحتلال الاسرائيلي لغزة سنة 1956م، فقد قتلت القوات الاسرائيلية 275 شخصاً في مدينة خان يونس بعد أن هاجمت المنازل بحجة البحث عن السلاح. وفي مذبحة كفر قاسم فرضت السلطات الاسرائيلية حظر تجول على كل السكان العرب، وكان أهالي القرية لا يزالون في الحقول ولايدرون شيئاً عن حظر التجول، وعند عودتهم إلى قريتهم استوقفهم الجنود الاسرائيليون عند مدخل القرية وقتلوا 47 من الرجال والنساء والأطفال بوحشية.. كان ذلك في عام 1956م. كذلك انفضح الدور الاسرائيلي في مذبحة تل الزعتر التي قتل فيها 2000 شهيد من الفلسطينيين عند خروجهم من المخيم عام 1976م، ومذبحة صبرا وشاتيلا التي قتل فيها قرابة 4000 شهيد فلسطيني من النساء والأطفال والشيوخ أثناء اجتياح الجيش الاسرائيلي للبنان عام 1982م. ومذبحة قانا التي قتل فيها قرابة 130 من النساء والأطفال عام 1996م. وعلى القارئ أن يتخيل القصص والتفاصيل في جميع هذه المذابح.. على القارئ أن يتخيل عبارة مثل «كان في المستشفى حوالي ألف مدني عندما عدنا، كانوا قد أخذوا وقتلوا» ألف في عبارة واحدة..!. على القارئ أن يقرأ هذه العبارة آلاف المرات؛ لأن هذه الكلمة الصغيرة تعني ألف إنسان.. ألف حكاية.. ألف مأساة!!. ما نراه الآن.. وما تنقله لنا كاميرات الدنيا وأقمارها الاصطناعية ليس إلا استلهاماً بشعاً لتاريخ اسرائيل في المجازر والمذابح البشعة تجاه أهلنا واخوتنا في لبنان وجنوبه.. ولهذا فإننا نناشد «أصحاب الضمائر الحية» من «العرب» والعالم، وإلى كل الذين يحترمون حياة الإنسان الفرد احترامهم لحياة كل البشر العمل على إيقاف هذا الاعتداء الوحشي وهذه المجازر الفظيعة بحق الإنسانية والحضارة، لم تكن هذه المجازر التي نشاهدها اليوم هي الأولى في تاريخ العرب الحديث، وواجبنا أن نجعلها الأخيرة. لقد هزّت هذه المذابح ضمير كل من سمع بها ورآها في العالم والوطن العربي وحتى داخل المجتمع الصهيوني.. وعلينا أن نواصل التذكير بها.. أن نجعل منها جرحاً في ضمير العالم لا مجرد واقعة في تاريخه. علينا أن نواصل اخبارها إلى كل من لم يسمع بها.. ونذكّر بها كل من سمع عنها وتجمع حولها، كل من تحرك لإدانة مرتكبيها. علينا أن نبصّر الرأي العام الغربي عامة «والأمريكي» خاصة بما جرى، وبضرورة توقيع العقاب على المجرمين. ثم علينا في المقام الأول أن نوصل أخبار مذبحة قانا وتلك المذابح التي سبقتها إلى كل عربي وعربية استصراخاً للهمم، ودعوة لرص الصفوف لكي نمنع جرائم أخرى يجرى تنفيذها والإعداد لها ضد أمتنا العربية. فلنواصل فضح القتلة، ولندمغ بالجريمة قادة الكيان الصهيوني الغاصب ومن أمدّهم بالسلاح والأموال، ومن أعطاهم غطاءً سياسياً وشرعياً بفتاويه التي تحل دم الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين وكذلك من شاركهم في تنفيذ مذابحهم البربرية. ولنطلب ممن يريد البراءة أن يثبت براءته.. أن يسهم في عقاب القتلة، وأن يشارك «قولاًً» وفعلاً في دعم أصحاب الحق.. في دعم حق الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني في الحياة الحرة الكريمة واسترداد أرضه المغتصبة والسليبة.